في خطوة خيبت آمال ساكنة تغصى التابعة لجماعة إكنيون بإقليمتينغير أصدرت وزارة الطاقة والمعادن قرارا يوم 13 ماي الجاري، قضي باستئناف الأشغال بمنجم تيوت بعد تعليق العمل به منذ 16 دجنبر من السنة الماضية على إثر تسرب مادة "السيانور" السامة بالمنطقة الناجمة عن انهيار جزئي لحوض تخزين المخلفات، وقامت الوازرة يومها بإشعار والي الإقليم بهذا القرار. إعطاء الضوء الأخضر للشركة المستغلة باستئناف الأشغال، لقي سخطا وسط الساكنة المحيطة بالمنجم واعتبرته "لامبالاة بأرواحها وارواح ابنائها" سيما أن هذه المادة خطيرة تلوث مياه الشرب وتقضي على الزرع والضرع بالمنطقة، وتنجم عنها أعراض مرضية جلدية بارزة، فاعتبروا وقف المنجم قرارا رسميا حكيما، لكن بعد قرابة ستة أشهر عادت الوازرة الوصية على قطاع المعادن لترخص للمنجم باستئناف نشاطه دون أن تشعر الساكنة بما اتخذته من خطوات، ولا أن تخبرهم بمدى سلامة المياه المحيطة بهم. الوزارة ذكرت في بلاغها أنه "بناء على تحليلات المياه والتربة من قبل المختبرات المتخصصة، لاسيما مختبر التحليلات العلمية والتقنية للدرك الملكي، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب-قطاع الماء، أشعرت الوزارة والي إقليم تنغير بالسماح باستئناف الأشغال على مستوى المنجم المذكور". وأضاف البلاغ أن "الوزارة المكلفة بالطاقة والمعادن سبق لها أن أرسلت مجموعة من اللجان إلى عين المكان، وأجرت تحقيقات حول ملابسات ومسؤوليات الحادث، وأنجزت تقريرا لتقويم الاختلالات المرصودة واتخاذ الخطوات اللازمة لمنع تكرار مثل هذا الحادث مرة أخرى" وبخصوص النتائج المتوصل إليها اكتفى البلاغ بالتذكير بأنه " قام بإجراء قرار تعليق الاشغال إلى حين تمكنه من استبعاد كل مصدر ضرر قد يشكل خطرا على صحة وسلامة المواطنين." بما يعني أن الخطر زال بصفة نهائية. الساكنة أكدت أن هذا البلاغ لم يشر علنا بأن الخطر المحدق بهم زال، ولم يجزم علميا وباللفظ الصريح بأن المياه صالحة للشرب، حيث لم يصدر أي قرار عاملي يزيح الشك باليقين، كما لم توفذ وزارة الصحة أي فريق يبدد الخوف عن الساكنة بخصوص زوال مخاطر مادة السيانور المتسربة من أحد الاحواض. الساكنة من خلال الفعاليات الجمعوية بالإقليم تعلن التحدي لهذا القرار الذي بحسبها "هز الهم للمستغل، والسكان لهلا يقلب" وأعلن فاعلون جمعويون أنهم سيقاومون هذا القرار من خلال وقفات احتجاجية، إلى غاية القيام بدراسة علمية تؤكد مدى سلامة الفرشة المائية المحيطة بمنطقة تغصي. وقد زاد من تخوفهم صدور تقرير طبي مؤخرا من قبل 25 طبيبا حلوا بالمنطقة في إطار قافلة طبية وأشار التقرير إلى وقوفه على أمراض جلدية، وحالات إصابة باحمرار العين وأمراض بالأنف، ولم يستبعد التقرير علاقة هذه الحالات بمادة "السيانور". ما هو السيانور؟ السيانور أو السيانيد الصناعي ينتج إنطلاقا من مادة الأمونياك وبعض الهيدروكاربورات وذلك بأكسدة هاته الأخيرة. ويُستعمل السيانيد الإصطناعي في عدة مجالات من بينها مجال التعدين والصناعة المنجمية، بهدف إستخراج الفلزات الثمينة كالفضة من معادنها الخامة. أما البقايا الناتجة عن هذه العملية فهي عبارة عن نفايات صناعية شديدة السمية بسبب أملاح السيانيد التي تحتويها. لذلك يتم تخزين هاته النفايات في أحواض يتم بنائها بطريقة خاصة بإحكام تام على شكل سدود مفتوحة على الهواء الطلق وغير نافذة، وتحت تأثير الشمس والرياح يتم تجفيف هذه الأوحال عن طريق التبخر مما قد يجعل السيانيد يتلاشى ويكوِّن السيانات ثم الكاربونات، وهي مركبات غير سامة. الصور: حالة المنطقة بعد انفجار جزئي لحوض مليئ بالسيانور