عاجل: ترامب يعلن عن ضربات جوية أمريكية "ناجحة جداً" ضد منشآت نووية إيرانية    تل أبيب تبارك القصف الأمريكي لإيران وتؤكد ان التنسيق كان على أعلى مستوى    نتنياهو بعد ضرب إيران: ترامب غيّر مجرى التاريخ    توتر عالمي بعد قصف أميركي .. كيف سترد إيران؟    ترامب يعلن ضرب 3 مواقع نووية إيرانية وتدمير موقع فوردو    الولايات الأمركية تدخل الحرب.. ترمب يعلن ضرب مواقع نووية في إيران ويصف الهجوم ب"الناجح جدا"    لحسن السعدي: الشباب يحتلون مكانة مهمة في حزب "التجمع" وأخنوش نموذج ملهم    ترامب يُعلن استهداف مواقع نووية إيرانية بينها فوردو.. ويؤكد: "الهجوم تم بنجاح.. والوقت الآن للسلام"    نشرة خاصة: زخات رعدية وطقس حار من السبت إلى الأربعاء بعدد من مناطق المغرب    زخات رعدية اليوم السبت وطقس حار من السبت إلى الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    الحكم على الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي !!    تأمين إمدادات مياه الشرب لتطوان وساحلها من سد الشريف الإدريسي    عملية "مرحبا 2025" تُسجل عبورا سلسا للجالية عبر طنجة وسبتة في انتظار أيام الذروة    عارضة أزياء : لامين يامال أرسل لي 1000 رسالة يدعوني لزيارة منزله    أولمبيك آسفي يبلغ نهائي كأس العرش بعد فوزه على اتحاد تواركة    انطلاق تشغيل مشروع مهم لنقل الماء الصالح للشرب بين مدينة تطوان ومنطقتها الساحلية    أخنوش: نجحنا في خفض التضخم ونواصل ضبط التوازنات الماكرو اقتصادية    لقاء دولي في الداخلة يناقش التكامل بين التربية الإعلامية وصحافة الجودة (صور)    تكريم الناخب الوطني وليد الركراكي في مؤتمر المدربين الدولي بمدريد    شحنة "حشيش" طافية تستنفر مصالح الدرك البحري قبالة سواحل الحسيمة    كورال نساء طنجيس يحيي سهرة فنية كبرى بطنجة يخصص جزء من مداخليها لفائدة المركز الاجتماعي الزياتن    موازين 2025.. زياد برجي يشيد بالأغنية المغربية كنموذج للإبداع والتنوع    عضة كلب شرس ترسل فتاة في مقتبل العمر إلى قسم المستعجلات بالعرائش وسط غياب مقلق لمصل السعار        عرض أوبرا صينية يُبهر جمهور مكناس في أمسية ثقافية مميزة    المدير العام لنادي مالقة الإسباني لكرة القدم: أكاديمية محمد السادس حاضنة للتميز في خدمة الكرة المغربية    مونديال الأندية.. الوداد ينهي تحضيراته لمواجهة يوفنتوس غدا الأحد    صحافية إسبانية استقصائية تفضح انتهاكات البوليساريو وسرقة المساعدات في تندوف    مهرجان كناوة .. منصة مولاي الحسن على إيقاع حوار الكمبري والعود والأفروبيتس    من العيون.. ولد الرشيد: الأقاليم الجنوبية، منذ المسيرة الخضراء، عرفت تحولات كبرى على كافة المستويات    روبي تشعل منصة موازين بالرباط بأغانيها الشبابية    الوزير السكوري يعفي مديرة "لانابيك" بعد 14 شهرا على تعيينها    اتصالات المغرب تستثمر 370 مليار لتطوير الأنترنت في مالي وتشاد    هزة أرضية جديدة ببحر البوران قبالة سواحل الريف    إعلامي مكسيكي بارز : الأقاليم الجنوبية تتعرض لحملات تضليل ممنهجة.. والواقع بالداخلة يكشف زيفها    حفل "روبي" بموازين يثير الانتقادات    العاصمة الرباط تطلق مشروع مراحيض عمومية ذكية ب 20 مليون درهم        اعتقال 10 متورطين في شبكة مخدرات بالناظور    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المؤتمر الدائم للغرف الإفريقية والفرنكوفونية    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    الترجي يسجل أول فوز عربي وتشيلسي ينحني أمام فلامينغو وبايرن يعبر بشق الأنفس    نادية فتاح تتوَّج كأفضل وزيرة مالية في إفريقيا لعام 2025: المغرب يواصل ريادته في التنمية القارية    البنك الأوروبي يقرض 25 مليون دولار لتطوير منجم بومدين جنوب المغرب    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    تراجع أسعار الفائدة قصيرة المدى في سوق السندات الأولية وفق مركز أبحاث    الفيفا يعلن آخر التعديلات على قانون كرة القدم .. رسميا    بين الركراكي والكان .. أسرار لا تُروى الآن    حرب الماء آتية    توظيف مالي لمبلغ 1,72 مليار درهم من فائض الخزينة    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناقشة الدكتور سعد الدين العثماني حول مقاله الأخير الزلازل والكوارث ابتلاء أم عقوبة؟
نشر في أكادير 24 يوم 13 - 06 - 2023

يذهب الدكتور سعد الدين العثماني إلى أن الكوارث الطبيعية تجري وفق سنن وقوانين فيزيائية علمية أو وفق سنن اجتماعية إذا خالفها الفرد أو الجماعة حلت به المصائب ليس بسبب معصيته ولكن بسبب جهله أو تعمده مخالفة تلك القوانين التي بثها الله في الكون..
الملاحظة الجوهرية والتي لاشك عدد من القراء سيخالفون الدكتور سعد بصددها كون فضيلته يحصر المصائب في مخالفة الفرد أو المجتمع لسنن إلهية كونية اجتماعية فيترتب عن تلك المخالفات مفاسد تؤدي لحلول تلك المصائب جزاء بما كسبت أيدي الناس؛ بحيث يمكن للخبير أو العالم بالسنن الكونية والاجتماعية إدراك تلك العلاقة السببية وتجنبها أو استثمارها لصالحه..
وهذا غير مسلم..
فالعقاب الذي نزل بعاد وثمود وقوم لوط وقوم شعيب ما كان لهم تفاديه إلا بطاعة رسلهم؛ والعلاقة بين الطاعة وتفادي الكوارث خفية من الغيب الذي لا يعرف إلا بالوحي شأنها في ذلك شأن البركة في الرزق التي تكون مع الطاعة..قال تعالى في شأن أهل الكتاب (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ)
وحكى عن النبي نوح عليه السلام مخاطبا قومه ({فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل أنهارا)
فهذا موضع النزاع مع من يخالف في كون الزلازل والكوارث وإن كانت لها أسباب معلومة جيولوجيا فقد تكون لها أيضا أسباب غيبية تتعلق بالفساد الأخلاقي أو مخالفة الأوامر الشرعية..
القرآن مليء بهذا وأيضا السنة..
أعني ربط المصائب الفردية والجماعية بالمصائب وكونها عقوبات يمكن تفاديها ليس بمعرفة القانون العلمي لها فحسب، ولكن بالتسليم للأمر والنهي..
وهي علاقة غيبية لا تدرك إلا بالوحي..
ولهذا سنسميها في هذا المقال ب"السنن الغيبية" فهي سنن لأنها مطردة تتكرر، وهي غيبية لأنه لا سبيل للعقل إلى إدراكها إلا بالوحي..
من أمثلة هذه الأسباب الغيبية التي لا تدرك إلا بالوحي ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم (يا مَعْشَرَ المهاجرينَ ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ : لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا ، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم ، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا ، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم ، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم ، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم) صحيح الجامع
ومما نوافق عليه فضيلة الدكتور ما يلي:
– نعم إذا خالف المطيع لربه السنن الكونية وقوانين الطبيعة لحقه الأذى والمصائب أيضا، فهذا لا خلاف حوله بين العقلاء..كمن رام القفز من أعلى متجاهلا قانون الجاذبية فلابد أن تصيبه كسور..
– أيضا مما لا خلاف حوله أن رقي الأمم وتقدم الشعوب رهين باحترام قوانين الطبيعة وسنن الاجتماع وتوظيفها في التحضر وتحقيق الرخاء..
– أيضا نوافق الدكتور على أن زمن المعجزات انتهى بختم النبوة..
لكن هو يطرد هذا المعنى في العقوبات الإلهية التي نزلت بالأقوام التي عصت رسلها..وهنا موضع النزاع مع فضيلته؛ فالله تعالى لما قص علينا من خبر تلك الأقوام فبقصد أن نأخذ العبرة مما حل بهم؛ قال سبحانه (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) وقال أيضا عقب خبره عما حل بيهود المدينة زمن النبي الخاتم في سورة الحشر (فاعتبروا يا أولي الألباب) بمعنى إذا أنتم حصل منكم مثل عصيانهم حل بكم ما حل بهم جزاء وفاقا..
جميع العلماء من عهد الصحابة إلى اليوم يومنون ان الناس قد يؤخذون بذنوبهم في الدنيا كما تفيده النصوص المتواترة غير انهم لا ينزلونها على معين فلا يقولون لمن مات غرقا او هدما هلك بذنبه وإنما يقولون الذنوب أسباب للابتلاء بلا تعيين؛ فيومنون بان الذنب سبب والسنن الكونية سبب والشيء الواحد قد يقع بأسباب متعددة والاسباب لا تتناقض فيما بينها بل تتداخل وتتكامل..
لكن لابد هنا من بيان شرط نزول العقوبات الإلهية، وهو تحقيق شرط البلاغ وإقامة الحجة لقوله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وقوله سبحانه (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ)..
نحن نؤمن أن ما نزل بقوم لوط عليه السلام على سبيل المثال ليس خاصا بقرية سدوم بل كلما اختل نظام الأسرة بحيث اكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء نزلت العقوبة بأهل تلك القرية؛ ثم ينجي الله الذين ينهون عن السوء..
– أما استثمار المعرفة البشرية لفهم الظواهر والوقاية منها والتخفيف من آثارها فهذا مما لا خلاف حوله وأيضا ما كان من إدراك لسنن الاجتماع والرقي الحضاري فإن للعقل مجالا واسعا لاكتشافها وحسن التعامل معها..
ولعل الدكتور سعد الدين العثماني قصده تأسيس العقلية العلمية لدى جيل الصحوة الإسلامية شأنه في ذلك شأن رواد النهضة وهم يلحظون التقدم الهائل الذي تحققه الدول الغربية بسبب احترامها لتلك القوانين والسنن بعد اكتشافها وتوظيفها لخدمة البشرية تقدما وازدهارا..
لكن هذا القصد النبيل لا يجوز أن يدفعنا لتجاهل السنن الغيبية التي لا تعرف إلا بالوحي ولا التعسف في تأويلها..
العقل المسلم هو عقل علمي مسدد بالوحي، بينما العقل الخرافي هو الذي يوسع دائرة التلقي عن الغيب خارج الكتاب والسنة؛ فيتلقى عن الرؤى والهواتف، وحدثني قلبي عن ربي، والتقيت الخضر..!إلخ
فهذا التوسع في مصادر التلقي للغيبيات هو غذاء العقلية الخرافية؛ أما الوحي قرآنا وسنة فهو معصوم..
والعقلية الخرافية ازدهرت مع الطرق الصوفية وكانت إحدى معاول الهدم في البناء الحضاري الذي شيده علماء الإسلام وخلفاؤه على مر التاريخ..
فلما جاء رواد النهضة بالغوا في نقد تلك العقلية الخرافية حتى زاحموا الوحي المعصوم أحيانا..!
والخلاصة أن الكوارث والمصائب قد تكون بسبب مخالفة السنن الكونية وقد تكون بسبب مخالفة السنن الشرعية أوأيضا بسبب مخالفة ما أسميناه في هذا المقال بالسنن الغيبية التي لا تدرك إلا بالتأمل في القصص القرآني..
التوسط والاعتدال بين النظر في الأسباب والسنن الكونية وقوانين الاجتماع من جهة والنظر للسنن الغيبية من جهة ثانية هو المسلك الأسلم في فهم القصد من حلول المصائب والكوارث..
والخلل في هذا التوازن حصل في تاريخنا وثقافتنا قديما وحديثا؛ فقوم نظروا في عالم الأسباب وحدها دون الالتفات لما وراءها من دروس وعبر ومقاصد؛ وقوم ألغوا الأسباب وتواكلوا ظنا منهم أن تركها من كمال التوكل..!!
والموفق من وازن بين الأمرين..
والله تعالى أعلى وأحكم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.