استبعد المجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بحثية أمريكية، تراجع المغرب عن اتفاق التطبيع مع إسرائيل كرد فعل على العدوان الإسرائيلي على غزة وما تلاه من احتجاجات في عدة مدن مغربية، حيث أكد أنه بالرغم من أن العلاقات الثنائية قد تمر بفترة من الخمول إلا أنه من غير المرجح جدا أن تتراجع المملكة عن التزاماتها تجاه الولاياتالمتحدة وإسرائيل. وعزت المؤسسة المؤثرة في مجال الشؤون الدولية، ضمن مقال تحليلي عنونته ب"لماذا لن يقطع المغرب علاقاته مع إسرائيل؟" ذلك إلى رفض الرباط إلى جانب كل من السعودية والإمارات والبحرين والسودان وموريتانيا وجيبوتي والأردن ومصر، في 11 نونبر، لاقتراح قطع العلاقات مع إسرائيل في قمة الجامعة العربية في الرياض. وأشار المجلس الأطلسي، إلى أن المغرب على عكس الدول التي تمتلك حدودا مع إسرائيل ولها تاريخ طويل من الصراع معها، يتمتع بمرونة أكبر في سياسته الخارجية، حيث أنه يفصل بين ما يعتبره واجبا دينيا وأخويا لدعم الفلسطينيين، وبين ما يعتقد أنه يخدم حماية سلامته الإقليمية وخطته للتنمية الاقتصادية. ولذلك، تضيف المؤسسة الأمريكية، كررت الرباط في كثير من المناسبات أهمية إشراك الفلسطينيين في عملية اتفاقيات السلام مع إسرائيل، في حين قامت تدريجياً بتوسيع آفاق تعاونها مع إسرائيل، مشيرة إلى أن المغرب كان قد نبه أثناء صياغة الاتفاق مع إسرائيل على أن الأمر يتعلق ب"إعادة إقامة العلاقات الدبلوماسية" وليس تطبيعا. وسجل المصدر ذاته، أن العلاقات بين المغرب وإسرائيل لم تتطور من فتح مكاتب للاتصال إلى تمثيل دبلوماسي كامل، بالرغم من أن إسرائيل اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء في يوليوز الماضي. واتهمت المؤسسة البحثية الأمريكية، "بعض المعلقين والصحفيين بتغذية الإثارة وتقديم صورة مضللة لبلد على شفا اضطرابات مدنية خطيرة بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس"، وفق تعبيرها، مشيرة إلى أنه "في الوقت الذي لا تزال الحرب على غزة تهيمن على العناوين الرئيسية للصحف، يبدو أن العديد من المغاربة أكثر انشغالاً بندرة الأمطار، أو إضرابات المعلمين، أو إصلاح قانون الأسرة، أو حتى حكومة بيدرو سانشيز الجديدة في إسبانيا". ولفتت إلى أن البلاد متنوعة لغويا وعرقيا وإيديولوجيا، حيث اختار العديد من المغاربة، وفق تعبير المصدر ذاته، "الوقوف إلى جانب إسرائيل في الصراع المستمر باستخدام وسوم مثل "المغرب أولاً" أو "تازة قبل غزة"، موضحة أنه "باستثناء النخب التي بإمكانها الوصول إلى الأنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي فإن الأغلبية الصامتة ليس لديها رأي قوي بهذا الشأن". وترى المؤسسة البحثية الأمريكية "أطلانطيك كانسل" بأنه "بدلاً من نسج القصص حول الاضطرابات المدنية في المغرب وإعادة تمثيل توقعات الربيع العربي الفاشلة لعام 2011 حول ثورة وشيكة تنتظر المملكة، ربما يكون من الأفضل التركيز بدلاً من ذلك على التصعيد الأخير والمثير للقلق في الصحراء الغربية". وأشارت في هذا الصدد إلى وقوع 4 انفجارات في مدينة السمارة بتاريخ 29 أكتوبر مما أدى إلى مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين، مؤكدة أن "الهجمات ضد المدنيين، والتي أعلنت جبهة البوليساريو الانفصالية مسؤوليتها عنها في وقت لاحق، يمكن أن تمثل نوعا من امتداد الصراع بين إسرائيل وغزة إلى شمال أفريقيا، وخاصة مع استغلال متمردي الجبهة للزخم الدولي الحالي وتقليد الخطب والخطابات على غرار حماس". وسجلت المؤسسة البحثية الأمريكية أنه "منذ ذلك الحين، ظلت السلطات المغربية في مواجهة مستمرة مع المتمردين، الذين نفذوا، لأول مرة منذ سنوات، عملية في الأراضي الخاضعة للسيطرة المغربية وليس على طول الجدار الرملي". وأردفت أن صحيفة "دي فيلت" الألمانية أوردت في وقت سابق من هذا الشهر معلومات استخباراتية أكثر إثارة للقلق، حيث كشفت أن إيران ربما تخطط لهجوم على مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط باستخدام جبهة البوليساريو. وخلص المجلس الأطلسي الأمريكي، إلى أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن المملكة قد تخفف من تعاونها العلني مع إسرائيل والولاياتالمتحدة وتستمر في انتقاد الوضع الإنساني في غزة علناً، مستبعدا تراجع التنسيق بين المغرب وإسرائيل على المستويين الأمني والاستخباراتي، لأن "هذا التعاون أصبح الآن مسألة أمن قومي لنظام ملكي نجح في البقاء لمدة اثني عشر قرنا"، وفق تعبيره.