الولاية مقرونة بالكرامات والكشوفات الولاية (بفتح الواو) لغة هي الموالاة والنصرة و(بكسر الواو) هي الامارة. وردت كلمة (ولي) في العديد من المصادر لتدل على معاني القرب والمحبة والنصرة والسلطان والولاية. اما في الاصطلاح الشرعي فتعني مرتبة في الدين عظيمة لا يبلغها الا المؤمن التقي، وقد قيل ان الولي سمي وليا من موالاته للطاعات اي متابعته لها وقال ابن تيمية في (مجموع الفتاوي) "الولاية هي الايمان والتقوى المتضمنة للتقرب بالفرائض والنوافل" والاولياء يعتبرون اولياء الله " بصفاتهم وافعالهم واحوالهم التي دل عليها الكتاب والسنة ويعرفون بنور الايمان والقرآن وبحقائق الايمان الباطنة وشرائع الاسلام الظاهرة" وقال عنهم ابن حجر في (فتح الباري) " المراد بولي الله العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته" وعن كرامات الاولياء وكشوفاتهم يقول اين تيمية انه لا يجوز ان يضن ان كل من كان له شيء من هذه "الكرامات" انه (ولي لله) بل يعتبر اولياء الله بصفاتهم وافعالهم واحوالهم التي دل عليها الكتاب والسنة. وانقسم العلماء والفقهاء وحتى الناس حول كرامات الاولياء الى ثلاث فئات: * – المغالون في الاعتقاد بالكرامات حتى زعموا ان كل خارق للعادة هو من باب الكرامة دون الالتفات الى حال الشخص من تقوى الله تعالى واتباعه للنبي (ص) وادعوا باسم الولاية عصمة الولي ورفعوا مرتبة الاولياء الى منزلة فوق منزلتهم ويعتقد هؤلاء الغلاة ان الولي يعلم الغيب ويدبر امر العالم ويتصرف في الكون بما يشاء الى غير ذلك من الامور التي هي من خصائص الله تعالى. * – المنكرون الذين انكروا وكذبوا بكرامات الاولياء وزعموا ان كل ما يذكر من ذلك ما هو الا من قبيل الشعوذة والدجل بل انكروا ما هو ثابت في الكتاب والسنة من الكرامات الصحيحة(غلاة المعتزلة). * – اما الصنف الثالث واغلبهم من اهل السنة والجماعة كان موقفهم وسطا اعترفوا بكرامات الاولياء واثبتوا ما اثبته الكتاب والسنة الصحيحة من وجود ووقوع كرامات للأولياء لكن لم يغالوا في اصحابها ولم يتعلقوا بهم من دون الله عز وجل.. وفي رايهم ليس كل امر خارق وقع لإنسان يعتبر كرامة اوانه ولي من اولياء الله بل لابد ان يكون هذا الامر موافقا للكتاب والسنة وان يكون من وقع عليه هذا الامر الخارق مؤمنا وثقيا. ان كرامة الاولياء ثابتة عند اهل السنة والجماعة والكرامات هي حق وهي خوارق العادات التي يخلقها الله لبعض اوليائه اما لحجة به او لإقامة الحجة على العدو لنصرة الدين واقامة امر الله. والكرامات هي من الاشياء التي يؤمن بها اهل الصوفية بشدة وتعني لديهم القدرة على فعل اشياء تصعب على الاشخاص العاديين نظرا لقوة ايمان الاولياء والصلحاء وهي من الله مشيئة وفضلا… يقول صاحب نفائس اللئالي ونتائج الفكر العالي – الفقيه الازاريفي – انه (لا ينكر كرامات الاولياء الا من اعمى الله بصيرته او جاحد الحق واهل الحق ) ويقول البصيري في نفس الشأن: والكرامات منهم معجزات نالها من نوالك الاصفياء وتنكر فرقة المعتزلة الكرامات والكشوفات قائلين انه لو جاز وقوع الخارق على يد الولي لعجز الناس عن الفرق بينه وبين معجزات النبي، لكن رد عليهم صاحب نفائس اللئالي ان المعجزة هو الخارق الذي يظهر عند دعوى النبوة ويتحدى به النبي بخلاف الكرامة من الولي فلا يمكن معها ادعاء النبوة ولا يتحدى بها الولي، وجاء في يواقيت الشعراني وجواهره ان الفرق بين المعجزة والكرامة هو ان الكرامة لا يجب على الولي ان يتحدى بها بل يجب عليه اخفاؤها ما امكن الا لضرورة او اذن او حال او لتقوية المريدين في حين ان المعجزة يجب إظهارها والتحدي بها وتزخر الذاكرة الشعبية الجماعية في سوس وفي المغرب كافة بتراث شفوي مروي ومدون عن الاولياء، تاريخهم وكراماتهم وطقوسهم، كما تزخر ثقافتنا الشعبية بتراث حكائي واسطوري عن الاولياء ذوي الكرامات و(البركة) وتحظى اضرحتهم بقداسة تمزج الديني بالأسطوري وقد تحدث الباحث السوسيولوجي المغربي بول باسكون عن عشرات الالاف من اضرحة الاولياء المبثوثة في جميع جهات المغرب حتى سمي ب(بلد المئة الف ولي ولي) يلجا اليها الناس للتبرك او طلبا للتشفع والمعونة من صاحب الضريح الذي ينظر اليه الناس باعتباره وليا من اولياء الله وصاحب كرامات يعالج كل الامراض الجسمية والنفسية والعقلية والروحية ويجلب الرزق والزواج والاولاد ويمنع الحسد ويجلب المحبة ويبطل السحر ويزيل (الثقاف) ويعالج الصرع … وفي الكثير من الدراسات الانتروبولوجية يركز الباحثون على دور الاولياء في الوساطة بين الافراد والقبائل فيفرضون السلم ويمنعون الحرب ويحظون بقيمة رمزية لان سلطتهم تقوم على (البركة) وهي قوة خارقة – من مصدر الهي- ولا ينازع احد عن ادوارهم الاجتماعية والسياسية والروحية حتى ان اضرحة وقبور الاولياء وبيوتهم وزواياهم تحولت الى مزارات "مقدسة" يحج اليها المتحاربون والمتخاصمون والمضطهدون والمرضى والمستضعفون واكابر القوم واعيان القبائل والقواد ورجال المخزن ..كلهم كان لهم مقام واحترام في هذه الاماكن الخاصة المسيجة بالقداسة والخشوع الروحي. ونظرا للقيمة الروحية والرمزية لهذه الاماكن فانه يحرم فيها القتال والنزال والخصام ويحرم فيها التواطؤ والخيانة والاحتيال ولذا تشيد بجوارها المخازن (اكودار) والمدارس القرآنية كما تقام بجوار اضرحة هؤلاء الاولياء الاسواق والمواسم وتعبد المسالك والطرقات على جنباتها حتى تمر كل التعاقدات والمعاهدات والمعاملات في ظروف ملائمة ومسايرة للأعراف والتقاليد المتوارثة شرعا وعرفا.