أكّد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين حول موضوع "التنمية الترابية ورهانات تحقيق العدالة المجالية"، أن الحكومة تولي أهمية قصوى لتعزيز الاندماج الترابي وتحقيق تنمية متوازنة تشمل كافة ربوع المملكة. وفي هذا السياق، كشف أخنوش أن الحكومة عملت على إعداد برنامج أولوي يهم 77 مركزا قرويا ناشئا، يغطي مختلف جهات المغرب، وذلك في إطار تفعيل التعليمات الملكية السامية المتعلقة بالتنمية القروية والعدالة المجالية. وأوضح رئيس الحكومة أن هذه المراكز القروية ستتحول إلى فضاءات نموذجية للاندماج الترابي، حيث سيتم فيها التقاء الاستثمارات العمومية والخاصة، وتطوير البنى التحتية الأساسية، وتوفير الخدمات الاجتماعية وفرص الشغل. وترتكز هذه الرؤية على مقاربة جديدة للتنمية القروية تقوم على الشمولية والاستدامة، بما يضمن تحسين جودة الحياة في الأوساط القروية وتقليص الفوارق المجالية. وتجسد هذا التوجّه في مشروع قانون مالية 2026، حيث تم الإعلان عن تسريع تنزيل مخططات عمل تخص 36 مركزا قرويا نموذجيا، ضمن الدفعة الأولى من هذا الورش، بكلفة إجمالية تقدر ب 2.8 مليار درهم. ويشكل هذا الاستثمار خطوة نوعية نحو تحسين البنيات الأساسية، وتعزيز الخدمات الصحية والتعليمية، وتنشيط الحركة الاقتصادية داخل هذه المراكز. وفي إطار تفعيل هذا المشروع على أرض الواقع، أكد أخنوش أن الولاة والعمال شرعوا في تنظيم لقاءات تشاورية جهوية مع مختلف الفاعلين المحليين، من جماعات ترابية وهيئات مدنية وممثلي الساكنة. وتهدف هذه العملية إلى صياغة برامج تنموية قائمة على التشخيص الترابي الدقيق، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل منطقة وحاجيات سكانها، مما يجعل هذه البرامج أكثر واقعية وملاءمة للسياق المحلي. وستمثل هذه اللقاءات التشاورية أرضية خصبة لتعزيز الذكاء الجماعي على المستوى الإقليمي، من خلال إشراك مختلف المتدخلين في صياغة تصورات تنموية متكاملة. ويروم هذا النهج خلق تنمية منبثقة من الميدان، تستجيب لتطلعات الساكنة وترتكز على التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمناطق القروية. ولضمان التنفيذ الفعلي لهذه البرامج، تعمل الحكومة على إعداد مخططات عمل واضحة ذات سقف زمني محدد، مصحوبة بمجموعة من التدابير والإجراءات المؤسسية الرامية إلى تعزيز حكامة هذا الورش الكبير ومواكبة تنزيله. وتشمل هذه التدابير آليات للتتبع والتقييم، بهدف ضمان الالتزام بالجدول الزمني وتحقيق الأثر المطلوب على مستوى المعيش اليومي للساكنة.