اغتنمت بعض وسائل الإعلام الغربية فرصة تواجدها لتغطية أحداث معبر مليلية المحتلة الأخيرة لإعداد روبورتاجات تناولت جوانب من الحياة العامة داخل الثغر المحتل. في هذا الصدد خرجت قناة آرتي الفرنسية بشريط إخباري مختصر استعرضت فيه ما سمته آراء ساكنة مليلية من أصول مغربية أمازيغية ، آراء استخلصت منها كون المغاربة لايعيرون اهتماما لعودة المدينة الى المغرب، وأنهم رافضون أن تخضع للسيادة المغربية، مرد استنتاجات القناة كون المغاربة المستجوبين تربطهم علاقة متينة باقتصاد مليلية وأن مستقبلهم مرهون ببقاءها تحت الإدارة الإسبانية وبالتالي فمغاربة المدينة يفكرون في بدائل أخرى. نذكر القناة وباقي وسائل الإعلام المأجورة الأخرى التي تجري في فلك المتحاملين على المغرب أن مغاربة مليلية بقدر ما ترى فيهم فئة تسعى للحفاظ على مصالحها فإنها مصدر ثروة بالنسبة للاقتصاد المحلي لمليلية، كان من الأجدر على الطاقم الذي تحرى في الملف أن يبحث عن تفاصيل أخرى تغنيهم عن الدخول في تفاهات أمور لايقبلها العقل والمنطق. لأن المغاربة بمليلية السليبة يشكلون قوة اقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية أيضا لايختلف حولها اثنان، ثم ان ما تناولته القناة فيما يخص تأثير اقتصاد الثغر المحتل على الدخل الفردي وعائدات الأسر المغربية استنتاج لا أساس له من الصحة لأن ما يتحصلون عليه ليس بصدقات يجود عليهم بها اقتصاد أخذ يتهاوى يوما بعد يوم، فمغاربة مليلية رقم يصعب تجاوزه لأنهم منتجون وحلقة رئيسية ضمن عملية إنتاجية ثابروا بجد حتى تكون لهم الكلمة و ساهموا فيها كل من موقعه، معطى يبرزه الموقع الذي يحتله المغاربة داخل هرم السياسة والاقتصاد، الشيء الذي تغافلته القناة وبعض وسائل الإعلام التي تتردد على المدينة بين الفينة والأخرى. ويكفي تتبع حركة التنقل الدؤوبة التي تعرفها المعابر الحدودية الوهمية بحيث يتبين حجم الارتباط القوي للمغاربة بوطنهم، الأكثر من هذا أن الإسبان أنفسهم لم تعد تطيب لهم الحياة بمليلية دون التردد على المغرب وأسواقه ومحلاته والتبضع بمنتجاته. وبالتالي ما قامت به القناة ومنابر إعلامية في محاولات سابقة لايستند الى شروط تقصي المعلومة وإنجاز استطلاع الرأي التي يخضع لمنهجية دقيقة تأخذ بعين الاعتبار وجهات النظر المختلفة ويلامس كل الشرائح الاجتماعية والعمرية كما هو متعارف عليه في العمل الصحفي، لا أن تبني تصوراتها وفق ما وصلها من كلام مغلوط ورؤية شخصية لبعض الجهات المأجورة التي تسعى جاهدة لخلخلة اجماع المغاربة حول قضية مصيرية تحظى باهتمام كبير أكدته محطات بارزة خرج فيها المغاربة منددين بزيارات مسؤولين من أعلى مستوى حينها عمدت وسائل إعلام إسبانية الى ممارسة التعتيم وصنفت مغاربة مليلية كإسبان يعترضون على مغربية المدينة. أمام الاعتداءات التي شهدتها معابر مليلية والتصرفات اللامسؤولة الصادرة عن أجهزة الأمن الإسبانية كان من الواجب على مراسلي هذه القناة وباقي المنابر التي حطت رحالها لتغطية الوقائع أن تنقل حجم الخروقات والانتهاكات وتبحث بين ثناياها لإيجاد الدوافع الحقيقية التي لايمكن فصلها عن قضية مشروعة لشعب يطالب بحق التنقل فوق أرض أثبت التاريخ والجغرافيا أنها مغربية صرفة. تحركات أعداء وحدتنا الترابية تعددت أوجهها ولاتخفي نواياها كذا الأجندة التي تشتغل وفقها، فالأمس القريب حاولوا استضافة واستدراج المدعوة أميناتو حيدر، وأمام يقظة المغاربة داخل مليلية المحتلة و خارجها واستماتتهم في الدفاع عن كرامتهم وشعورهم راجعت نفس الجهات حساباتها بعد أن تبين أنه لا طائل منها. كما عملوا على ترويج فكرة انعدام الضمانات الاقتصادية في حالة عودة مليلية المحتلة الى المغرب بل منحوا أنفسهم صفة المتحدث عن ساكنة مليلية التي لايمكن أن تنتدب من يشمت في أصولهم وكرامتهم مقابل ولاء مكشوف وامتيازات ظرفية سرعان ما تنتهي بمجرد نفاذ الأهداف المسطرة الرامية إلى تأجيل كل مطلب مغربي في استرجاع أراضيه السليبة. المسؤولون بمليلية المحتلة لم يستسيغوا بعد حجم التحولات التي طرأت على محيطهم بعد توالي برامج التنمية ببني أنصار وفرخانة المحاذيتين خاصة مع انطلاقة أوراش كبرى في جل مناطق اقليمالناظور ستنهي لا محالة الفقرات الزاهية التي ظلت تميز اقتصاد مليلية المحتلة، وهي خطوات هادئة تبناها المغرب بشكل من أشكال التدرج لاحتواء وضع اقتصادي ارتبط طيلة عقود بمليلية المحتلة، فالمغاربة متيقنون أن المصلحة العليا للوطن وقيمة قضية وطنية من حجم مليلية أو سبتة وباقي الثغور تجعلهم في منأى عن كل حسابات وتكهنات فارغة تبقى مجرد خبر عابر.