تشكل تقارير المؤسسات والجمعيات الوطنية والدولية المعتمدة لملاحظة الانتخابات شهادة على مدى شفافية ونزاهة العملية الانتخابية، لكنها تمثل أيضا آلية مهمة تساعد على تطوير الممارسة الانتخابية وتجاوز الاختلالات أو النقائص المسجلة. ومن هذا المنطلق، حرص المغرب على أن تمر استحقاقات الانتخابات المحلية والجماعية ليوم رابع شتنبر، على غرار الانتخابات السابقة، تحت أعين ملاحظين من المغرب والخارج، في مسعى لتعزيز وتكريس شفافية العملية الانتخابية ورصد أجواء التنافس السياسي الحر والتعددي وتأكيد حياد السلطات حيال التشكيلات المتنافسة. وبالفعل، فقد عكس اعتماد هؤلاء الملاحظين المغاربة والأجانب لتتبع سير العملية الانتخابية وعرض الخلاصات الأولية لنتائج ملاحظاتهم في لقاءات صحفية مفتوحة، إرادة المملكة نحو المضي قدما في تطوير المسار الديمقراطي والرقي بالممارسة الانتخابية عبر تسليط الضوء على مختلف النقائص التي أبانت عنها الممارسة الميدانية، والتي ترصدها تقارير هذه الجمعيات والمنظمات، وذلك حرصا على تجاوزها في المستقبل. لجنة الاعتماد التي ترأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان تشكلت من ممثلين عن أربعة قطاعات وزارية والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وخمس جمعيات. وفضلا عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قامت اللجنة باعتماد 34 جمعية مغربية (3425 ملاحظا) وست منظمات دولية (76 ملاحظا) و49 ملاحظا دوليا ممثلين عن الهيئات الدبلوماسية الخارجية والمنظمات البيحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. وبذلك بلغ عدد الملاحظين والملاحظات الذين تم اعتمادهم على الصعيد الوطني 4024 ملاحظا وملاحظة، مقابل 735 ملاحظا خلال انتخابات 2009. ومكن المجهود المشترك للهيئات المعتمدة من ملاحظة أكثر من 22 ألف مكتب تصويت، أي ما يناهز 56 في المائة من مجموع مكاتب التصويت، وهو ما يتجاوز بكثير العتبة التي حددتها المعايير الدولية للملاحظة الانتخابية وهي 3 بالمائة. وبرأي المتخصصين، فإن حضور ملاحظين وطنيين ودوليين لتتبع ومراقبة الانتخابات أضحى جزءا من العملية الديمقراطية ومكونا أساسيا في العملية الانتخابية، حيث تحرص البلدان الديمقراطية أو التي تسير في اتجاه تعزيز مسارها الديمقراطي، على فتح المجال أمام الملاحظين للوقوف على سير الانتخابات ومدى شفافيتها وتسجيل الاختلالات المحتملة بهدف معالجتها وبالتالي تطوير الممارسة الانتخابية. وبهذا الخصوص، أكد أستاذ القانون العام بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الفتاح البلعمشي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن تدابير مراقبة الانتخابات من طرف هيئات وطنية ودولية مستقلة أصبحت إحدى الضمانات التي تعبر عن مدى الاهتمام المتزايد بالديمقراطية وخصوصا من قبل الديمقراطيات الناشئة. وأبرز الأستاذ البلعشمي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن القبول بهذه المراقبة بل واحتضانها من طرف الدولة هو تعبير عن وضع التجربة الانتخابية والممارسة السياسية للبلد رهن التقييم والمراقبة، مضيفا أن هذا القبول يزداد كلما اعتقدت الدولة أنها تؤسس لتطور وتنمية الديمقراطية بها والذي تعكسه بالأساس الانتخابات كأهم مظهر من مظاهر تنفيذها وأجرأتها. وقال إن الرأي العام والحكومة يعتمدان أيضا على تقارير المراقبة المستقلة لقياس هذا التطور، معتبرا أنه "كلما كانت التقارير إيجابية كلما ارتفع منسوب ثقة المواطن في أداء واجب المشاركة، وزاد أيضا في اعتماد الحكومة على هذه التقارير لتعزيز مكانتها على الصعيد الإقليمي والدولي". ولفت إلى أن الإصلاحات السياسية واحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان أصبحت محددا رئيسيا من محددات إشعاع الدولة على مستوى علاقاتها الدولية.