في سياق جهود الدبلوماسية المغربية لتعزيز الترافع الأكاديمي والثقافي عن قضية الصحراء المغربية، شهدت العاصمة السويسرية برن لقاءً مثمراً جمع سفير المملكة المغربية بسويسرا لحسن أزولاي بكل من جان ماري هايدت، السياسي السويسري المعروف والبرلماني السابق، والسيد بيير مارسيل فافر، الناشر والمفكر وأحد الوجوه البارزة في عالم النشر والتحرير الأوروبي، وذلك بمناسبة صدور كتابهما المشترك المعنون ب "الصحراء المغربية: أرض النور والمستقبل". اللقاء لم يكن عادياً في رمزيته ولا في توقيته، بل حمل في طياته دلالات متعددة على المستويين الفكري والدبلوماسي، إذ عكس انفتاح المغرب على النخب الأوروبية التي تسعى لفهم جوهر قضية الصحراء بعيداً عن التأويلات السياسية والمواقف الجاهزة. الكتاب الذي جاء كمبادرة فكرية وتحريرية من شخصيتين أوروبيتين، يُعدّ سابقة في الحقل الأكاديمي السويسري، حيث تناول مؤلفاه بأسلوب عقلاني وموثق الأسس التاريخية والسياسية والقانونية التي تؤكد مغربية الصحراء، منذ قرون، معتمدَين على وثائق ومعاهدات دولية، وشهادات تاريخية من مصادر متعددة، بعضها أوروبية المنشأ. كما يتطرق المؤلفان إلى القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية سنة 1975، والذي أقر بوجود روابط قانونية وروحية بين القبائل الصحراوية والعرش العلوي، وهي الروابط التي تشكل إحدى الدعامات الأساسية في المشروعية التاريخية للمغرب على صحرائه. اللقاء، كان مناسبة ليعبر السفير المغربي عن تقديره الكبير لهذا العمل التوثيقي الجاد، مشيراً إلى أن مثل هذه المبادرات تعكس وعياً متزايداً لدى بعض النخب الأوروبية بأهمية تبني مقاربة قائمة على المعرفة والحقائق بدل الاكتفاء بالشعارات والمواقف السياسية الجامدة. كما أكد أن هذا النوع من الإصدارات يساهم في ترسيخ صورة المغرب كدولة مؤسسات، ملتزمة بالشرعية الدولية، وماضية في تفعيل نموذج تنموي متوازن بأقاليمه الجنوبية، ما يجعل من الصحراء المغربية فضاء حقيقياً للنور والمستقبل، كما جاء في عنوان الكتاب.