وقال ابْنُ عربي

في المدينةْ
ها أنا في المَدينةِ
أوْ في مهَبِّ البهاءِ
أشِعُّ
أسيرُ
كما الأنجُمُ السَّارياتُ
على الطِّينِ
شِبْهَ المُسَرْْنمِ
صوْبَ الحديقةِ
يَخْلبُني ما أراهُ
ولستُ أراهُ
أحدِّقُ
كيْ أتحقَّقَ
ممَّا أراهُ
ولستُ أراهُ
أجوزُ السِّياجَ
كما الضَّوءُ
أخلعُ نعْلَيَّ
أفتحُ نافذةَ الياسمينِ
على سُرُرٍ ونمارِقَ
أسمعُ بين الظِّلالِ
تراتيلَ
لوْ سمِعَتْها الجبالُ
جَثتْ
وبَكتْ
أرْتوي
حين أشربُ
من جدْولِ الوردِ
أوغِلُ
في ملكُوتِ الحديقةِ
شوقاً فشوقاً
إلى أنْ بلغْتُ
إلى السِّدرةِ النَّبويَّةِ
حينئذٍ
كانتِ الشَّمسُ تطلُعُ
فاضتْ عليَّ السَّماواتُ
كنتُ أراهُ
على حافَّةِ الكونِ
في جسدٍ أخْضرٍ
وأنا قدْ أتمْتِمُ
لكِنَّ كُلَّ الحُروفِ
تضيعُ عليَّ
أغمْغِمُ
أصْمُتُ
أذوِي
أغيبْ
في دمشْقْ
ها أنا في دِمِشْقْ
يميلُ بي الجِذرُ
ميْلَ الهواءِ
كأنِّي ارْتجَفتُ
وما كانَ يُهْوِلُني
أيُّ عَصفْ
ها أنا في دِمِشْقَ
أريقُ
الظِّلالَ الأخيرةَ
من جسَدي
في السَّريرِ
وبي قلقُ العندليبِ
على فرْخهِ
حين يرحلُ
بي غشْيَةُ الوصْلِ
حين يحينُ الرَّحيلُ
فكلُّ الأحبَّةِ جاءُواْ
فهذا المُبجَّلُ (( قاسْيونَ))
ينزلُ من عرشِهِ
ويخِفُّ إلى البيْتِ
هذا ابنُ رشدٍ
يُطلُّ منَ القبرِ
هذا المُضَرَّجُ في دمهِ
يتدلَّى من السَّقفِ
هذي عرائسُ قادمةٌ
منْ منازلَ نائيةٍ
يقترِبْنَ منَ الصَّدْرِ
هذي البُنيَّةُ زينبُ
تنثرُ دمعاً
فأنثرُ دمعي الأخيرْ