جنوب إفريقيا تتشدد ضد فلسطينيين    تحطم مقاتلة يصرع طيارين في روسيا    الجيش الأمريكي ينفذ "الرمح الجنوبي"    رئيسة ميناء خليج قادس ترغب في تعزيز خطوط بحرية جديدة مع المغرب    العامل حشلاف يقف على كل ورشات مشاورات التنمية المندمجة بشفشاون وسط تنويه بحرصه وبدايته الموفقة    الركراكي ينهي الاستعدادات للموزمبيق    وزارة الصحة ترد على انتقادات بووانو وتوضح موقفها من "صفقات الأدوية" والممارسات داخل المصحات الخاصة    باك ستريت بويز في قُبّة Sphere لاس فيغاس: جيل الألفية وتحوُّلات العالم بين الحنين والإلهاء    الكونغو الديمقراطية تفاجئ الكامرون    باها: "منتخب U17" جاهز للقاء أمريكا    "أنفاس شعرية" في بيت الشعر في المغرب    580 ألف مستفيد من الدعم المباشر لمربي الماشية توصلوا بأزيد من 2 مليار درهم وفقا للوزير بايتاس    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة خلال 24 ساعة الماضية    المنتخب المغربي يحط الرحال بطنجة استعدادًا لمواجهة الموزمبيق وديا    السفير عمر هلال لقناة الغد: موقف المغرب بعد قرار 2797 واضح «الحكم الذاتي هو الأساس ولا شيء غيره» و سيادة المغرب «خط أحمر»    النيابة العامة بطنجة تضع «التيكتوكر آدم ووالدته» تحت الحراسة النظرية    أنظار جماهير الكرة تتجه إلى ملعب طنجة غداً الجمعة وسط توقعات بحدث "استثنائي"    أموال ومخدرات.. النيابة تكشف "العلاقة الوطيدة" بين الناصري و"إسكوبار الصحراء"    علم الوراثة الطبية.. توقيع اتفاقية شراكة بين مركز محمد السادس للبحث والابتكار والجمعية المغربية لعلم الوراثة الطبية    تداولات بورصة البيضاء تنتهي خضراء    "أرسل صوراً لك ولطفلك، اجعلني أبتسم".. رسائل تكشف علاقة ودية جمعت توم براك وإبستين    بايتاس: "النفَس الاجتماعي" خيار استراتيجي.. و580 ألف "كسّاب" توصّلوا بالدعم    إطلاق بوابة «ولوج الملعب» لتقديم معلومات آنية بشأن ملعب طنجة الكبير    بنعليلو يقارب الفساد بالقطاع الخاص    بوعلام صنصال.. انتصار الكلمة على استبداد النظام الجزائري    الاتحاد الأوروبي يستعد لإعادة التفاوض حول اتفاق الصيد البحري مع المغرب بعد قرار مجلس الأمن الداعم للحكم الذاتي    بنك المغرب: تحسن في النشاط الصناعي خلال شتنبر الماضي    الاتحاد الجزائري يتحرك لضم إيثان مبابي…    المصادقة على تعيينات جديدة في مناصب عليا    على هامش تتويجه بجائزة سلطان العويس الثقافية 2025 الشاعر العراقي حميد سعيد ل «الملحق الثقافي»: التجريب في قصيدتي لم يكن طارئاً أو على هامشها    قصيدتان    سِيرَة الْعُبُور    الفريق الاستقلالي بمجلس النواب يشيد بالقرار الأممي حول الصحراء ويؤكد دعمه لقانون المالية 2026    المسلم والإسلامي..    سقطة طبّوخ المدوّية    الترجمة الفلسفية وفلسفة الترجمة - مقاربة استراتيجية    اختبار مزدوج يحسم جاهزية "أسود الأطلس" لنهائيات كأس إفريقيا على أرض الوطن    امطار متفرقة مرتقبة بمنطقة الريف    نجاح واسع لحملة الكشف المبكر عن داء السكري بالعرائش    ثَلَاثَةُ أَطْيَافٍ مِنْ آسِفِي: إِدْمُون، سَلُومُون، أَسِيدُون    وزير الداخلية يدافع عن تجريم نشر إشاعات تشككك في نزاهة الانتخابات.. لا نستهدف تكميم الأفواه    تقرير رسمي يسجل تنامي الجريمة في المغرب على مرّ السنوات وجرائم الرشوة تضاعفت 9 مرات    المغرب يستأنف الرحلات الجوية مع إسرائيل اليوم الخميس    موريتانيا تُحرج البوليساريو وترفض الانجرار وراء أوهام الانفصال    قمة المناخ 30.. البرازيل تقرر تمديد المحادثات بشأن قضايا خلافية شائكة    كيوسك الخميس | المغرب يضاعف إنتاج محطات تحلية المياه عشر مرات    افتتاح مركز دار المقاول بمدينة الرشيدية    بالصور .. باحثون يكتشفون سحلية مفترسة عاشت قبل 240 مليون عام    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    انبعاثات الوقود الأحفوري العالمية ستسجل رقما قياسيا جديدا في 2025    برنامج طموح يزود الشباب بالمهارات التقنية في مجال الطاقة المستدامة    تعاون أمني مغربي–إسباني يُفكك شبكة لتهريب المخدرات بطائرات مسيرة    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة: في قطار السياسة
نشر في طنجة الأدبية يوم 17 - 09 - 2015

في ليلة ممطرة وباردة، شأت الأقدار أن أسافر على عجل. في جنح الظلام، ركبت سيارة أجرة متوجها إلى محطة القطار. جلست في إحدى المقصوارات، ثم بدأت أتفحص أوراقي المبعثرة كحال هذا الوطن الجريح، لعلي أجد ما أهون به عن نفسي من رتابة السفر وطوله. كان أمامي مباشرة شخص ممتلئ، متوسط القامة، تبدو عليه علامات الوقار، لحيته الخفيفة بيضاء، بادرني بتحية الإسلام، فرددت التحية بأحسن منها.
ثم استرسل يحدثني عن البرد والمطر وعن الدنيا والآخرة وعن الإحسان والبخل وعن أشياء كثيرة أعرفها جيدا عن ديننا الحنيف. أطرق هنيهة قبل أن يستغفر ويسبح، خمنت في نفسي: قد يكون من أحد الرجال الصالحين، فأثار التواضع والتقوى بادية عليه، تم زاغ بصري إلى النافدة المكسرة وقلت بحرقة وتحصر:
لا بد أن هذا بسب الإهمال؟.
قال: صدقت يا بني، .. يجب على كل عنصر في هذا الوطن الحبيب أن يقوم بدوره، فكلنا مسؤولون...
أحببت حديثه وكلماته المنمقة التي تصيب القلوب لتأسر العقول، فسألته بعفوية عن السياسة والأخلاق؟
خاطبني: "إن الله ينهى عن الفحشاء والمنكر..."، تم تابع بسؤال: ألا ترى ما يقوم به هؤلاء المسؤولون من تشجيع للمهرجانات الماجنة وهدر لمال الشعب الفقير وإفساد لأخلاق الناس؟
دونما جدال أستمر في خطبته مشددا على أفكاره بإشارات كثيرة بيديه وبإيحاءات يرسمها على وجهه بإتقان : إننا نناضل مند سنوات من أجل التصدي لهذا العبث.. يجب ترشيد النفقات والاهتمام بحياة المواطنين البسطاء...
انشرح قلبي وانسلت الكلمات بسلاسة: في بلدنا، هناك خلف الكواليس، توجد حيوانات مفترسة صعبة المراس، لا تروض، لها وجوه عديدة وعيون خفية، وهناك ما وراء السياسة أشباح تتحرك في الخفاء وتحت الظلام الحالك في ضوء النهار.. لكن لا تلمحها أبصار البسطاء...
بوثوق شديد، قال: ما أهون ذالك علينا، إننا نملك البصر والبصيرة والإيمان ونظافة اليد وحسن النوايا. تم تطلع إلى وجهي مليا ورفع من حدة صوته قليلا : يا بني، إننا الآن لا نستطيع أن نقاومهم بمفردنا ولسنا في موقع القرار، يجب على الشعب أن يعي أن الحل معنا وعلى أيدينا. قلت بحماس وأمل: سئمنا من هؤلاء القوم ولم يبق لنا من مفر إلا إليكم.
وشأت الأقدار أن يثور الثوار في بلد حبيب غير بعيد، سمعت عن تقدمه وديمقراطيته مرارا. تابعت الأخبار باهتمام قال الكتيرون في شبه يقين: سيسحقهم الحاكم ويزج بهم في السجون ويجتثهم من فوق الأرض.
فجأة، هرب الرئيس وبدأ القلق يتسرب إلى قلوب، تم سقط الزعيم فانفجر بعض الحراك في بلدي وصدحت حناجر الشباب: يسقط، يسقط الفساد...
وما هي إلا أيام حتى جاء الجواب وتقدم صاحبي وجماعته، استبشرت والبسطاء خيرا، دعوت لهم بالنجاح والتوفيق والتمست لهم الأعذار وواجهت أعدائهم بالحجة والدليل وصبرت على زلاتهم. كنت كلما سألني أحد عن وعودهم أجبته بأن ما أفسده الزمان الطويل لا يصلحه يوم قصير، وشجعت أقاربي ومعارفي على مساندته، تمنيت أن يبدؤوا بالسهل البسيط ويحاربوا الفساد والمفسدين.
انتظرت وانتظرت...
وجاء موسم مهرجانات الميوعة باسم الفن، فقلت هنا سيضربون وسيستردون أموال الشعب ليطعموا الفقير منه والمحروم واليتيم، فأتونا بقول شهير: إنها من أموال الخواص لا دخل لنا بها. قلت في نفسي: فليكن، الفساد كثير والمفسدون كثر والقادم أعظم، هناك جولات أخرى ستربح بكل تأكيد.
وفي احدى الليالي، جلست إلى المائدة أحتسي كأسا من الشاي وأشاهد التلفاز بتمعن فصاحبي يحاور، استمعت واستمعت إلى أن اصبت بالدهشة حينما قال: هناك مفترسون أشباح لا تدركهم الأبصار.
مهما يكن، ربما لا يعرفون الحقل جيدا لكنهم سيبحثون عن سبل الانتصار وهكذا سيفعلون، تابعت المشاهدة والاستماع حتى سمعته يخاطب المفسدين: المسامح كريم.
اعتصر قلبي ألما وتذكرت السفر والقطار، تم قلت بيأس شديد: فلتكن محطتكم أسرع من غيركم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.