احتضنت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ببنجرير (UM6P)، الاثنين، فعاليات الدورة الثامنة عشرة ل"مختبر المثمر للابتكار المفتوح"، وذلك تحت شعار "التعاونيات الفلاحية بقيادة النساء.. قوة جماعية من أجل زراعة مستدامة". بحضور أساتذة جامعيين وخبراء في المجال الفلاحي والنوع الاجتماعي، توقفت المداخلات التي أُلقيت في إطار هذا المختبر المفتوح، الذي تُشرف عليه مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، عند الأهمية القصوى لانخراط النساء المغربيات في التعاونيات الفلاحية، قيادتها وتسييرها أيضا. وخاضت هذه المداخلات في التوجهات الكبرى الكفيلة بدعم قيادة النساء للتعاونيات النشطة في المجال الفلاحي، في ظل تداعيات صعبة لتغيّر المناخ على هذا القطاع، مشددة على ضرورة ضمان استفادة النساء القرويات من المردودية الجماعية المحققة. وتم تقاسم هذه المعطيات بحضور ثلة من النساء اللواتي يقُمنَ بتسيير عدد من التعاونيات بالمغرب، واللواتي طرحن أسئلة مباشرة حول سُبل تجاوز التحديات التي تواجههن، في ظل هجرة قروية متفاقمة وتغيّر مناخي حاد. النساء وفضاء التعاونيات شددت جميلة عداني، المديرة المسؤولة عن تطوير الفلاحة ب"مبادرة المثمر"، على ضرورة تمتيع المرأة بحقوقها كاملة، بغرض تمكينها من المساهمة في تنزيل النموذج التنموي بالبلاد، مبرزة أن "التعاونيات تبقى فضاء يُقرّب النساء من الاستفادة من التمويلات والتكوينات والتشبيك، شخصيا واجتماعيا". وضمن كلمتها التقديمية، بيّنت عداني أن "العمل الجمعوي النسوي يبقى مجالا مُثقَلا بالتحديات؛ غير أن المهم هو كيفية تجاوز هذه التحديات وتحويلها إلى فرص تنموية وذات أثر، ما دام أن المرأة تُعد أول مبتكر داخل محيطها الأسري". وزادت: "يجب مبدئيا الاعتراف بالدور الذي تلعبه المرأة في الأمن الغذائي بالبلاد؛ إذ تُعتبر مستثمرة في التعاونيات ونشطة على مستوى الحقول أيضا. نحن في 'مبادرة المثمر' نولي أهمية قصوى لهذه الفئة، سواء تعلق الأمر بإنشاء التعاونيات، أو بالتكوينات المستمرة والولوج إلى الأسواق". وجوابا على سؤال بخصوص مستقبل قيادة النساء للتعاونيات الفلاحية بالمغرب، قالت المتحدثة: "يجب أن نظل متفائلين رغم كل التحديات، ومن الواجب أن يكون هناك تضافر للجهود، حتى نضمن سيرورة المجتمع في ظل مشاركة فعالة للمرأة على جميع المستويات". نحو تعزيز القيادة النسائية من جهتها، نوّهت عائشة الرفاعي، المديرة العامة لمكتب تنمية التعاون (ODCO)، بأدوار المرأة القروية في المجال الفلاحي، انطلاقا من مساهمتها في تحقيق نتائج جيدة بخصوص سلاسل الأركان، والصبار، والكسكس البلدي، على سبيل المثال، مبرزة أن "المغرب يشهد نشاط حوالي 40 ألف تعاونية فلاحية، تسير النساء أكثر من 3 آلاف منها". وأبرزت الرفاعي، ضمن مداخلتها، أن "المرأة القروية كانت دائما في قلب تحولات القطاع الفلاحي بالمغرب (...) ومن جهتنا، نحاول الرفع من عدد التعاونيات الفلاحية ذات القيادة النسائية، باعتبار ذلك إحدى ركائز تحقيق الانتقال المجالي وتحفيز الاستقلالية المادية للنساء". واقع ينتظر التطوير بدورها، اتفقت خديجة بوراراش، أستاذة متخصصة في النوع والإدماج الاجتماعي، مع الفكرة القائلة ب"وجود إقصاء للعنصر النسوي في عدد من التعاونيات الفلاحية، التي يسيطر عليها الذكور كليا، لا سيما من ناحية الإدارة والتسيير". واعتبرت بوراراش، في خضم توضيحاتها، أنه "لا يجب، بأي شكل من الأشكال، أن تتركز النساء في التعاونيات الفلاحية الصغرى المعروفة بمردوديتها المحدودة، في ظل وجود تمويلات من قبل الدولة يجب أن يستفيد منها كلا الجنسين". وزادت: "نحن لا نقول إننا نريد تعاونيات نسائية خالية من الرجال، بل الهدف هو توسيع دائرة التعاونيات التي يُسيّرها العنصر النسوي، في ظل واقع مُعاش يؤكد الإنتاجية المميزة والرائدة لهذا العنصر". "لا لتنمية عرجاء" أما أسماء علوي شهيد، رئيسة مصلحة التخطيط والقيادة بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فأشارت إلى أن "من المستحيل بناء اقتصاد وطني قوي بدون ضمان انخراط قوي للنساء، حتى لا نسقط في تنمية عرجاء"، منبهة إلى عوامل تُهدد إدماجهن الاقتصادي، على رأسها الأمية والزواج المبكر. وقالت: "لدينا، مع الأسف، ظاهرة تتعلق بنساء غادرن التعاونيات بعد زواجهن، وذلك بفعل صعوبة المزاوجة بين العمل داخل التعاونية ونظيره داخل المنزل، ونحن نعرف جيدا هذا الواقع"، مشيرة كذلك إلى "صعوبات تواجه بعضهن في الوصول إلى التمويلات الضرورية". جدير بالذكر أن "برنامج المثمر"، الذي تُشرف عليه مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، يُقارب موضوع الزراعة بالمغرب انطلاقا من ثلاث مقاربات، تتعلق إحداها ب"المرأة المُزارعة". ويواكب هذا البرنامج أزيد من 40 ألف مزارع ومزارعة بطريقة مباشرة، وحوالي 450 ألفا منهم بطريقة غير مباشرة.