تُشير مؤشرات علمية حديثة إلى اقتراب نهاية ظاهرة "لا نينيا" المناخية، وهي الظاهرة التي ارتبطت، خلال السنوات الأخيرة، بفترات من الجفاف وتراجع كبير في التساقطات المطرية بعدة مناطق حول العالم، من بينها المغرب. التحول المنتظر، الذي يتجلى في ارتفاع تدريجي لحرارة مياه المحيط الهادئ الاستوائي، قد يؤدي إلى دخول الأرض مرحلة مناخية محايدة خلال شهر أبريل الجاري، وهو ما يعني تغيرًا في أنماط الغلاف الجوي والمحيطات، مع احتمال عودة التوازن إلى دورات الأمطار وتراجع موجات الجفاف القاسية التي طالت شمال إفريقيا، والمغرب بشكل خاص. بحسب مركز التنبؤ بالمناخ الأمريكي (CPC)، فإن ظاهرة "لا نينيا"، التي أثرت على مناخ العالم منذ ثلاث سنوات، بصدد التراجع، بعدما بلغت حرارة سطح مياه المحيط مستوى +0.3 درجات خلال النصف الثاني من مارس. ويُتوقّع، وفق تقديرات المعهد الدولي لأبحاث المناخ (IRI)، أن تستقر الحالة المناخية في المنطقة المدارية للمحيط الهادئ ضمن مرحلة محايدة بنسبة 90٪ خلال هذا الشهر، مع بقاء الاحتمال قويًا حتى فصل الصيف. ماذا يعني ذلك بالنسبة للمغرب؟ من الناحية المناخية، تشير التوقعات إلى أن المرحلة المحايدة المرتقبة قد تحمل أخبارًا إيجابية للمغرب، خاصة في ما يتعلق بتوزيع الأمطار وعودة الدورة المطرية إلى طبيعتها. ففي فترات "لا نينيا"، عادة ما يتأثر المغرب بمنظومات جوية تجلب استقرارًا مفرطًا وغيابًا للاضطرابات الرطبة، مما يؤدي إلى شح في التساقطات، كما حدث خلال الموسم الفلاحي الماضي. غير أن دخولنا مرحلة محايدة، ثم احتمال حدوث تحول إلى "إل نينيو" خلال نهاية العام، قد يُنعش فرص تساقطات مهمة خلال الخريف والشتاء المقبلين، وهو ما يعيد الأمل في تجدد المخزون المائي للسدود وتحسّن وضعية المياه الجوفية التي تضررت بشكل لافت. الفلاحة والموارد المائية على المحك للمغرب، الذي يعتمد بشكل كبير على التساقطات المطرية لتأمين حاجياته الفلاحية والمائية، يمثل هذا التغيير المرتقب في الأنماط المناخية نافذة أمل. إذ تراجعت الواردات المائية للسدود إلى مستويات حرجة في السنوات الأخيرة، وفاقمت سنوات الجفاف المتتالية أزمة ندرة المياه، مما دفع الحكومة إلى اعتماد برامج استعجالية وترشيد الموارد المتاحة. ومع أن التوقعات لا تحمل ضمانات قاطعة، إلا أن عودة الوضع المناخي إلى الحياد تُعتبر مرحلة انتقالية إيجابية، قد تُمهّد لعودة التوازن إلى الدورة المطرية، وتُعيد للمزارعين والمواطنين على حد سواء، بعضًا من الأمل المفقود في مواسم غزيرة بالأمطار.