الصراعات الاقتصادية وحروب الشرق الأوسط وشرق أوروبا ترسم صورة المستقبل.. الإنكار تحول إلى سلوك أساسي لجزء كبير من الطبقة السياسية خاصة تلك التي تمسك بمقاليد السلطة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وجزء كبير من دول الغرب. سياسة الإنكار، في سياق العلاقات الدولية والعمليات السرية، تشير إلى ممارسة إخفاء الحقائق أو التنصل من المسؤولية عن عمل أو حدث معين، خاصة عندما يكون هذا العمل أو الحدث مثيرا للجدل أو يتعارض مع القيم المعلنة للدولة أو المنظمة. إن مجريات الأحداث التي نعيشها اليوم تؤشر إلى نهاية المركزية الغربية، على الرغم من رفض الدول الغربية هذه الفكرة، وتصرفاتهم وتصريحاتهم التي تشي بالوهم الذي ما زال يعتري عقولهم بأنهم هم مركز الكون. تقول الباحثة تيريزا كرم أن الإنكار هو إحدى الآليات النفسية التي يلتجأ إليها للتهرب من مواجهة الحقائق غير المريحة، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع. يتمثل الإنكار في رفض الإعتراف بحقائق مهددة أو مؤلمة، ويعتبر نوعا من الحماية النفسية التي تسمح للفرد بالتكيف مع الواقع بطرق قد تكون غير صحية على المدى الطويل. ومع مرور الزمن، تطور الإنكار ليأخذ أشكالًا أكثر تعقيدا، ليصبح أداة أيديولوجية تستخدم لأغراض سياسية أو اجتماعية لتشويه الحقائق أو تحريفها. وبذلك، يتحول الإنكار إلى آلية تؤثر في المجتمعات والسياسات بشكل أوسع. وقد أثبت العديد من الدراسات النفسية والإجتماعية أن الإنكار ليس مجرد ظاهرة فردية، بل إنه يمكن أن يصبح ظاهرة جماعية، تؤثر على مجموعة من الناس أو حتى على دول بأكملها. إلى جانب كونه آلية فردية، يتحول الإنكار في بعض الأحيان إلى ظاهرة جماعية. وتظهر الأبحاث أنّ المجتمعات أحيانا تنكر الحقائق الكبيرة تحت ضغوط سياسية أو إجتماعية. منذ أكثر من 22 شهرا تشن إسرائيل التي جندت عشرات الألاف من الجنود وحشدت مئات الدبابات والمدرعات وأحدث الطائرات بدعم غربي، حرب إبادة ضد سكان غزة ولكنها لم تستطع رغم مئات التصريحات والبلاغات من كسر شوكة المقاومة الفلسطينية، ومع انتصاف صيف 2025 خرجت تل أبيب بمشروع احتلال غزة بالكامل وكأنها كانت طوال الأشهر الماضية لا تحاول غير ذلك. في لبنان تضغط واشنطن ولندن وباريس وبرلين على بيروت من أجل نزع سلاح حزب الله بدعوى أن ذلك سيقود إلى ترسيخ الأمن، رغم أنهم يدركون أنه لولا قوة حزب الله لما ظل لبنان ساحة صعبة ومكلفة لتل أبيب منذ ربع قرن رحلت القوات الإسرائيلية تحت جنح الظلام من جنوبلبنان في 25 مايو 2000 تحت تأثير ضربات المقاومة اللبنانية الإسلامية وأفواج المقاومة اللبنانية في حركة أمل مما تسبب في انهيار جيش لبنانالجنوبي العميل ودخول حزب الله إلى مناطق الجنوب وتشكيل خط دفاعي حمى لبنان من البطش الإسرائيلي. في سوريا يتخبط المحافظون الجدد في مخططات التقسيم وإشعال الصراعات الطائفية ويسعون إلى احتلال مزيد من الأراضي بواسطة إسرائيل، ولكنهم يدركون أن مساعيهم تصطدم بمصاعب كبيرة. عن إيران تحدثوا في تل أبيب وواشنطن عن النجاح في تدمير قدرات طهران النووية بعد الغارات الإسرائيلية الأمريكية التي بدأتها تل أبيب فجر 13 يونيو 2025 واستمرت 12 يوما، ولكن بعد وقف اطلاق النار بأيام كشفت الخديعة وتبين حسب مصادر غربية وثيقة أن طهران لا تزال قادرة على صنع سلاح نووي وأنها ربما أنجزت ذلك. في وسط شرق أوروبا حيث دخلت الحرب بين روسيا وحلف الناتو سنتها الرابعة وأصبحت موسكو تسيطر على الساحة وتتقدم على طول جبهة طولها 1000 كيلومتر، لا يزال بعض الساسة الغربيين يتحدثون عن هزيمة روسيا. الرئيس ترامب أعطى مهلة 50 يوما للكرملين لقبول وقف إطلاق النار مع كييف، ثم عدل التوقيت إلى 10 أيام انتهت في 8 أغسطس 2025، ولكن الصورة تبدلت وأصبح هناك مخطط لقمة روسية أمريكية في ولاية ألاسكا منتصف شهر أغسطس. هددت واشنطن كل من يتعامل اقتصاديا وتجاريا مع الكرملين ويشتري نفط روسيا، فلم تلق سوى التجاهل والرفض خاصة من جانب الهند 1451 مليون نسمة والبرازيل 212 مليون نسمة والصين 1409 مليون نسمة وغالبية دول بريكس 3625 مليون نسمة. في واشنطن تسود فوضى التصريحات والتهديدات التي تتبدل وتتقلب من ساعة إلى أخرى. توعدت واشنطن بتدمير الصين اقتصاديا وشنت حرب التعريفات الجمركية وفي النهاية تراجعت وتسعى لحل، في وقت يستمر اليمين الأمريكي في الدعوة إلى حرب كبرى للحفاظ على النظام العالمي الذي يتحكم فيه الغرب.