انتشر الاستثمار في "الفرانشايز" (الامتياز التجاري) بشكل كبير في المغرب خلال السنوات الأخيرة، حتى أصبح هذا التوجه بمثابة "موضة"، جرت العديد من الأشخاص نحو الهلاك وكبدتهم خسائر فادحة. وخلال العقد الأخير، اندفع العديد من الأشخاص لفتح فروع لمطاعم عالمية أو منتجات مشهورة، على أمل تحقيق أرباح سريعة، متأثرين بالفكرة التي كانت تروج لها شركات "الفرانشايز" بخصوص "العلامة التجارية العالمية تبيع نفسها بنفسها"، ما دفع العديد من المستثمرين للاقتراض وفتح مشاريع دون دراسة السوق، قبل أن يصطدموا بواقع مغاير لما كانوا يطمحون له. وفي بعض مدن المملكة، خصوصا المتوسطة، لم يستطع هؤلاء المستثمرون تحقيق الأرباح المرجوة، إذ قوبلوا بطلب غير كاف على علاماتهم التجارية، ما أدى إلى إغلاق بعض الفروع بعد شهور فقط من افتتاحها. وإلى جانب ذلك، واجه هؤلاء مشاكل أخرى مرتبطة بالتكاليف العالية للعلامة التجارية والإيجار والمواد المستوردة، ما صعب تحقيق أرباح مستدامة، في ظل منافسة شرسة مع مشاريع مغربية بأسعار أقل. تأثير وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير في تعزيز "موضة" الاستثمار في مجالات معينة، إذ أصبحت منصة رئيسية لنشر المعلومات والترويج للفرص الاستثمارية. وتساهم المحتويات المنشورة بهذه المواقع في الترويج لقطاعات معينة باعتبارها مربحة وواعدة، ما دفع العديد من المستثمرين، خاصة الجدد، إلى التوجه نحو هذه المجالات دون دراسة معمقة. وعلى سبيل المثال، شهد المغرب في السنوات الأخيرة ترويجا واسعا عبر وسائل التواصل الاجتماعي للاستثمار في العقارات الفاخرة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير واقعي، قبل أن يتراجع الطلب، تاركا العديد من المستثمرين عالقين بعقارات يصعب بيعها بدون خسارة. وواجه العديد من الفلاحين بدورهم سيناريو مماثلا، حيث جذبت طفرة "الأفوكادو" واللوز باحثين عن الربح السريع، لكن ندرة المياه وارتفاع التكاليف أضرا بالمردودية، وأفقدا هكتارات من المزروعات ربحيتها. عوامل فشل المشاريع تقف العديد من العوامل وراء فشل المشاريع والاستثمارات حديثة النشأة، أبرزها التقليد الأعمى، إذ يقوم المستثمرون باستنساخ مشاريع ناجحة بالخارج دون دراسة جدوى حقيقية أو فهم للسوق المستهدف، ما يؤدي غالبا إلى دخول السوق بمنتجات أو خدمات لا تلبي احتياجات الزبائن. وإلى جانب ذلك، يعد نقص المعلومات الحيوية عاملا آخر مهما في فشل المشاريع، ذلك أن عدم توفر معلومات كافية حول السوق، والمنافسين، واحتياجات الزبائن يجعل من الصعب على المستثمرين اتخاذ قرارات صائبة. ومن جهة أخرى، يعد سوء تخصيص الميزانية من العوامل الحاسمة التي قد تسرع فشل المشاريع، إضافة إلى بعض التحديات القانونية والإدارية التي تمثل عقبة رئيسية أمام المستثمرين، خاصة في القطاع الصناعي، من قبيل البطء في الإجراءات الإدارية، وتعقيد المساطر المتعلقة بالحصول على التراخيص والتصاريح اللازمة. خطوات عقلانية ومدروسة من أجل تجنب السقوط في فخ "الموضة" الاستثمارية الذي يتربص بالعديد من المستثمرين، دعا خبراء اقتصاديون ومتخصصون في تسيير المقاولات، إلى وجوب اتباع نهج عقلاني ومدروس، يمر عبر إجراء دراسة معمقة للسوق لفهم مستوى الطلب ومدى توفر عوامل الإنتاج، ما يضمن اتخاذ قرارات استثمارية قائمة على معطيات واقعية وليس على توقعات. وإلى جانب ذلك، أكد هؤلاء على ضرورة الحذر من "الدعاية" التجارية والإعلانات المضللة التي تهدف إلى خلق وهم الربح السريع، مع التركيز على الاستثمار المستدام الذي يحقق قيمة حقيقية على المدى الطويل، سواء من حيث الابتكار أو التأثير الاجتماعي والبيئي.