المجلس العلمي المحلي للناظور ينظم لقاء تواصليا لفائدة نساء وأطفال الجالية المغربية بالخارج    أزمة أثمنة الأدوية.. صيادلة المغرب يهددون بإغلاق شامل    الأرصاد الجوية تتوقع طقسا متقلبا الأحد.. انخفاض في الحرارة وأمطار في بعض المناطق    تحذير من تسونامي في روسيا عقب زلزال بلغت شدته 7.4 درجات    النيران تندلع فجرا في مركز تجاري بإمزورن ويخلف خسائر فادحة    تشاؤم الأسر المغربية يتفاقم بشأن أسعار المواد الغذائية وقدرتها على الادخار    استقالة الرئيس التنفيذي لشركة "أسترونومر" للتكنولوجيا بعد جدل حول فيديو من حفل كولدبلاي    مسيرة حاشدة في الرباط رفضا لتجويع غزة    زلزالان قويان يضربان قبالة سواحل كامتشاتكا الروسية وتحذيرات من تسونامي    خالد المريني: رائد الهوكي على الجليد في المغرب    استنكار اتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة لما تعرض له الزميل حسن بوطبسيل    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتيفلت تطالب بفتح تحقيق في ظروف تنظيم مهرجان محلي                قدس جندول تتوج بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان المسرح الحر بعمان    الداخلة تفتح أبوابها لهوليود و"The Odyssey" يبدأ رحلته من قلب الصحراء    أزمة غير مسبوقة ب ENSA طنجة.. الأساتذة ينددون بسوء التسيير ويعلنون خطوات تصعيدية    "كان" السيدات: المنتخب المغربي يخوض حصته التدريبية ما قبل الأخيرة تأهبا لمواجهة غانا    تتويج منتخب المغرب للإناث بلقب إفريقيا في كرة المضرب "تحت 16 سنة" وتأهله لبطولة العالم    بورصة الدار البيضاء تحلق عاليا.. مؤشرات قياسية ورسملة تاريخية    الأسود المحلية تبدأ التحضيرات بفوز ودي على بوركينا فاسو    زلزالان شديدان قبالة أقصى الشرق الروسي وتحذير من تسونامي (هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية)    السلطات السورية تعلن وقف القتال وروبيو يطالبها بمنع تنظيم "الدولة الإسلامية" من دخول السويداء    كوريا: مصرع 10 أشخاص وفقدان 9 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية    جبهة الدفاع عن فلسطين ومناهضة التطبيع تنظم مسيرة وطنية في الرباط تنديدا بتجويع أهالي غزة    في عملية أمنية مشتركة... حجز شاحنة محملة بالمخدرات بحي الوفاق بازمور    العيطة تتألق في قلب الرباط.. ليلة فنية تسافر بالجمهور في أعماق التراث المغربي    أوجار: جلالة الملك صنع مغربا جديدا.. ومسؤوليتنا إيصال الحصيلة الحقيقية للمغاربة    تأخر صرف "منحة يوليوز" يؤرق طلبة مراكز جهوية للتربية والتكوين بالمغرب    "كان السيدات"..جنوب إفريقيا إلى النصف        الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    الدعوة بكيغالي إلى الاستلهام من خطب ورسائل جلالة الملك لترسيخ قيم السلم والتعايش المشترك بإفريقيا (بيان ختامي)    رسملة بورصة البيضاء تفوق ألف مليار درهم .. ربحيّة السوق تجذب المستثمرين    وفاة الأمير النائم بعد غيبوبة مستمرة دامت 20 عاما    إنفانتينو: المغرب أصبح أحد المراكز العالمية لكرة القدم    أخنوش يطلب من الوزراء والمصالح الحكومية التسريع بتنزيل قانون العقوبات البديلة    تشاؤم واسع بين الأسر المغربية... الادخار مستحيل والأسعار تواصل الارتفاع    لقجع: استثمارات "الكان" وكأس العالم تناهز 150 مليار درهم ولن تثقل على الميزانية العامة للدولة    نتائج الشطر الثاني للدعم السينمائي    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    عين اللوح .. افتتاح فعاليات الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان الوطني لأحيدوس    قندس جندول تفوز بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان المسرح الحر الدولي بعمان    لقاء تواصلي هام بهدف تجويد خدمات قطاع الكهرباء بجهة الشرق    الرئاسة السورية تعلن وقفا شاملا وفوريا لإطلاق النار في جنوب البلاد        "الأشجار المحظورة" .. الشاعر المغربي عبد السلام المَساوي ينثر سيرته أنفاسًا    تعاون مغربي فلسطيني في حقوق الإنسان    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب الغاز: لهذا أُسقط القذافي
نشر في العلم يوم 14 - 01 - 2013

إذا كان هناك بعد من يصدّق أن الحرب على ليبيا في العام 2011 كانت جزءاً عفوياً من «الربيع العربي» وأنها خيضت من أجل إنقاذ الشعب الليبي من طاغية، فلا بد له أن يشاهد التحقيق التلفزيوني الفرنسي الذي بث أخيراً. شريط موثّق بمقابلات نادرة ومعلومات تُكشف للمرة الأولى، تظهر كيف أعدّ الفرنسيون والقطريون لإسقاط معمر القذافي قبل سنوات، طمعاً بحقول غاز ضخمة في البلاد.
عندما يقول الوسيط بين شركة «توتال» النفطية الفرنسية والدولة الليبية في عهد معمر القذافي إن «قطر حثّت فرنسا على شنّ حرب على ليبيا من أجل الاستيلاء على حقول الغاز وتقاسمها»، وعندما تعلن القوات الجوية الفرنسية والبريطانية عن تنفيذ «تمارين عسكرية مشتركة» تحاكي «قصف بلد وهمي يحكمه ديكتاتور»، قبل أشهر قليلة من إعلان بدء الهجوم على ليبيا، وعندما يعترف عميل استخباري فرنسي بأنه أُرسل الى ليبيا مع آخرين قبل بدء العملية العسكرية بغية «تحضير الأرضية» وأنه نفّذ أعمالاً غير قانونية هناك تمهيداً للحرب، وعندما يكافئ «المجلس الانتقالي» الليبي الفرنسيين بعقد نفطي سرّي بعد 15 يوماً فقط على تنفيذ الهجوم العسكري. بعد هذا كله، يصبح من الصعب فهم إسقاط نظام القذافي خارج إطار تأمين مصالح نفطية فرنسية قطرية بعيداً عن أسطورة «إنقاذ أهل بنغازي المهدّدين بالفناء» و«تحرير الشعب الليبي من الطاغية» و«التحاق ليبيا بالربيع العربي». كواليس الحرب الليبية في آذار عام 2011 رُويت في تحقيق صحافي استقصائي عرضته محطة «كانال بلوس» الفرنسية منذ أيام، تحت عنوان «الغاز والنفط: الحروب السريّة». الصحافي، معدّ التحقيق، باتريك شارل ميسانس، جمع معلومات دقيقة وأجرى مقابلات مع شخصيات عملت في الظل وتحدّثت للمرة الاولى أمام الكاميرا عن التجربة الليبية وأسرارها. شريط ميسانس تضمن أيضاً مقاربة للحرب على العراق العام 2003 والحرب على ليبيا العام 2011 وأوجه التشابه بينهما، كما خصص جزءاً منه للكشف عن عملية التحضير لانقلاب رئاسي في غينيا الافريقية، أيضاً برعاية دول أجنبية لمصالح نفطية. هكذا روى ميسانس في تحقيقه كيف نشأت فكرة إسقاط نظام القذافي بين فرنسا وقطر منذ العام 2009، بهدف الاستيلاء على حقل غاز طبيعي ضخم من شأنه أن يُبقي أوروبا دافئة وفرنسا على رأس لائحة المنتجين النفطيين في اوروبا لمدة 30 عاماً. فما الذي جرى في الكواليس السياسية والدبلوماسية والاقتصادية المعتمة منذ سنوات وكيف أوهم السياسيون العالم بخدعة أن «الربيع» وصل الى ليبيا عام 2011 وأنه يجب إسقاط نظام القذافي حتى ولو بالقوة والحرب؟
«توتال» وغاز NC7
يعود التحقيق في الزمن الى عام 2007، تاريخ الزيارة الرسمية الشهيرة للقذافي الى فرنسا في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي وما نجم عنها من صفقات بيع طائرات حربية فرنسية بملايين اليوروات. تلك الزيارة تصادفت أيضاً مع اكتشاف شركة «توتال» النفطية الفرنسية حقل غاز طبيعي مهول في ليبيا. اسم الحقل «إن سي 7» NC7 ويقع غرب البلاد و«من شأنه أن يكفي حاجة أوروبا من الغاز لمدة 30 سنة»، حسب ما يذكر التحقيق. وبعد مفاوضات بين الطرفين الفرنسي والليبي، التي قادها رجل الاعمال من أصل لبناني زياد تقي الدين، باعت «المجموعة الوطنية الليبية للنفط» كامل الحقوق الخاصة بالحقل المذكور الى «توتال» بقيمة 140 مليون يورو بين نهاية عام 2008 وبداية عام 2009. تقي الدين يوضح في الشريط أن «شرط الليبيين الوحيد كان ألا يدخل أي طرف ثالت مع الشركة الفرنسية في تلك الحقوق». لكن، خلال عام 2009 علمت قطر بالاتفاق الفرنسي الليبي وأرادت أن تضمن حصة لها في الغاز الليبي، فاشترت من الفرنسيين جزءاً من «إن سي 7».
لكن ما فعلته قطر أثار غضب الليبيين، الذين طالبوا فوراً بإبعاد الامارة الخليجية عن الصفقة ووقف العمل بالاتفاق الثنائي. لكن قطر «لم تهضم» أمر استبعادها عن الاتفاق وعن الحقل الغازي الضخم، يوضح الصحافي ميسانس. وهنا يعلّق تقي الدين: «قال القطريون في أنفسهم إنهم لن يتمكنوا من التفاوض مع الليبيين ففكروا، لماذا لا نشنّ حرباً عليهم باسم إسقاط ديكتاتور اسمه معمر القذافي؟». تقي الدين يضيف «تناسى أمير قطر أنه هو نفسه ديكتاتور على رأس نظام ديكتاتوري... لكنه الأمير الديكتاتور الذي كان ساركوزي معجباً به!».
إذا، حسب تقي الدين فإن قطر هي التي حثّت فرنسا على فكرة إسقاط نظام القذافي من خلال الحرب. وفي أيلول عام 2010 بلغت المفاوضات بين الليبيين والفرنسيين حول الحقل المذكور نقطة الصفر، فتجمّدت. وهنا بدأت فرنسا جدياً بالتفكير في إسقاط القذافي، يشرح الصحافي.
وفي تشرين الاول من العام نفسه، يشير التحقيق الى حدث لافت، وهو انتقال الذراع اليمنى للقذافي، مسؤول البروتوكول لديه، نوري مسماري، بشكل مفاجئ الى فرنسا. بداية، قالت السلطات إنه يتلقى علاجاً في باريس ثم ما لبثت السلطات الليبية أن أصدرت بحقه مذكرة جلب وملاحقة، فتبيّن أنه فارّ، لكن السلطات الفرنسية رفضت تسليم مسماري وتكفلت بحمايته على أراضيها. وهنا، يقول المدير السابق للاستخبارات الفرنسية إن «الاستخبارات حصلت على معلومات قيّمة من مسماري حول القذافي. أين يذهب، أين يبيت، كيف يعمل، كيف يتنقل...». ويضيف «كل تلك المعلومات كانت مفيدة لأي عمليات يتقرر تنفيذها في المستقبل».
«رياح الجنوب 2011»
بعد حادثة المسماري، تأتي الخطوة الثانية المفاجئة بعد شهر، وهي إعلان «القوات الجوية الفرنسية» على موقعها الالكتروني الرسمي، عن إطلاق عملية عسكرية مشتركة مع القوات البريطانية اسمها «رياح الجنوب 2011». القوات الفرنسية تعرّف عن تلك العملية بالإشارة الى أنها «تقضي بالتمرّن على قصف بلد خيالي يحكمه ديكتاتور ويريد توريث ابنه السلطة كما يهدد مصالح فرنسا». أما تاريخ تنفيذ عملية «رياح الجنوب»، وهنا المفاجأة الأكبر، فهو بين 21 و25 آذار 2011 أي الفترة التي قُصفت فيها ليبيا فعلياً بعد 3 أشهر.
وهنا يلاحظ المدير السابق لوحدة مكافحة التجسس الفرنسية أن «الفرنسيين والبريطانيين شنّوا هجومهم بعد ساعات قليلة فقط من إعلان قرار الامم المتحدة. علماً أن لا أحد يقدم على هذا الأمر بطريقة تلقائية أو ارتجالية، لأن عملية كهذه تحتاج الى أشهر من التحضير». لذا، يخلص إلى القول إنه «بالتأكيد تمّ التحضير سرّاً للعملية العسكرية على ليبيا قبل أشهر من شنّها». «ثم جاء الربيع العربي ذريعة لتنفيذها واقناع الرأي العام العالمي بها»، يردف الصحافي.
لكن كيف تمّ التحضير للتدخل العسكري قبل أشهر من الحصول على قرار أممي يجيزه؟ هنا يكشف ميسانس عن أن مجموعة من عملاء الاستخبارات الفرنسيين والقطريين توجهوا الى ليبيا «لمساعدة الثوار منذ اليوم الاول من تحركهم». “ذهبتُ الى ليبيا في شباط 2011. وقمنا بتنفيذ بعض العمليات لتحضير الأرضية للحرب، ففجّرنا مثلاً آليات عسكرية ودمّرنا الكثير بكافة الوسائل المتاحة»، يقول أحد عناصر الاستخبارات الفرنسيين من دون الكشف عن وجهه واسمه في الشريط. «كنا نعلم أن لا أحد سيحاسبنا، فكل المسؤولين الكبار كانوا يعلمون بما نقوم به». وهنا يؤكد ميسانس أن تلك الأعمال التي ارتكبت في ليبيا على يد عناصر الاستخبارات «هي غير قانونية». وبعد «تحضير الأرضية» جاء دور «التهويل» واستخدام ذريعة «حقوق الانسان»، وهنا استعان ساركوزي بالكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي، الذي نقل الى الاعلام العالمي أجواء «بنغازي المرعبة، حيث السكان مهددون بأن يقصَفوا بالاسلحة الكيميائية». وتلك أيضاً ليست سوى «أسطورة» استخدمت شرارة لإطلاق العملية العسكرية، يقول ميسانس. وبعدما اعترفت فرنسا بالمجلس الانتقالي الليبي، خرج ساركوزي ليعلن للعالم بدء العملية العسكرية ضد ليبيا «باسم حقوق الانسان، وحق الشعب الليبي بتقرير مصيره». وبعد انطلاق الحرب ب15 يوماً، وقّع المجلس الانتقالي الليبي اتفاقاً سرياً مع السلطات الفرنسية تُمنح بموجبه 35٪ من الانتاج النفطي الليبي. ما من شأنه تحويل فرنسا الى المنتج الأوروبي الاول للنفط ورفع انتاج شركة «توتال»، بعدما كان انخفض في السنوات الاخيرة، يوضح التحقيق. وما هي الا أشهر قليلة، وفيما لا يزال الليبيون يحصون قتلاهم، حتى اشترت قطر حصة في أسهم «توتال» وصلت أخيراً الى 3٪.
الصحافي الفرنسي تابع تحقيقه فتوجه الى مقرّ شركة «توتال» في ليبيا، وهنا اكتشف أنه في المبنى الذي يضمّ مكاتبها لا يوجد أي اشارة لوجود الشركة، فهي تعمل بواسطة اسم «شركة مبروك للعمليات النفطية». لكن الموظف الليبي رفض التحدّث الى الصحافي الفرنسي وقال له: «تعليمات توتال واضحة لا يمكن استقبال أي صحافي هنا وليس لدينا الحرية في الكلام عن أي أمر».
المنار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.