سفيرة الصين بالرباط تلتقي محمد أوجار وأعضاء بارزين في حزب الأحرار    جامعة الكرة تكرم الدوليين السابقين المنتمين للعصبة الجهوية طنجة تطوان الحسيمة    بنكيران: المغاربة يلتقون بي و يخاطبونني "أيامك كانت زينة آسي بنكيران"    3.3 مليار دولار حجم الإنفاق على أمن المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    السوق الأرجنتينية تدخل دائرة توريد الحبوب إلى المغرب وسط ارتفاع الطلب    التمويلات المبتكرة: خدمة جيدة أم ديون مقنعة؟ نقاش هادئ مع لقجع    "الحرارة وشح المياه وارتفاع منسوب البحر".. مخاطر المناخ في المغرب تفوق ما تسمح به قدرات التكيف الحالية    قبل ساعات من التصويت .. إسرائيل تتمسك برفض قيام دولة فلسطينية    الوزير مزور يترأس بتطوان أشغال المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال ويشرف على تنصيب مفتش جديد للحزب بعمالة المضيق    الركراكي يفاجئ مشجعا طنجاويا بترت قدمه إثر مرض عُضال بزيارة إنسانية في منزل أسرته    عكاشة: "الأحرار" يستعد لانتخابات 2026 بطموح المحافظة على الصدارة    جمعية بتيفلت تستنكر طمس جدارية فنية وتطالب بتوضيح رسمي ومحاسبة المسؤولين    يشارك في هذه الدورة 410 فنانا وفنانة من 72 دولة .. أكادير تحتضن الدورة الثامنة للمهرجان الدولي للكاريكاتير بإفريقيا    صالون "الشاي يوحّد العالم" يجمع المغرب والصين في لقاء ثقافي بالبيضاء    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    هلال يخرج عن صمته بشأن حجب العلم الجزائري ويؤكد احترامه لرمزيته    نايف أكرد يغادر معسكر المنتخب المغربي    أشرف حكيمي يطمئن جماهيره بصور جديدة خلال مرحلة التعافي    أسعار البيض بالمغرب تسجل ارتفاعا صاروخيا    نيجيريا تواجه الكونغو الديمقراطية في نهائي الملحق الأفريقي بالرباط    "إعادة" النهائي الإفريقي.. المغرب في مواجهة مصيرية مع مالي بدور ال16 لكأس العالم    أمينة الدحاوي تتوج بذهبية التايكواندو    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    النسخة الثانية من الندوة الدولية المنعقدة بوجدة تصدر اعلانها حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    تأجيل اجتماع بوتين وترامب ببودابست    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض 20 فيلماً قصيراً في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة    وفاة شخصين على الأقل إثر عاصفة قوية بكاليفورنيا    خبير يدعو لمراجعة جذرية للنموذج الفلاحي ويحذر من استمرار "التذبذب المناخي" في المغرب    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    تفكيك شبكة دولية لقرصنة تطبيقات المراهنة.. الامن يوقف خمسة اجانب بمراكش    حكم قضائي يقضي بإفراغ محلات بالمحطة الطرقية "أولاد زيان"    ماكرون يعلن إطلاق سراح الفرنسي كاميلو كاسترو الموقوف في فنزويلا منذ أشهر    "تلوثٌ في منطقة الفوسفاط يفوق الحدود المسموح بها".. دراسة تكشف ما يحدث في تربة آسفي الصناعية    سفير أنغولا: تكريم الملك الراحل الحسن الثاني يعكس عمق الصداقة التاريخية بين المغرب وأنغولا    من الاستثمار إلى التحالف: زيارة سفيرة كينيا على رأس وفد هام إلى العيون تفتح فصلًا جديدًا في العلاقات الثنائية    طقس الأحد.. أجواء غائمة مع نزول أمطار بعدد من مناطق المملكة    إيران تدعو إلى الأخوة والسلام بالمنطقة    بلباو تُهدي فلسطين أمسية تاريخية.. مدرجات تهتف والقلب ينبض    لبنان سيقدم شكوى ضد إسرائيل لبنائها جدارا على حدوده الجنوبية تجاوز "الخط الأزرق"    مديرية الأمن الخارجي بفرنسا تشيد بتعاون المغرب في مجال مكافحة الإرهاب    هل تمت تصفية قائد الدعم السريع في السودان فعلا؟    حموشي يقرر ترقية استثنائية لمفتش شرطة بآسفي تعرّض لاعتداء عنيف    الذكاء الاصطناعي يراقب صناديق القمامة في ألمانيا لضبط المخالفين    أكنول: افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان اللوز    اليونان تفوز على اسكتلندا في تصفيات كأس العالم    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    ابن الحسيمة نوفل أحيدار يناقش أطروحته حول تثمين النباتات العطرية والطبية بالريف    أمين نقطى: زيارة أخنوش لمديونة سنة 2021 آتت أكلها بتنفيذ عدة مشاريع لفائدة الساكنة    لحمداني ينال "جائزة العويس الثقافية"    وزارة الثقافة تعلن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل "فن زليج فاس وتطوان" على قائمة يونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    تطور جديد في ملف "إنتي باغية واحد".. متابعة دي جي فان بتهمة تهديد سعد لمجرد    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحالف الاسلاميين واليسار بين الماضي والمستقبل
نشر في العمق المغربي يوم 22 - 04 - 2016

إن تاريخ علاقة الإسلاميين واليسار مليئ بالصراع والمواجهة الفكرية والتي تطورت إلى حد المواجهة الدامية، سواء على المستوى الوطني أو الدولي بحكم الامتداد الخارجي لهذه التنظيمات، وتاثيرها على المشهد السياسي المغربي، هذا الماضي الدامي كان من نتائجه شهداء من كل طرغي الصراع حالوا دون أي تقارب بين النقيضين، إذ لازالت دماء عمر بنجلون وأيت الجسد بنعيسى وفرج فودا وآخرون تقف حاجزا أمام أي حديث عن تفاهم سياسي او تقارب إيديولوجي او تنظيمس بين الإسلاميين واليسار، هذا يجعلنا نطرح تساؤلات مفصلية: فهل يعتبر الصراع الماضوي بين الإسلاميين واليساريين حاجزا أمام اي تقارل بين الطرفين؟ أم أن هذا الصراع أصبح متجاوزا أمام التطورات الإقليمية والوطنية الأخيرة والتي تفرض تجميع كافة القوى السياسية من أجل مواجهة تحديات الإرهاب والتطرف؟
قبل الحديث عن أي تقارب أو تحالف بين الإسلاميين واليساريين في المغرب لا بد من الإشارة إلى حالة الاستثناء المغربي لماقبل ومابعد مايسمى بالربيع العربي مع مراعاة الظرفية الزمانية لهذا الحراك السياسي الذي أطاح بالعديد من الأنظمة، وكذا الحروب الأهلية الناتجة عنه، إذ قبل الربيع العربيع لم يكن مسموحا للإسلاميين دخول اللعبة السياسية من داخل المؤسسات حيث كان المنع هوشعار كل ماهو مرتبط بتنظيم الإخوان المسلمين العالمي، باستثناء التجربة المغربية التي تميزت بادماج جزئي لأحد الحركات الإسلامية المتمثلة في حركة الإصلاح والتوحيد في المؤسسات بتوافق مع النظام عبر مراحل، إلى أن جاء الربيع العربي ليكون البوابة الصغيرة التي استغلها الإسلاميون للدخول علرها لعالم السلطة لكن ليس بشكل فردي بحكم النظام التمثيلي الذي يعتمد في نمط الاقتراع بالمغرب والذي لا يسمح بتحقيق أي حزب للاغلبية المطلقة حتى يتسنى له قيادة الحكومة بمفرده، هذا ما يدفع للانفتاح على توجهات حزبية أخرى لتحقيق الأغلبية.
في مقابل تصاعد شعبية الاسلاميين شهدت شعبية اليسار المغربي تراجعا كبيرا خصوصا بعد تجربة حكم دامت 11 سنة تميزت بأكبر عملية للخوصصة يشهدها المغرب بموازات تراجعه عن الاشتراكية خصوصا بعد سقوط حائط برلين وتراجع المعسكر الشرقي وظهور العولمة... كل هذه العوامل أثرت بشكل كبير على الامتداد الشعبي لليسار في وقت تمددت القوى ذات التوجه الاسلاموي، وظهر ذلك جليا بانطلاق حركة 20 فبراير التي كانت عبارة عن خليط من اليسار والإسلاميين المتمثل في فظرالية اليسار والنهج الديمقراطي وجماعة العدل والإحسان التي كانت بمثابة القاعدة الجماهيرية التي أعطت الزخم للحركة، والتي فرضت على أعداء الأمس ضرورة التنسيق والاشتغال المشترك داخل حركة 20 فبراير التي انطفات شمعتها بانسحاب جماعة العدل والإحسان منها.
في مقابل ذلك استطاع حزب العدالة والتنمية أن يقود تحالفا حكوميا مكونا من أربعة أحزاب مختلفة المشارب والايديولوجيا والمبادئ، لكن ما ميز هذا التحالف هو التقارب والتفاهم الكبيرين بين طرفين فيه متناقضين وهما حزبا العدالة والتنمية ذو التوجه الاسلاموي وحزب التقدم والاشتراكية ذو التوجهات اليسارية، هذا التفاهم الذي وصل لحد التنسيق الميداني في انتخابات 4 شتنبر 2015 وما تلاها من تباد للهدايا السياسية بين الطرفين على مستوى رأسيات الجهات والدعم اللامشروط للعدلويون لرفاقهم التقدميين في انتخابات رئاسة مجلس المستشارين، مما يجعلنا أمام تساؤل كبير وهو هل بمكن اعتبار تحالف العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية تحالفا منطقيا خاصعا للماهو مبدئي، أم مجرد تحتلف مصلحي فرضته الظرفية السياسية والمصلحة الضيقة أم العدو المشترك؟ أم هو تحالف سياسي بين حزب له قاعد جماهيرية يحتاج لسند سياسي وحزب ذو وزن سياسي لكن بون قاعدة جماهيرية؟
هذه التساؤلات لا نجد لها إجابات إلا من خلال استعراض المراحل منها هذا التحالف "الرجولي" كما يسميه زعيم العدالة والتنمية، إذ ظهر جليا خلال المفاوضات الأولية لتشكيل الحكومة حيث يمكن الفصل بين من عرض عليه التحالف ومن طلب التحالف، إذ يصنف حزب التقدم والاشتراكية ضمن الأحزاب التي عرض عليها التحالف مع امتيازات تمثلت في حقائب وزارية إضافية ولها علاقة بالقطاعات الاجتماعية، وكذا النسبة التي حصل عليها هذا الحزب أثناء توزيع كعكة المناصب العليا والتي لا يستهان بها بالمقارنة مع الاحزاب الأخرى المشكلة للتحالف، مع الإشارة إلى التراشق بين الحزبين من جهة وحزب الأصالة والمعاصرة من جهة ثانية، أي هناك عدو مشترك ومصلحة مشتركة بين الطرفين مما يجعل هذا التحالف صامدا لأن كل الخيارات أمامه ضيقة نظرا للخناق الممارس عليه سواء من داخل التحالف الحكومي نفسها أو من قبل المعارضة بزعامة الأصالة والمعاصرة وكذا أصدقاء الأمس أعضاء الكتلة.
ويمكن التساؤل عن إمكانية اعتبار تحالف العدالة والتنمية ذو التوجه الاسلاموي والتقدم والاشتراكية ذو التوجه اليساري حتى لا نقول استراكي، انه تحالف التنازلات عن المبادئ والايديولوجيا؟ ام انه تحالف استراتيجي تجريبي في افق انضمام اليسار ااراديكالي المتمثل في النهج الديمقراطي ورفاق منيب وجماعة العظل والاخسان والسلفيين الممثلين للتيار الراديكالي الاسلاموي؟
ان تجربة تحالف التقدم والاشتراكية مع حزب العدالة والتنمية تحيلنا على تجربتي تونس ومصر المتمثلة في تحالف الإسلاميين واليسار لإسقاط النظام في هذين البلدين القريبين سوسيولوجيا ونوعيا للمغرب، هذا التحالف الذي انتهى بمجرد سقوط الانظمة أي العدو لتنطلق بعد ذلك مرحلة الصراع والتدافع حول المصلحة الذاتية لكل طرف، هذا مايؤكد على المصلحة تفرق والعدو يجمع.
إن تحالف العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، سبقه على أرض الواقع تحالف اليسار الراديكالي المغربي مع جماعة العدل والإحسان والذين أسسوا حركة 20 فبراير في محاولة منهم لنقل التجربة التونسية (تحالف حزب النهضة المحضور والجبهة الشعبية) وكذا التجربة المصرية (تحالف الإخوان المسلمين مع اليسار الراديكالي ) رغم معرفتهم بان تجارب الشرق لا يمكن إسقاطها على الخصوصية المغربية وهذا ما أدى لفشلها لصعوبة تحقيق التوافق بنها نظرا للتاريخ الدموي بين الطرفين ادى إلى انسحاب جماعة العدل والاحسان من الحركة، رغم المحاولات التي قادها المعطي منجب لمعاودة الكرة ودفاعه المستميت على تحالف استراتيجي مستقبلي بين اليسار الراديكالي وجماعة العدل والإحسان، وهذا ما أطلق عليه بحوار الاسلاميين واليسار الذي انطلق بندوة المكتبة الوطنية والتي حضرها منجب وارسلان آخرون، لكن الماضي الدموي والاختلاف الأيديولوجي لا زالا يحولا دون أي تقارب أو تفاهم على أرضية سياسية قادرة على خلخلة المشهد السياسي المغربي وإعادة ترتيب أو خلط أوراقه أمام ضعف القاعدة الجماهيرية لدى أحزاب اليسار وكذا الاحزاب المنثلة في المؤسسة البرلمانية مما يجعل كفة الإسلاميين قوية في فرض شروطها مع بعض التنازلات عملا بقاعدة "التحالف مع الشيطان من اجل المصلخة".
امام هذه التحديات هل يستطيع اليسار والاسلاميون مسح الماضي ونكران الذات وتحقيق التحالف بينهما؟ أم أن الأيديولوجيا والدماء واشياء أخرى تحول دون تحقيق ذلك؟ أم أنه كيف ليسار مشتت لم يستطع جمع شمل عائلته أن يحقق تحالفا مع العدو؟
هذه التساؤلات يبقى المستقبل والتطورات السياسية المتسارعة في المشهد السياسي المغربي الكفيلان بالإجابة عنها؟ أما التكهناتفهي صعبة الى درجة الاستحالة نظرا لتشعب العلاقات وغياب المبادرة بين الطرفين وعدم وجود رؤية واضحة أو مصلحة ضيقة مشتركة وعدو واضح مشترك.
باحث في الدراسات الدولية و السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.