التجربة التنموية في الأقاليم الجنوبية للمغرب نموذج يحتذى على الصعيد القاري (رئيس برلمان سيماك)    محمد حمي يوجه نداء من والماس لإعادة الاعتبار للفلاح الصغير    ألمانيا.. قمة حلف الأطلسي الأسبوع المقبل ستناقش على الأرجح ملف إيران    لقجع يكشف عن موعد انتهاء الأشغال في الملاعب التي ستحتضن مباريات كأس إفريقيا    الاتحاد الإفريقي يعلن مواعيد دوري أبطال أفريقيا والكونفدرالية 2025 - 2026    إنريكي: "أشرف حكيمي من بين الأسماء المرشحة للفوز بالكرة الذهبية"    "فيفا" يخفي 10 مليون منشور مسيء عبر وسائل التواصل الاجتماعي    محاكمة أرجنتينية جديدة في قضية وفاة اللاعب الأسطوري دييغو مارادونا    نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء القادم وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    مهرجان كناوة وموسيقى العالم يفتتح ايقاعاته بالصويرة        تقرير: المغرب يجذب حوالي 15.8 مليار درهم من الاستثمارات الأجنبية بنمو 55% في 2024    رئيس بلدية تارجيست متهم بترهيب مرشح استقلالي وتخريب ممتلكاته في حملة انتخابية سابقة لأوانها    كأس العالم للأندية.. ميسي ينقذ إنتر ميامي وسان جرمان يتعثر وأتلتيكو يرفض الاستسلام    المنتخب الوطني لكرة القدم النسوية يفوز وديا على نظيره المالاوي    مندوبية: الرقم الاستدلالي للأثمان ينخفض ب 0,4 في المائة خلال ماي 2025    الرباط .. افتتاح مرآب "ساحة روسيا" تحت الأرضي بسعة 142 مكانا    شرطة عين بني مطهر توقف رجلا وامرأة يشتبه تورطهما في قضية تزوير أوراق مالية وعرضها التداول        الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    طقس حار وزخات رعدية بعدد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    رسمياً.. إدراج التروتينيت والدراجات الكهربائية في مدونة السير مع معايير تقنية صارمة لتعزيز السلامة المرورية    كيوسك الجمعة | حلقات إلكترونية في آذان الماشية لتتبع القطيع ومحاصرة التلاعب    الداخلية تتحرك لوقف استغلال شقق سكنية كمراكز عبادة غير مرخصة بالدار البيضاء    محكمة تثبت "حرس ترامب" في لوس أنجليس    برلماني يطالب بالإعفاء الكلي لديون صغار الفلاحين    رواندا تقبض على زعيمة المعارضة    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    التكنولوجيا الصينية تفرض حضورها في معرض باريس للطيران: مقاتلات شبح وطائرات مسيّرة متطورة في واجهة المشهد    وزراء خارجية أوروبيون يعقدون لقاء مع إيران في جنيف    ندوة نقابية تسلط الضوء على قانون الإضراب وتدعو إلى مراجعته    البنين تشيد بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء المغربية    مخيمات الصحراويين تحترق    النيابة العامة توجه دورية لحماية الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والتصدي للاعتداءات ضدهم    الدبلوماسية الجزائرية في واشنطن على المحك: مأدبة بوقادوم الفارغة تكشف عمق العزلة    تتبع التحضيرات الخاصة ببطولة إفريقيا القارية لكرة الطائرة الشاطئية للكبار    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    مؤسسة بالياريا تقدّم في طنجة مختارات شعرية نسائية مغربية-إسبانية بعنوان "ماتريا"    تغييرات في حكامة "اتصالات المغرب"    الأحمر يلازم تداولات بورصة البيضاء    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    هل يعي عبد الإله بنكيران خطورة ما يتلفظ به؟    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    بيت الشعر في المغرب يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر    معرض بكين للكتاب: اتفاقية لترجمة مؤلفات حول التراث المغربي اللامادي إلى اللغة الصينية    الدوزي يُطلق العدّ التنازلي ل"ديما لباس"    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصوات بلا حدود
في جنازة الكلام
نشر في طنجة الأدبية يوم 23 - 11 - 2009

لقد أثار انتباهنا، في العددين السابقين، من جريدة طَنْجَة الأدبية، مقالتين متميزتين، تتطرقان لموضوع واحد، ولكن، بطرق، وأساليب تقييمية، مختلفة. الأولى، للأستاذ يونس إمغران، وهي تقصد التعميم، من حيث الموضوع الذي تعالجه، تحت عنوان (في البحث عن مقولات خاصة بنا). والثانية، للأستاذ محمد الدغمومي، وهي طبخة داخلية، وخاصة، موجهة بأسلوب واع، ولبق، لأصحاب الحل والعقد، لأدبياتنا المغربية، تحت عنوان (الحقل الثقافي وغياب الآخر).
ولقد، تطرقت المقالة الأولى، عبر الحوار الذي أجراه مؤلفها، الأستاذ يونس إمغران، مع الكاتب المصري، عبد الوهاب المسيري، إلى طرح التساؤل المصيري، عن مدى مسؤوليتنا التاريخية. وعن مدى الخصوصية، وأصالة الإبداع، في ما ننتج. ولن نعرض لكل تلك التفاصيل القيمة، التي وردت في تساؤله، محيلين القارئ، على تفقدها، من مصادرها،إن شاء. وإنما، سنلخص مضمونها، في قوله، عن كوننا كعرب ومسلمين، ما زلنا نقتات على فتاة مائدة السادة، الذين يخدمون مصالح بلدانهم، وأننا قد اعتدنا على الاجترار، والتقليد الأعمى، وتكرارنا لأنفسنا، والكذب على ضميرنا، بينما تتوفر لدينا، كل الكفاءات، والقدرات على الإبداع.
ومن جهته، تناول الأستاذ محمد الدغمومي، الحقل الثقافي المغربي، الذي نلخصه، على حد قوله، في هذه الفقرة التالية، التي اقتبسناها من مقالته: "لم يعد خافيا على المتتبع للحقل الثقافي بالمغرب، ما يشهده هذا الحقل من التباس يصنعه أصحاب الحساسيات والطموحات الذاتية ويزكيه المنسحبون طواعية، بينما هو حقل يفترض تنشيط الجدل والعطاء وتجريب الاختيارات واقتراح البدائل مع احتمال الاختلاف والتنوع". أي ما معناه، إخلال ذوي الوصية الأدبية، بهذا البلد، بنزاهتهم، وأمانتهم التاريخية. وهذا ما سنعرض له، بشكل مُشخّص، في هذه الأسطر اللاحقة، من هذه المقالة.
فمن الملفت للنظر، في بلداننا العربية العزيزة علينا، وهذا، منذ السنوات العشر الأخيرة، هو ذاك الكم الهائل، من فائض الإنتاج "الكُتُبيّ" الذي انهال على مكتباتنا التجارية. خصوصا،داخل حقل الأدبيات الشعرية، والقصصية، والدراسات النقدية المَدْحِيّة، المُطَبّلة والمُزَمِّرة لها، والراقصة في حلبتها. بل ضف عليها، حتى بعض الترجمات، والأبحاث الجامعية، المنتفخة بما لا يعد ولا يحصى، من مصطلحات، لا معنى لها، ولا محل لها من الإعراب، لا في استخدامها وتوظيفها النظري، ولا في تلك القوالب اللفظية، المُسْتَحدثة، التي أُفْرِغت فيها. وكل هذا، في عنعنة طُقوسِيّة، مراجعها، غربية في غالب الأحيان، قد فقدت جوهر معانيها، إبان اقتلاعها، من تربتها الأصلية. وليس من المستغرب، والحالة هذه، أن يصاحب هذه الكومات، من فائض الإنتاج الورقي، فائض من دور للنشر [ولا نقصد، تلك النادرة، التي لها مصداقيتها] يتعلم بقّالوها، في جيوب مُغَفّليها، كالمثل المغربي القائل:" فرؤوس اليتامى، كي تعلموا الحجامة". وهكذا، سار موكب الناشرون، والكتاب المتعبقرون، والشعراء، وأشباه الكتاب، وأشباه، أشباه الكتاب، والشعراء، والمؤسسات الثقافية، والجمعيات البيانية، كما الفلسفية، كما العلمية، والخيريات، وفروع الاتحادات، في موكب ملائكي، تظلله ملائكة الإلهام، والعبقرية الأدبية ... وحدث ولا حرج !
وكثرت بهذه المناسبة، الأدبيات الكلامية. وكثرت الترجمات، وكثرت الإبداعات الوهمية. وكثرت معها، كوصية عليها، مظاهر السرقات، والنقل، والتحريف، والنحل والاجترار، والتكرار، واستكتاب النصوص، واستنطاقها، بما ليس فيها، أي بما معناه "الجنازة كبيرة وميتها فأر".
وعلى سبيل المثال، كثيرا ما نقف، على أسماء، لم نسمع بها، من قبل قط، قد أصبحت لامعة، من عشية، لضحاها، حاملة للعبقرية الأدبية، لذاكرة البلد. وقد زكت صحوتها الإعجازية، مؤسسات أدبية، لها شرعيتها التاريخية، ولها ثقلها على الساحة. وفي كل هذه السوق العكاظية، المكتظة بحملة الأقلام، والطفيلية، والبياعين لكلام " الحلاقي" تلاقي الخيبة، والهزيمة. تلاقي، وهذا ما يدعونا للدهشة، أقلاما لها صلاحيتها، قد راحت، متلاعبة بالمبادئ، التي تدّعي حملها، والأدبيات الملتزمة، التي تناضل من أجلها، قد راحت ترفع من شأن هذا، وتحط من قدر ذاك، لأهداف شخصية ومصالح ذاتية، أو إسمية، بخيصة الثمن. وباختصار طالما، لم تسترد الكتابة مشروعيتها. وطالما لم يسترد حملة الأقلام، أمانتهم العلمية. وطالما، لم يقدر العمل الأدبي، بالطاقات، والمجهودات، والتجارب، والخبرات، والتضحيات، التي تتطلبها روحه العلمية من الكاتب، فلا داع للكلام، يا سادتي الكرام. ونقول لكم، ولنا، ختاما:
يا سادتي الكرام !
لقد قتلنا أمانة الكلام،
ومشينا في كل جنازات السلام،
فهل بقي من كلام،
يا سادتي الكرام !؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.