افتتحت أكاديمية المملكة المغربية، اليوم الثلاثاء بمقرها بالرباط، ندوة "الثقافة المغربية ورهانات التنمية"، وذلك بمشاركة عدد من أعضاء الأكاديمية ووزراء سابقين للثقافة والتعليم وخبراء يمثلون مؤسسات ثقافية مختلفة وأساتذة جامعيين. وفي كلمة لأمين السر الدائم للأكاديمية عبد اللطيف بربيش، تلاها بالنيابة عنه أمين السر المساعد عبد اللطيف بنعبد الجليل، أكد أن قادة الفكر والثقافة مدعوون اليوم أكثر من اي وقت مضى إلى تفعيل الرسالة القيمية في التصور التنموي الباني لحضارة الخير والأمن، والصانع لأسلحة الحوار بدلا من أسلحة الدمار. وأضاف أن "موضوع الثقافة والتنمية شكل قمة الأولويات في التخطيط الاستراتيجي للمجتمعات الساعية إلى حجز مقعدها المتقدم في قطار التطور الحضاري، باعتبار أن الثقافة هي القاعدة الأساس في بناء الإنسان وتطور الأوطان، والمدخل الأمثل لصياغة مستقبل المجتمعات والحضارات"، معتبرا أنه "من هذا الإدراك العميق بدور الثقافة التنموية في الاستجابة لتطلعاتها، ورفع تحدياتها، وصياغة مشروع حضاري مستقبلي متلائم مع خصوصياتها، واجه المنظرون والمخططون الاستراتيجيون والمبدعون لأشكال الوعي الثقافي أسئلة قلقة حول مفهومها ووظائفها ومرجعياتها وعلاقتها بالتنمية". وأشار إلى أنه "إذا كانت الثقافة أمام التحولات العميقة والتيارات الإيديولوجية والاجتماعية والفكرية المتناقضة أصبحت عصية التحديد المفهومي لها، فإنها لم تنأ عن أصلها اللغوي العربي الذي اعتبرها حذقا وفطانة"، مضيفا أن "الثقافة في جوهرها خلق وبناء جديد، وقيم أخلاقية واجتماعية وثقافية لتقوية جهاز المناعةÜ وإشاعة قيم التنمية والانتماء والحوار". وقال مدير الجلسات، إدريس خليل، من جانبه، إن الثقافة، باعتبارها الإنتاج الفكري والمادي الذي حققاه الإنسانية خلال مسارها الطويل من أنساق فلسفية وفكرية وعقائدية ومن عادات وتقاليد وغيرها، باعث أساس على التقدم الحضاري، وعليها تراهن الأمم لتسخير ثرواتها والارتقاء بمجتمعاتها وتطويرها، مشيرا إلى أن التراث البشري لا ينتقل بالوراثة البيولوجية ولكن بالتحصيل والمعرفة والتجارب الحياتية. وشدد السيد إدريس خليل على ضرورة الأخذ بالأسباب الحقيقية للتقدم والتي تتمثل، أساسا، في الاقتناع ألا زاد لتحسين الأحوال سوى من خلال استخدام ملكات العقل والإدراك والفهم، وتحرير العقليات من رواسب الماضي باعتبار أن الزمان يتجدد بما لم يكن في حسبان الأسلاف ومن ضرب في الأرض قبلا، والاعتداد بالعقل في التصرفات والممارسات مع الحفاظ على التوازن بين العقل والوجدان، والانفتاح على ثقافات العالم خاصة منها السائدة دون احتشام ولا عقد ولا خلفيات سلبية، وتأهيل الإنسان والمرأة والاهتمام بالتربية والتعليم والتثقيف وبالعلوم والتقنيات واللغات باعتبارها ضرورة ملحة وواجبا تاريخيا. وفي الجلسة العلمية الأولى، التي تمحورت حول "أسئلة الثقافة الوطنية" وتناولت بالدراسة الوحدة والتعددية في الثقافة المغربية ودور التراث في تطورها وقضايا الخصوصية والعولمة، قال السيد محمد شفيق إنه يتبنى تعريف الكاتب الفرنسي جان غيهينو، المتخصص في دراسة الثقافة الجماهيرية، للثقافة بكونها "ازديد الوعي"، موضحا أن "الثقافة الحق هي التي ترفع مستوى الوعي عند الإنسان، وتمكنه من إدراك كل حقيقة على وجهها الصحيح، وتجعله يستوعبها استيعابا لا يشوبه لبس ولا خلط ولا وهم".