هلال: التزام المغرب بالتصدي لخطاب الكراهية ثابت وراسخ    تحذيرات من الداخلية لرؤساء الجماعات بسبب تعثر مصالح المواطنين    نشرة إنذارية: زخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    افتتاح القنصلية العامة للمغرب بميامي    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    بعد 4 أيام من تعيينه.. إسرائيل تغتال رئيس هيئة أركان الحرب الإيراني الجديد    جدل بين الأندية يدفع نحو تأجيل انطلاق البطولة الاحترافية    برشلونة يعزز تصنيفه الائتماني ويترقب زيادة إيراداته بعد العودة إلى كامب نو        الأمير مولاي رشيد يترأس الجمع العام الاستثنائي للجامعة الملكية المغربية للغولف    الإمارات تجدد دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي    توقيف فرنسيان حاولا تهريب 79 كيلوغراما من الحشيش عبر باب سبتة    المحكمة تصدر حكمها في قضية المهداوي يوم 30 يونيو ودفاع وهبي يطالب بتعويض بمليار سنتيم        توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    ارتفاع أسعار النفط بنحو 2 بالمائة في الأسواق العالمية    الذهب يرتفع مجددًا بفعل تنامي الطلب وتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة    وليد الركراكي.. بين فورة الغضب ومتطلبات البناء الوطني    مايس... الرابور الفرنسي يُشعل المنصات برسالة قوية دفاعًا عن مغربية الصحراء    مجموعة السبع تؤكد على"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وتعارض امتلاك إيران لسلاح نووي    ليس بينها المغرب.. 20 دولة عربية وإسلامية تدين العدوان الإسرائيلي على إيران وتحذر من التصعيد    احتجاجات مرتقبة لموظفي التعليم العالي بسبب تعثر المصادقة على النظام الأساسي    د محمد صبري : الصيدلة دعامة أساسية في الرعاية الصحية القريبة من المواطن..    جهة الدار البيضاء – سطات بصدد إحداث 28 محطة لتحلية المياه    تطوان تحتفي بعبق الموسيقى التراثية في أول ملتقى جهوي يحتفي بعبد الصادق شقارة    أعمدة كهربائية تُشوّه جمالية شوارع مدينة الجديدة: محمد الرافعي وإبراهيم الروداني في الواجهة .    إيران والجزائر... محور الاضطراب الذي يؤجج بؤر التوتر في العالمين العربي والإفريقي    باريس وبرلين ولندن تحض طهران على التفاوض "بأسرع ما يمكن بدون شروط مسبقة" (مصدر دبلوماسي)    "نقاش الأحرار".. برادة يكشف جهود الحكومة لرفع أعداد "مدارس الريادة" والحد من الهدر المدرسي    ثنائية فلامنغو تهزم الترجي التونسي    طنجة.. الإطاحة بلص خطير متورط في 16 سرقة قرب الكورنيش    ترامب يضع إيران أمام خيارين أحلاهما مرّ    لجنة ال24/الصحراء.. غواتيمالا تجدد تأكيد دعمها لحل سياسي في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية    حزب الله يدين استهداف إعلام إيران    قائمة شركات طيران علقت رحلاتها جراء التصعيد بين إسرائيل وإيران    موعد مباراتي نصف نهائي كأس العرش    المغربي هاروان رِيد يعرض أعماله في دار سوذبيز ببروكسل ضمن مؤتمر المغرب: فرصة استثمارية استراتيجية وأسلوب حياة فريد    أكادير تحتضن أشغال المنتدى الدولي حول التدبير المستدام للمجال الغابوي    السينما والتاريخ شعار الدورة الثانية لأيام وزان السينمائية    نادي برشلونة يقرر إلغاء المباراة الودية بالدار البيضاء قبل انطلاق الموسم    الأحمر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    وزيرة المالية: لا غلاء في المغرب.. وملف التقاعد لا يحتمل المزايدة السياسية    "الجغرافيا الجديدة" بأكاديمية المملكة    جراحات جبل "طوبقال" القديمة    فرجة "دراغون" تلقى الإقبال في أمريكا الشمالية    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    في أول لقاء مع جمهوره المغربي.. ديستانكت يكشف ألبومه العالمي وسط تفاعل صاخب    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة إكتضاض السجون بالمغرب، وإستشراف طرق بديلة للعقوبات السالبة للحرية.
نشر في أكادير 24 يوم 18 - 00 - 2024

في محاولة منا لرصد ظاهرة إكتضاض السجون بالمغرب وإستشراف طرق بديلة للعقوبات السالبة للحرية
تحديات جسام أمام محاولة للبحث و رصد أوضاع السجون بالمغرب ، و ما تعرفه من إكتضاض أرهق الجهات الوصية والمشرفة عنها، كما إرتبط إستشراف حلوله ،خاصة مسألة ترشيد الإعتقال الإحتياطي ، باهتمام دائم للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ، والهيئات الحقوقية وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية ، وما توفره من تقارير موضوعاتية خاصة المكلفة منها بالحماية.
انشغالات يتقاطع فيها القانوني و الحقوقي الإنساني ومدى إنعكاس هذا الوضع غير النسبوق للسجون بالمغرب على السياسة
الجنائية المتبعة في محاربة الإجرام والبحث عن طرق بديلة للعقوبة الحبسية، بما يضمن إعادة تأهيله الجناة و إدماجهم في المجتمع ،فهناك مقولة مشهورة مفادها أن : "الشخص الذي يدخل السجن ليس هو نفسه الذي يخرج منه".
لا شك أن علاج الظاهرة الإجرامة وتحقيق العدالة والنجاعة القضائية ضرورة قائمة، وقد يبدو من السذاجة الحلم بعالم بلا سجون ، لكن في ضل المتغيرات والتطور الذي تعرفه المجتمعات والوعي البشري ، لا بد من الاستفادة من التجارب القضائية المقارنة في العديد من الدول للوصول إلى وسائل إصلاحية أكثر من عقابية تؤدي الغرض منها ، لكنها تحافظ في الوقت نفسه على إنسانية الإنسان .إنه أمر يسائل السياسة الجنائية المتبعة ببلادنا و دور العقوبة الحبسية في التهديب والإصلاح ، مع وجوب إقرار آليات جديدة في العمل القضائي الزجري ، خاصة التجنيح القضائي وترشيد التحقيق الإعدادي، و منح هيئات الحكم سلطة التكييف في الجنح، مع مراجعة مقتضيات المسطرة الغيابية، وإعتماد الوسائل العلمية والتقنية في الإجراءات ، وتطوير وتقوية آليات مكافحة الجريمة، والتأكيد على وجوب تقليص مدد رد الاعتبار وفاعليته
الى جانب ما أثرنا من ضرورة الترشيد الفعلي للإعتقال الإحتياطي بالأساس ، في ضل توفر وسلئل بديلة للمتابعة في حالة سراح وإمكانية الوضع تحت المراقبة القضائية او ربط السراح بكفالة مالية ، أو كل إجراء مسطري يضمن لقاضي التحقيق وللنيابة العامة مباشرة إجراءاتهما دون اللجوء للإعتقال الإحتياطي ،فضلا على أن المحكمة بإمكانها وطبقا لما تعرفه مسودة القانون الجنائي من نقاش ، من جعل مكان واسع للأعذار القانونية سواء المعفية من العقاب أو المخففة له، كظروف الجاني الاجتماعية والصحية والاقتصادية إلى جانب شخصية المتهم و مدى خطورة فعله الجرمي .
إن التأكيد على ضرورة منح المحكمة صلاحية التوقيف الجزئي للعقوبات السجنية التي لا تتجاوز عشر سنوات أصبح ضرورا ، وذلك دون أن تنزل عن نصف العقوبة المحكوم بها، وهذا ما نجدهفي المادة 55 من مسودة قانون المسطرةالجنائية.
وإلى جانب تكريس العقوبة كمبدأ جنائي شرعي، نجد أهم معطى، وهو المتصل بنظرية الجمع بين العقوبة والتدبير الوقائي من طرف القاضي الجنائي، والتأكيدا على أن ضمان الزجر و الردع بوسائل بديلة لحل النزاعات امام سلطة الإتهام وقبل المتابعة ، فقد جاءت ذات المسودة للتأكيد على أن الصلح أو التنازل عن الشكاية في الحالات المحددة يضع حدا لتنفيذ العقوبة والتدابير الشخصية، دون العينية المادتان 102/1 و102/2منها.
ناهيك عن ضرورة العمل على تقليص الفوارق بين الحدين الأقصى والأدنى للعقوبة لضبط السلطة التقديرية للقاضي.
فالسلطة القضائية اليوم ومع الاحصائيات المهولة للوضع
اللاإنساني والكارتي وما وفرته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج وهي المؤسسة المسؤولة عن السجون في المغرب منذ 2008، وكذلك رئاسة النيابة العامة ، وما يقف عليه المجلس الوطني لحقوق الانسان و لجانه الحهوية من تقارير وتتبع لوضعية السجون، أمر أصبح معه القضاء الزجري مطالب بتفعيل الضمانات التي يمنحها المتهمون المتابعون أمام النيابة العامة أو دفاعهم، منها الضمانات الشخصية والكفالات المالية مع مراعاة وضعيتهم الاجتماعية، قصد المتابعة في حالة سراح بوضع معايير خاصة وضوابط فعالة تناسب كل متهم على حدى وخطورة فعله وتجاوز ما يستلزم من وقت كاف لكثرة وضغط الملفات واستكمال الإجراءات المرتبطة بها احترامي لمبدأ قدسية البراءة .
إن العقوبات السالبة للحرية تحتل الصدارة ضمن جل التشريعات الجنائية الحديثة ، لكن ارتفاع معدلات الحربمة خاصة المرتكبة منها في حالة العود أصبح يتير إشكالية قصور وفشل النظام العقابي و صار لزاما البحث عن طرق بديلة لإصالح وإعادة الإدماج داخل المجتمع .
ويحسب للمشرع المغربي كأحد التشريعات الدولية المتطورة إقراره لبدائل الدعوى العمومية بشكل فعال: كالصلح الزجري المادة 41 والسند التنفيذي في المخالفات المادة 375 والأمر القضائي في الجنح المادة 383 وكذا إيقاف سير الدعوى العمومية 372،
وأيضا تعديل ما جاء به مشروع قانون المسطرة الجنائية بالرفع من حدود الأخذ بكل هاته البدائل، قياسا على ما تنهجه الدول الأوروبية، وأيضا ذات النظام الأنجلوساكسوني كتجارب رائدة، لما له من آثار إيجابية لتصريف العدالة وتحقيق غاياتها، إضافة للسند التنفيذي الإداري الذي أكده المشروع في المواد من 3-382 إلى 1-382
و فيما تعلق بالأحداث والقواعد الخاصة، وتفعيل دور المؤسسات المتصلة بأصناف الأحداث، وتأكيد عملها لدى كافة المتدخلين، خصوصا الحرية المحروسة وتفعيل تدابير المراقبة والحماية بكافة الفاعلين سواء الضابطة القضائية والأجهزة الصحية أو المؤسساتية الإصلاحية وكل المعنيين بإقرار المصلحة الفضلى للفئات الهشة.قبل الحديث عن اهمية العقوبات البديلة في تطوير السياسة الجنائية وكذلك في إعادة النظر في مفهوم العقوبة وتقليل من السالبة للحرية منها ،لابد أن نقف على ضرورة العمل على تقليص المدد في كل من الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي التأكيد على استثنائيتهما وأن الأصل هو المتابعة في حالة السراح ، ووضع معايير ناظمة لتحديد سلطة الملاءمة التي هي بيد النيابة العامة المادتين 40/49 . ضرورة العمل على تكملة نصوص مشروع قانون المسطرة الجنائية فيما تعلق بالعقوبات البديلة والإسراع في تبنيها كالعمل لأجل المنفعة العامة والغرامة اليومية، فنجد المشرع المغربي اعتمد في مشروع القانون رقم 43/22 مجموعة من العقوبات البديلة، تعزيزا للمنظومة العقابية في المغرب ورغبة في استخلاص النظام العقابي الفريد الذي يضفي على تشريعنا الجنائي صبغته القوية.
إن مجرد استطلاعنا التنصيص الجديد الذي قدمه مشروع هذا القانون، نجد ضمن مواده مفهوم جديد منصوص عليه بصيغة صريحة لعقوبات لم تكن من قبل، وتتمثل اهمها في "العمل لأجل المنفعة العامة، الغرامة اليومية، فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية".
ونرى انها خطوة مهمة لمعالجة ما تعرفه المؤسسات السجنية من اكتضاض و تخفيف عبئ الدولة المالي الذي يتطلبه الانفاق على المؤسسات السجنية؟ ومدى إعتبارها خيارا قضائيا ناجحا في اختيار العقوبة المناسبة للفعل كعقوبة بديلة ستجل المحكوم بها يتعض ويندم على جرمه دون عود ؟، أم أن المجتمع المغربي في حاجة ماسة إلى إصلاح اجتماعي واقتصادي يشمل كل فئاته وليس لمجرد قواعد قانونية وإجراءات مسطرية يمكنها الحد من الجريمة ومن إكتضاض السجون .
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.