بايتاس يؤكد التزام الحكومة بتعهداتها لحل أزمة طلبة الطب والصيدلة    ارتفاع حصيلة حريق الكويت إلى 49 قتيلا    الحكومة تُعلّق على فاجعة تلميذة آسفي    الأمن يُحبط مخططًا للهجرة السرية ويوقف 6 أشخاص في الجديدة    عاجل.. النيابة العامة تواجه "مومو" بالخبرة التقنية والدفاع يلتمس التأخير    جلالة الملك يراسل بوتين    أول تعليق لعموتة بعد قيادته الأردن للفوز على السعودية في عقر دارها    السكوري: المغرب تمكن من تقليص عدد الأطفال العاملين ب 94 في المائة    فاش.. رئيس مقاطعة يضع اسم والده على شارع مكان "يوسف بن تاشفين"    بشرى للسائقين.. إسبانيا تعترف بالبيرمي المغربي    توقعات أحوال الطقس غدا الخميس    المجلس الإقليمي للدريوش يصادق على مشاريع جديدة ويناقش واقع الماء والكهرباء بالإقليم في دورة يونيو    المصادقة على مشروع مرسوم يتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    فعاليات تطالب باستئصال ظاهرة تشغيل الأطفال من خلال الحوار الاجتماعي    "الاتحاد" يفوز برئاسة جماعة أورير    دياز: المغرب يختم الموسم بفوز كبير    تزايد الإقبال على اقتناء الملابس التقليدية بمناسبة عيد الأضحى    "تقرير أممي يكشف عن كمٍ غير مسبوق من الانتهاكات ضد الأطفال في غزة والضفة الغربية وإسرائيل" – الغارديان    الإيسيسكو تجدد التأكيد على التزامها بالمساهمة في القضاء على تشغيل الأطفال    أمام لجنة ال24 التابعة للأمم المتحدة : عمر هلال: على الجزائر أن تقر بإخفاق مشروعها الانفصالي في الصحراء    كيف انطلقت بطولة كأس الأمم الأوروبية؟    إعادة انتخاب المغرب عن جدارة في اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة    توقيع اتفاقية تعاون بين جهة الشرق وجهة اترارزة الموريتانية    العيون.. تقديم العرض ما قبل الأول لفيلم «صحاري – سلم وسعى» للمخرج مولاي الطيب بوحنانة    حقيقة الانسولين الروسي الذي سيدخل السوق المغربية لعلاج مرض السكري؟    أول تعليق لمدرب الكونغو بعد الهزيمة الثقيلة أمام "أسود الأطلس"    رغم المرض .. المغنية العالمية "سيلين ديون" تعد الجمهور بالعودة    إنتاج النفط الخام يتراجع في السعودية    الارتفاع يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    أسعار النفط ترتفع وسط تفاؤل حيال الطلب    قدوم أكثر من 1.5 مليون حاج من خارج السعودية عبر المنافذ الدولية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تقرير: المغاربة أكثر من رفضت إسبانيا طلبات تأشيراتهم في 2023    إذاعة فرنسا العامة تطرد كوميديا بسبب نكتة عن نتنياهو    الوزارة تكشف عدد السياح الذين زاروا المغرب عند نهاية شهر ماي    كيوسك الأربعاء | أزيد من 7 آلاف طفل في خلاف مع القانون    الخلاف الحدودي السعودي-الإماراتي على الياسات: نزاع حدودي أم صراع نفوذ؟    تحقيق للأمم المتحدة: النطاق "الهائل" للقتل في غزة يصل إلى جريمة ضد الإنسانية    حكيمي يكشف السر وراء الفوز الساحق على الكونغو    اليد الربعة: تجربة جديدة في الكتابة المشتركة    لوحات فريدة عمرو تكريم للهوية والتراث وفلسطين والقيم الكونية    المنتخب المغربي يتألق بتحقيق فوز عريض ضد الكونغو برازافيل    أقصى مدة الحمل بين جدل الواقع وسر سكوت النص    اليونسكو.. تسليط الضوء على "كنوز الفنون التقليدية المغربية"    إطلاق مشروع "إينوف فير" لتعزيز انخراط الشباب والنساء في الاقتصاد الأخضر    تطورات مهمة في طريق المغرب نحو اكتشاف جديد للغاز    توقيع على اتفاقية شراكة للشغل بالمانيا    "الأسود" يزأرون بقوة ويهزون شباك الكونغو برازافيل بسداسية نظيفة    القناة الرياضية … تبدع وتتألق …في أمسية فوز الأسود اسود    أفاية: الوضع النفسي للمجتمع المغربي يمنع تجذّر النقد.. و"الهدر" يلازم التقارير    غباء الذكاء الاصطناعي أمام جرائم الصهيونية    ندوة أطباء التخدير والإنعاش تستعرض معطيات مقلقة حول مرضى السكري    الأمثال العامية بتطوان... (622)    رفيقي يكتب: أي أساس فقهي وقانوني لإلزام نزلاء المؤسسات السياحية بالإدلاء بعقود الزواج؟ (2/3)    ارتفاع درجات الحرارة من أكبر التحديات في موسم حج هذا العام (وزارة الصحة السعودية)    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اخترعنا تاريخا يذكرنا بإنسانيتنا
نشر في العمق المغربي يوم 15 - 02 - 2017

في شباط يطل الأحمر معلنا تحيته، نراه في لباس المارة وفي زينة المحلات وعند بائع الورد وفي أضواء المقاهي. يطل الأحمر معلنا عيد الحب؛ ليذكرنا بما بقي من مشاعر في قلوب أتعبتها الهموم والمشاكل والركض وراء الماديات، يطل الأحمر ليذكرنا أنه مازال هناك متسع في قلوبنا للحب وأن فوق هته البسيطة من يستحق حبنا واهتمامنا.
في زمن طغت فيه الماديات والشكليات فأصبحنا لا نرى الحب إلا في مسلسلات الغرام ولا نسمع عنه إلا في الروايات اخترعنا عيد الحب؛ اخترعنا تاريخا يذكرنا بإنسانيتنا وبأن لنا قلوبا تحتاج من يرويها. في الرابع عشر من شباط يتلهف الكل للاحتفال، وبمجرد ما أن تدق الساعة معلنة انتهاء الرابع عشر وبداية الخامس عشر يعود الكل أدراجه لروتين لم يختره أو يقتنع به يوما لكن الظروف هي من فرضته. الحب يا سادتي لا يحتاج يوما فهو بداخلنا دائما وأبدا؛ لذا نحن لسنا بحاجة لمن يذكرنا به ولسنا بحاجة لحبيب يتذكرنا يوما وينسانا دهرا، لسنا بحاجة للشوكولاتة والورود الحمراء والليالي الرومانسية لأن الحب أكبر من ذلك بكثير.
الحب هو جوهر الحياة ومحركها والبلسم لضغوطها؛ به تسمو روح الإنسان إلى أعلى المراتب لتتغاضى عن سفاسف الأمور وتعيش في رقي أخلاقي. الحب هو من يعطي أملا بأن الدنيا تحلو وتزهو إذا ما ملأناها حبا وعشقا؛ وهنا طبعا لا أقصد الحب الرومانسي فقط، بل الحب بمختلف أشكاله وألوانه. فكم من مريض شفي بحب ودعم من حوله، وكم فاشلا أضحى أكبر ناجح بتأثير جرعة من الحب... وحتى نفهم الحب علينا أن نعيشه ونحسه ونمر به؛ فلا كتابة عبارات الحب وقصائد الغرام ولا تأليف أروع الأغاني والألحان أو حتى سماعها كفيل بجعلنا نلمس مفهومه. لكننا نلمسه إذا ما غزا قلوبنا وعقولنا؛ فحين نصبح رءوفين بمن حولنا، كريمين معهم ومستعدين لتقديم تضحيات من أجلهم، وحين نستطيع احتواءهم وعدم إيذائهم؛ آنذاك حق لنا القول أننا عرفنا الحب.
للحب أوجه كثيرة؛ لا يمكن حصره وتضييقه في مفهوم واحد، فالحب هو احترام الطرف الآخر والاهتمام به والاطمئنان عليه، والحب ثقة في المحبوب بدونها لا يكون للحب رونق وجمالية. الحب أيضا مواقف وتضحيات؛ فحينما ترى أبا يبخل على نفسه بأبسط الأشياء ليوفر متطلبات أطفاله، وعندما ترى زوجة رغم آلام الحيض أو الحمل تخدم أسرتها بكل تفان، وحين نسمع عن فتاة تخلت عن دراستها وأقبرت طموحاتها لأجل مراعاة والديها المقعدين، وحين نرى زوجا يتنازل عن أبسط حقوقه واستقراره من أجل أن تكمل زوجته دراستها وتشتغل وتبرز كفاءتها، وحين يقال لنا أن أما أوقفت دراستها وعملها لسنوات من أجل التفرغ لتربية وتنشأة رضيعها، وحين نسمع عن فتى لم يتزوج وضحى بأحلى سنين عمره لتربية وتعليم أخواته اليتيمات وإيصالهن إلى بر الأمان، وأيضا عندما نرى شيخا في الثمانينيات من عمره ورغم قسوة البرد والمرض يستيقظ منتصف الليل يتوضأ ويصلي ويناجي خالقه وكل همه في ذلك أن يرضى عنه... و غيرها من القصص التي نعايشها كل يوم، ندرك أن الحب الحقيقي هو إرضاء وإسعاد من نحب بتفان فقط لأننا نحبهم وليس من أجل شيء آخر.
الحب في قاموسي هو حين تطلب صديقتي مشورتي فأنصحها بكل حب وصراحة بعيدا عن المجاملات، الحب عندما يخاف ويغار علي أخي وحين تهديني أختي هدية بدون مناسبة، الحب أن أفرح لفرح إخوتي وأحزن لحزنهم، الحب حين يغمرني أبي وأمي بدعواتهما، وحين أساعد أمي في أعباء البيت رأفة ورحمة بها وأشرف على كل شيء يخص أبي في غيابها، الحب تذكر أعياد ميلاد إخوتي والإصرار على إعداد حلوى الاحتفال بنفسي حتى وإن لم أكن أجيدها أتعلمها من أجلهم، الحب أن أجد أحبتي بجانبي عندما أسقط أو أتعثر ليخبروني بأنني لست وحيدة وأنهم سندي، الحب هو نسيان آلام ومعاناة الولادة وإغراق رضيعي حبا وحنانا، الحب هو مساندتي لزوجي ودعمه واحترامه وأن يدعمني هو أيضا لأحقق طموحاتي وتطلعاتي ويحترم اختياراتي ويضحي لأجلها. الحب حين يوقفني طفل بالشارع ليخبرني كم أنا جميلة وأحيانا يتقاسم معي حلواه، الحب هو معرفتي بأن الشكولاتة مضرة بصحتي ورغم ذلك أتناولها، الحب هو عدم التردد في مساعدة من يحتاجني بدون مقابل، وإعطاء من أحبهم وقتا في خضم انشغالاتي والتزاماتي، الحب ثقة عمياء في خالقي بأنه ما ابتلاني إلا لأنه يحبني، وبأنه لم يرفض أمنياتي وابتهالاتي ودعائي ولكنه أجلها للوقت المناسب... الحب هو التعبير عن الحب لمن نحب بتصرفاتنا وأفعالنا وليس فقط بكلمات منمقة لا تسمن ولا تغني من جوع، فإذا كان الإسلام سلوكا ومعاملات فالحب أيضا سلوك ومعاملات تترجم أحاسيس جميلة وراقية.
لا حياة بدون حب ولا وجود لحب بدون التزام وبذل وعطاء، فالحب ليس فقط رجل وامرأة كما تصوره الأفلام والمسلسلات لكن الحب متمثل في كل شيء؛ فالاهتمام حب، والسؤال حب، والخوف حب، والغيرة حب، والاحترام حب، والاشتياق حب... بالحب يعيش الإنسان وبالحب يتنفس وبه يكبر، وإذا ما تخلى عن الحب يذبل.
وكل الحب مني لمن قرأ كلماتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.