دخل ملف الاموال المهربة بالخارج فصلا جديدا يوم الثلاثاء الماضي اثر تداول الملف مجددا بمجلس المستشارين، وأضحى التباعد في المواقف والتصريحات العنوان الأبرز لهذا الملف على المستوى الحكومي، حيث نفى محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية التوفر على قائمة أسماء قائلا" ما كاين لا لائحة ولا زوج"، وهو ما شكل تناقضا مع تصريحات سابقة لرئيس الحكومة الذي اكد معرفته بالأشخاص المعنيين بتهريب الاموال، على اعتبار انه يسهل تعقبهم عبر مكتب الصرف. وشكل هذا التصريح منعطفا جديدا في الملف الذي تقاطرت حوله الاسئلة بغرفتي البرلمان من اجل الكشف عن كل المعطيات المتصلة بالملف خاصة بعد توجيه اتهامات مجانية لرموز سياسية دفعت عدة مكونات سياسية منها حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي الى المطالبة الملحة والمتكررة لكشف لائحة المهربين وإعمال القانون فيما يخص تهريب الاموال. وامام الاحراج من هذا الملف اوضح بوسعيد في البداية ان ظاهرة تهريب الاموال عالمية تتفرع الى مستويات مثل التملص الضريبي والتهريب معلنا ان مقتضى المساهمة الابرائية الذي تضمنه القانون المالي قد اعتمدته دول أروبية، وقد نجح بعضها فيما فشل البعض الآخر في تحقيق مراميه. اما على مستوى المغرب فقال ان الحكومة تقوم بإجراءات عبر مديرية الضرائب ومكتب الصرف من اجل مراقبة تداول الأوراق النقدية والتحويلات البنكية بين المغرب والخارج ومراقبة الأداءات على مستوى استيراد السلع والخدمات وكذا مراقبة استرجاع محصول الصادرات، مضيفا ان المساهمة الابرائية ستفتح الباب للمصالحة مع الذين أخطأوا إزاء قوانين مكتب الصرف وقد صدرت الدورية التطبيقية لهذا المقتضى مثلما تم عقد لقاءات لتعبئة الأبناك، مشيرا الى ان هناك اهتماما من لدن الأوساط المعنية (ربما يعني بذلك المهربين). وقال ان الهدف هو إرساء الثقة والمصالحة لاستعادة الاموال وتعزيز الموجودات الخارجية نافيا وجود نوايا مبيتة ضد هؤلاء من الحكومة. واكد انه لا مجال لكشف القائمة إن وُجِدت لان القانون يضبط سرية العمليات فضلا عن السرية المهنية للمعاملات البنكية، مضيفا ان سلك هذا النهج لا يعني التستر او التغطية على الفساد. ولم تجد هذه التبريرات التي ارتقت الى التهرب من المسؤولية صدى لدى الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين الذي وجه السؤال الشفوي لقطاع المالية وبذلك انتقد الحكومة لقصورها في محاربة تهريب الأموال مؤكدا أنها تشجع على هذ الظاهرة ملفتا الانتباه إلى ما أسماه "تناقضا صاروخيا في خطاب رئيس الحكومة الذي يؤكد أن هناك ملفات سواء تعلق الأمر بالأسماء أو الأرقام ثم ينكر على المغاربة الحق في الوصول للمعلومة". واعتبر الفريق في تعقيبه على وزير الاقتصاد والمالية أنه مع استرجاع الأموال في إطار المصالحة الوطنية، مسجلا ما اعتبره عجز الحكومة بالوفاء بتعهداتها وذلك لافتقادها الرؤية لأن محاربة الفساد عملية معقدة وجزء لا يتجزأ مفسرا هذه التبريرات والتدابير تراجعا عن نوايا التصريح الحكومي لتجفيف منابع الفساد وتلازم المسؤولية والمحاسبة.