كانت في حالة غضب شديد. والحاجة الشنا، لا تغضب لسبب تافه. ولا يُخرجها عن طوعها إلا الإحساس بالظلم. وهو الإحساس، الذي عاشته أول أمس السبت حينما اكتشفت أن معاشها لم يجد طريقه إلى حسابها البنكي. «أعيش على معاشي. ولشهرين الآن لم أتوصل به . كان هناك وعد بتسوية المشكل في شهر دجنبر هذا. لكن الأمر لم يتم». قبل أيام، تحكي الحاجة الشنا، توجهت للصيدلية لاقتناء أدويتها وأدوية والدتها، وكم كانت دهشتها كبيرة حينما اكتشفت أنه لا يمكنها أداء ثمن الأدوية ببطاقتها البنكية لأن رصيدها البنكي لا يتعدى 96٫95 درهما. كيف هذا؟ ومن خلال الاطلاع على وثائقها البنكية، انتبهت إلى أنها لم تتوصل بمعاشها منذ نونبر الماضي. رأسا، ذهبت الشنا إلى صندوق التقاعد لتعرف السبب. «وهناك وجدت زبائن كثيرين.. وضعي الصحي لا يسمح لي بالانتظار في طوابير طويلة». لحسن الحظ، تلقت الشنا معاملة جيدة من قبل الزبناِء والموظفين على حد سواء. وعلمت حينها أنه تم إيقاف صرف المعاشات لكثيرين تحت مبرر التأكد من أنهم ما زالوا على قيد الحياة. وهي واحدة منهم. أخذوا بياناتها وتم وعدها بتسوية المشكل في دجنبر الجاري. أول أمس السبت، قامت الحاجة الشنا بالتبضع من أحد المراكز التجارية الكبرى بالبيضاء، وحين تقديمها بطاقتها البنكية، مجددا، ستجد نفسها في وضع محرج حينما تكتشف أن رصيدها لايزال غير كاف .. «لا يمكن تصور مقدار الغضب الذي يتأجج في دواخلي. امرأة في سني، وبعد هذا العمر من العمل والعطاء أجدني في هذا الوضع المحرج والمحط بالكرامة. لحسن الحظ أني كنت أحمل معي بطاقة زوجي البنكية وبواسطتها أديت ثمن ما اقتنيته.. مخجل حقا بالنسبة لي. كيف يمكن لمن مثلي أن يتحول عالة على الزوج والأولاد.. لا أقبل بهذا أبدا. وأكثر ما يؤجج غضبي حينما أفكر في كل الذين يعيشون نفس وضعي. كل هؤلاء، الذين لم يتم صرف معاشهم تحت ذريعة واهية ومن المؤكد أنهم كثيرون .. الماكينة لا يمكنها التأكد من أن البشر على قيد الحياة أو قضى. لم أتوصل بأي إشعار أو رسالة تطلب مني تقديم ما يثبت أني ما زلت على قيد الحياة…». بالنسبة لعائشة الشنا، التي كانت حانقة للغاية، إنه العبث بعينه، هي التي لم تتردد في أن تثير في معرض حديثها هذا موضوع المأذونيات وأوجه الاستفادة منها وبالخصوص طبيعة الأشخاص المستفيدين منها. «أرفض أن يتم تأويل كلامي هذا على أنه طلب مبطن .. أنا واضحة جدا, أنا أشتكي من وضع إداري جائر ومختل . ورأيي بالمأذونيات واضح ولا غبار عليه، فأنا ضد منحها لأشخاص للاستفادة الخاصة منها فيما يمكن تخصيصها لكي يستفيد منها ذوو الإعاقات الفعلية أو في مصلحة عامة من خلال جمعيات ..». الحاجة الشنا، التي دائما ما تسترجع هدوءها وروحها المرحة بمجرد ما «تتخوي قلبها وتفركع الرمانة» كما يحلو لها هي نفسها القول، تشدد على أن عزة نفسها تمنعها من أن «تمد يدها» وهي قط لا يمكنها فعل ذلك. هي فقط تطالب بحقها، بالاستفادة من معاشها البسيط الذي يصل إلى 4845,53 درهما. فهل تطلب المستحيل هي التي قدمت الكثير لبلدها؟ فطومة نعيمي