اليمين المتطرف في بلدة إسبانية يستغل حادثة للعنف لربط الهجرة بالجريمة    وفاة رئيس نيجيريا السابق محمد بخاري    تشيلسي بطلا للنسخة الأولى لمونديال الأندية بالنظام الجديد    تشيلسي يتوج بكأس العالم للأندية على حساب باريس سان جيرمان    أطروحة دكتوراه تكشف محدودية تفاعل المواطنين مع الخدمات الرقمية بالمغرب: فقط 40% راضون        "فيفا" يصدر قرارات جديدة بشأن صحة وفترات راحة اللاعبين واللاعبات    الوزيرة بنعلي تعلن الشروع رسميا في إنجاز مشروع أنبوب الغاز المغرب- نيجيريا    الفارسة جينا الحاجي تتوج بجائزة ولي العهد الأمير مولاي الحسن في فئة القفز على الحواجز تحت 13 سنة    منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتفاعل مع فاجعة 'خزان أولاد يوسف'    انقلاب سيارة يودي بحياة ستيني بضواحي الحسيمة    نشرة إنذارية: موجة حر من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    عودة العيطة إلى مسرح محمد الخامس.. حجيب نجم النسخة الثالثة    لطيفة تطرح الدفعة الأولى من ألبوم "قلبي ارتاح".. أول ألبوم عربي بتقنية "Dolby Atmos"    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    الكوكب يراهن على خبرة الطاوسي في رحلة التحدي الكبير    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مونتينيغرو بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    تيزنيت: للسنة الثانية على التوالي..نسبة النجاح بالبكالوريا تُلامس 80%    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    إصابة أربعة أشخاص في سقوط أرجوحة بمرتيل    متحدية الحصار الإسرائيلي.. سفينة "حنظلة" تنطلق من إيطاليا باتجاه غزة    "فيفا" يُنصف حكيمي: أفضل مدافع في مونديال الأندية بأرقام دفاعية وهجومية مذهلة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يأسف لتطورات اعتصام قصبة تادلة ويحذر من نشر مشاهد صادمة دون ضوابط    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    بملتقى فكري مفتوح حول «السؤال الثقافي: التحديات والرهانات»، بالمقر المركزي للحزب بالرباط .. الاتحاد الاشتراكي يفتح نقاشاً ثقافياً استعداداً لمؤتمره الثاني عشر    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة        بينهم 10 يجلبون المياه.. إسرائيل تقتل 45 فلسطينيا بغزة الأحد    مسيرة بالناظور تستنكر تدهور الأوضاع والتضييق على العمال وتطالب بالتنمية وسراح معتقلي حراك الريف    "عدالة" تنبه إلى التدهور المقلق للوضع الحقوقي بالمغرب وتدعو لإصلاح يضمن الحقوق والحريات    الاتحاد الأوروبي يؤجل "رسوم أمريكا"    مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة    انتهاك صارخ لقدسية الأقصى.. مستوطنون يقتحمون قبة الصخرة ويؤدون طقوسًا تلمودية في ذكرى خراب الهيكل    مدرب المغرب يشيد بأداء الدفاع بعد الفوز على السنغال في كأس أمم إفريقيا للسيدات    شفشاون: يوم تواصلي حول تفعيل مضامين الميثاق المعماري والمشهدي لمركز جماعة تنقوب ودوار الزاوية    جسم غامض خارجي يقترب من الشمس بسرعة خارقة يثير حيرة العلماء    الرابطة المغربية للشباب والطلبة تختتم مخيم "الحق في الماء" بمركب ليكسوس بالعرائش    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    يديعوت أحرونوت: موجة هجرة إسرائيلية غير رسمية نحو المغرب في خضم الحرب    تقرير: المغرب ضمن 3 دول أطلقت سياسات جديدة لدعم الزراعة الشمسية خلال 2024    صدور كتاب عن قبيلة "إبقوين" الريفية يفكك الأساطير المؤسسة لقضية "القرصنة" عند الريفيين    طنجة.. إغلاق مقهى شيشة بمحيط مالاباطا بعد شكايات من نزلاء فندق فاخر    من ضحية إلى مشتبه به .. قضية طعن والد لامين جمال تتخذ منحى جديدًا    أسعار الذهب تتجاوز 3350 دولارا للأوقية في ظل التوترات التجارية العالمية    تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة من حيث جودة الحياة    الطبخ المغربي يتألق في واشنطن.. المغرب يحصد جائزة لجنة التحكيم في "تحدي سفراء الطهاة 2025"        بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي إيجابي    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    علماء ينجحون في تطوير دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لعدة سنوات    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"فيصل القاسم" يكتب : لماذا يتقدم الكفار ويتأخر المؤمنون؟
نشر في أخبارنا يوم 27 - 03 - 2021

لطالما ردد الكثير من العرب والمسلمين مقولة إن أوضاع الأمتين العربية والإسلامية قد تدهورت بمجرد أنهما ابتعدتا عن الإسلام. وبالتالي فهم يعزون سبب تأخر العرب والمسلمين إلى اضمحلال شأن الدين في الحياة بشكل عام. لكن الحقيقة أن الدين لم يتلاش مطلقاً من حياة العرب والمسلمين، بل يبقى كامناً في أصغر تفاصيل حياتهم بمختلف مجالاتها. وأكبر دليل على ذلك الأسئلة التي يطرحها المسلمون على المفتين ورجال الدين وأهل الذكر في البرامج الإعلامية، وخاصة أثناء شهر رمضان المبارك. ومن شدة اهتمام الناس بالدين تراهم يسألون عن أدق التفاصيل، فهذا يسأل إذا كان يجوز له أن يشم رائحة الماء أثناء الصيام، وذاك يسأل إذا كان رش الماء على الوجه في رمضان يفسد صيامه، ناهيك عن الأسئلة المتعلقة بالعلاقات الزوجية وتفاصيلها الدقيقة في شهر الصوم.
ولا يمكن في الوقت نفسه أن تلوم الأنظمة العربية والإسلامية على ابتعادها عن الإسلام أو تنفير الشعوب من الدين، بل على العكس من ذلك نجد أن الأنظمة وخاصة التي ترفع شعارات علمانية كاذبة كالنظام السوري، نجدها تخصص ميزانيات مهولة لبناء المساجد والمؤسسات الدينية وتخريج الوعاظ والجماعات المتدينة بأنواعها كافة. لا بل إن البعض يتهم النظام السوري مثلاً بأنه بنى مئات الجوامع، بينما لم يبن سوى بضع جامعات. ولو فعلاً نظرت إلى عدد الجوامع ودور العبادة وقارنتها بعدد المعاهد والمؤسسات التعليمية لوجدت أن الأخيرة أقل بعشرات المرات. وقد شاهدنا الرئيس السوري نفسه قبل فترة وهو يمالئ رجال الدين، لا بل إنه تنكر للأصول السريانية والعربية لسوريا، واعتبرها بلداً إسلامياً من رأسه حتى أخمص قدميه. كما وعد الحضور من الشيوخ والعلماء بمزيد من الدعم لنشر الدين. ولطالما سمعنا بعض منتقدي النظام وهم يتهمونه بأنه يبالغ في إرضاء الإسلاميين والتزلف لهم. فإذا كان النظام «العلمانجي» السوري يقدم كل هذه العروض الدينية، فما بالك بالدول التي أسلمت كل جوانب الحياة منذ نشأتها كالنظام السعودي مثلاً، الذي وصل فيه عدد حملة الدكتوراه في الشؤون الدينية إلى عشرات الألوف، فلم يبق أي تفصيل بسيط في الأحاديث إلا وقدم أحدهم رسالة دكتوراه حوله. ولا ننسى مئات المليارات التي أنفقتها السعودية على نشر الدين داخلياً وخارجياً.
ولا ننسى أن الأحزاب الإسلامية وصلت إلى السلطة في أكثر من بلد كالمغرب والسودان وتونس. وقد حكم عمر حسن البشير السودان بقبضة إسلامية لعشرات السنين. وحتى البلدان التي لم يصل فيها الإسلاميون إلى السلطة كانت ومازالت تخصص ميزانيات هائلة للشأن الديني بغض النظر عن توجهاتها السياسية. باختصار إذاً، فإن الذين يزعمون بأن العصور القديمة كانت مزدهرة بسبب الدين ليسوا على صواب. هل كان العصران الأموي والعباسي مثلاً مزدهرين لأسباب دينية، وهل التخلف الحالي في العالمين العربي والإسلامي سببه تلاشي الشأن الديني في الحياة العامة، أم إن هذه شماعة يرفعها البعض للتغطية على الفشل العربي والإسلامي في مجاراة الأمم الأخرى؟
تعالوا ننظر الآن إلى الصين التي تستعد لاستلام مشعل القيادة الدولية من أمريكا تكنولوجياً ومالياً واقتصادياً وربما ثقافياً في قادم العقود. ما هو دور الدين في الحياة العامة في الصين؟ طبعاً صفر، لأن غالبية الشعب الصيني بلا دين كي لا نقول ملحدين. وتبلغ النسبة أكثر من تسعين بالمائة. بعبارة أخرى، فإن هذه النهضة العظيمة التي حققها الشعب الصيني خلال فترة وجيزة لا علاقة لها بالدين مطلقاً، وأن الذين حققوها هم بالأصل لا دينيون، أو بالمفهوم الإسلامي هم «كفار» ليس لأنهم ينتمون إلى أي دين آخر، بل لأنهم ليس لديهم أي دين أو مرجعية دينية أصلاً. قل ما تشاء عن الصينيين وعاداتهم وجرائمهم، لكن البلاد الإسلامية ليست أفضل حالاً في عاداتها وتقاليدها وجرائمها بحق المسلمين أنفسهم.
باختصار المشكلة ليست مشكلة دين، بل مشكلة عقليات وسياسات وأنظمة بالدرجة الأولى، فلا تنسوا أن الغرب الذي يعتبره البعض كافراً يمارس أفضل الجوانب الموجودة في الإسلام. ولعلكم تذكرون مقولة المصلح الإسلامي الشهير محمد عبده: «رأيت في أوروبا إسلاماً بلا مسلمين وفي بلدنا مسلمين بلا إسلام». ولا تنسوا القول الإسلامي الشهير: « إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن». أي أن القانون أقوى من التعاليم الدينية أحياناً في ضبط البشر وتهذيبهم.
ومن المفارقات الكبرى الملموسة أن أكثر الدول تقدماً وازدهاراً اليوم هي الدول «الكافرة» أي منظومة الدول العلمانية واللادينية، وإلا لماذا أن أكثر من يهرب ويلجأ لها ويحتمي بحكامها «الكفار والمشركين» هم العرب والمسلمون أنفسهم لا بل كبار زعامات الإسلام السياسي ورموز التطرف الذين وجدوا عند هؤلاء «الكفار» العدالة والأمان أكثر مما وجدوها عند أمراء المؤمنين وخلفاء الله في الأرض.

باختصار كفاكم التباكي على العصور القديمة وربطها بالدين، والنواح على العصر الحالي وجلده لأنه ليس قائماً على الدين. التجربة الصينية اللادينية تدحض هذه النظريات كلياً. لماذا تقدم الذين تعتبرونهم كفاراً، وتأخر «المؤمنون» بين قوسين طبعاً؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.