أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، أن النقاش الدائر حول مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يمثل "لحظة ديمقراطية بامتياز"، معتبرا أنه "تجسيد لممارسة المؤسسة التشريعية لدورها المنصوص عليه دستوريا وسياسيا"، وذلك خلال أشغال اليوم الدراسي المنعقد اليوم الاثنين بمجلس المستشارين حول المشروع المذكور. وأوضح بنسعيد أن "بلادنا أصبحت تعيش التنظيم الذاتي في مجال الصحافة، وهو المبدأ الذي يفصل تسيير الحكومة للشأن الإعلامي الوطني"، مضيفا أن التجربة الأولى للمجلس الوطني للصحافة "كشفت عن نواقص قانونية فرضت إعادة النظر في الإطار المنظم له منذ سنة 2021″، مشيرا إلى أن المشروع الجديد "صادق عليه مجلس النواب، وهو اليوم أمام أنظار اللجنة بمجلس المستشارين". وشدد الوزير على أن "تنظيم قطاع الصحافة والإعلام يمثل ركيزة أساسية لأي مجتمع ديمقراطي حديث"، مؤكدا أن التحدي الراهن يتمثل في "الجمع بين مكسب حرية الصحافة وضرورة التنظيم الذاتي للمهنة". وأضاف أن الهدف من المشروع هو "بناء الثقة بين المواطن ووسائل الإعلام، باعتبار المجلس هيئة مستقلة للتنظيم الذاتي وضمانة لاحترام أخلاقيات وواجبات المهنة ومحاربة الأخبار الزائفة". وأوضح المسؤول الحكومي، أن القانون الجديد "يهدف إلى تمكين المجلس من صلاحيات أكثر وضوحاً وفعالية"، ليضطلع بدوره في "تأطير المهنة، وضمان الشفافية في منح البطاقة المهنية، ومعالجة الشكايات، وتوفير بيئة مهنية سليمة للصحفيين". ولفت إلى أن المشروع "يأخذ بعين الاعتبار تحديات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي"، مبرزا أن الإعلام اليوم "لم يعد مقتصراً على المنابر التقليدية، بل أصبح الفضاء الرقمي الساحة الرئيسية للتداول الإخباري"، ما يستدعي "ضمان استدامة المقاولات الصحفية الرقمية وحماية جودة المحتوى الذي تنتجه". كما أكد الوزير أن "التنظيم الذاتي للمهنة يجب أن يكون جسراً لدعم المقاولات الإعلامية الجادة وحمايتها من المنافسة غير الشريفة"، مضيفا أن "تقوية المجلس هي في الواقع تقوية للنموذج الاقتصادي للصحافة الحقيقية". وشدد على أن "إعلاماً قوياً لا يمكن أن يقوم دون صحفيين مؤهلين"، داعياً إلى أن "يلعب المجلس دوراً محورياً بالتعاون مع الجامعات والمعاهد في وضع معايير التكوين المستمر لمواكبة التطورات التكنولوجية". وفي توضيحه لفلسفة المشروع، قال بنسعيد إن "الصحافيين يجب عليهم تدبير أمورهم بينهم، ولا تدخل للحكومة، فهذه هي فلسفة التنظيم الذاتي كما نص عليها الدستور في فصله 28″، مشيراً إلى أن اللجنة المؤقتة هي من "قادت المشاورات بخصوص إعداد تصور لقطاع الصحافة والنشر وقدمته للحكومة التي صاغت النصوص القانونية بناء على هذا التصور". وأضاف الوزير أن "هذه المقاربة تم اعتمادها لأول مرة بخلاف الحكومات السابقة، التي لم يكن لديها تنظيم ذاتي للمهنة عبر هيئة منظمة قانونياً"، مشيراً إلى أن النص الجديد "صحح الاختلالات القانونية السابقة وأجاب عن سؤال محوري: ما هو دور المجلس الوطني للصحافة؟". وأكد بنسعيد أن التحديات الراهنة "تفرض وجود مجلس وطني للصحافة بنص منظم جديد يمكن أن نستشرف معه سيادة إعلامية وطنية كاملة بحلول 2030″، مبرزاً أن فلسفة التنظيم الذاتي تقوم على "الحرية والمسؤولية". وأشار إلى أن إعداد المشروع "انطلق من تصور المهنيين في إطار اللجنة المؤقتة دون أي تدخل حكومي"، مؤكداً أن "كل دولة لها نمطها الخاص في التنظيم الذاتي". واعتبر محمد المهدي بنسعيد، أن اليوم الدراسي يشكل "فرصة ثمينة لتقديم آراء نقدية وبناءة، تغني النقاش بمسؤولية وشفافية، بعيداً عن المزايدات السياسوية"، مبرزاً أن "الحكومة في نهاية المسار ليست إلا آلية لوضع الإطار القانوني للتنظيم الذاتي"، لأنها "تؤمن بأن الصحافيين عليهم تدبير أمورهم بكل استقلالية".