كما كان منتظرا ،ومن خلال سلسلة من المراسلات التي نشرتها جريدة العلم في حينها والتي دقت فيها ناقوس الخطر منبهة الوزارة المعنية الى ما آلت اليه الأوضاع داخل جامعة الحسن الأول بسطات التي أصبحت فوق فوهة بركان قابل للانفجار في أية لحظة بغية التدخل العاجل لإيجاد حلول ناجعة لملف ما بات يعرف بالسكن الجامعي الذي أسال الكثير من المداد وأصبح حديث الخاص والعام وتداوله المجلس الإقليمي الأخير لحزب الاستقلال . وفي غياب ارادة حقيقية ورؤية واضحة للمسؤولين على تدبير وتسيير الشأن الطلابي المحلي وتعنت ولامبالاة الوزارة المعنية في ايجاد حلول مقبولة وعادلة ،تطور الوضع يوم :الثلاثاء 23 دجنبر الجاري الى مواجهات عنيفة اندلعت شرارتها بين الطلبة المطالبين بحقهم في السكن الجامعي وقوات الأمن التي قامت بعملية إخلاء الحرم الجامعي من الخيام التي نصبها الطلبة الغير المستفيدين من السكن الجامعي وفك اعتصامهم السلمي والحضاري والمسؤول الذي دام أكثر من أربعين يوما وما زال قائما الى حد كتابة هذه السطور. المواجهات أسفرت عن اصابة بعض عناصر السلطة المحلية والأمنية وإغماءات في صفوف الطلبة ،ولم يسلم منها حتى الجسم الصحفي بالمدينة ،حيث تعرض المدير العام لجريدة الصحيفة الأولى الى الاهانة والاعتداء بالسحب والجذب والضرب لا لشيء إلا أنه قام بواجبه المهني المحفوف بالمخاطر أثناء تغطيته للأحداث التي دارت بالحي الجامعي ليجد نفسه بقسم المستعجلات بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بسطات حاملا شهادة طبية تحدد مدة العجز في 21 يوما، وقد انتهت هذه المواجهات باعتقال مجموعة من الطلبة الذين أطروا معركة نضالية سلمية للدفاع عن مطالب الجماهير الطلابية من أبناء هذا الوطن وخصوصا المستضعفين منهم الذين يتطلعون الى تحقيق عدالة اجتماعية وتكافؤ للفرص للحصول على سكن بالحي الجامعي ،خصوصا وأن فترة الامتحانات على مشارف الاقتراب والطلبة لم يستقروا بعد ،مما سيؤثر بشكل سلبي لا محالة على تحصيلهم ونتائجهم العلمية . إن الاحتقان مازال متواصل داخل فضاء جامعة الحسن الأول ،وتتواصل معه معاناة ومشاكل الطالبات والطلبة الذين التأمت فصائلهم الطلابية ضد ما أسموه الفساد المستشري داخل رداهات الكلية والمحسوبية والزبونية التي أضحت شعار يتغنى به المسؤولين عن الجامعة في غياب ارادة حقيقية واستراتيجية محكمة لدى الوزارة المعنية وقائد سفينتها التعليمية العالية التي يبدوا أن مشاكل وهموم هؤلاء الطلبة لا تعنيه وخارج اختصاصاته الوزارية. وقد أصدرت فصائل طلابية مختلفة من بينها الاتحاد العام لطلبة المغرب بسطات بيانات استنكارية في هذا الشأن أدانت من خلالها التدخل الأمني وانتهاك حقوق الطلبة في التظاهر السلمي والتعبير عن أراءهم ومطالبهم بحرية ومسؤولية ،واستنكارها الشديد لتماطل المسؤولين عن معالجة الملف الاجتماعي للطلبة وعجزهم عن ايجاد حلول ناجعة لمشاكلهم ومعاناتهم ،مطالبين الحكومة بالعمل الجدي والاستثمار في توسيع الأحياء الجامعية في ظل تزايد أعداد الطلبة والطالبات سنة بعد أخرى ،مؤكدين دعمهم اللامشروط مع الطلبة المعتقلين الذي تم تقديمهم الى العدالة ، داعين السلطات المعنية بالإفراج عنهم فورا . وتجدر الاشارة الى أن مفتشية حزب الاستقلال بإقليمي سطات وبرشيد تتبع عن كثب الوضع بالجامعة والأحداث التي شهدتها مؤخرا داعية الى ضبط النفس ودعوة الأطراف المتداخلة في هذا الملف الى الجلوس على طاولة الحوار وايجاد الحلول الناجعة لحله بعيدا عن الخلافات الضيقة التي لن تزيد الوضع إلا تأزما، وقد علمنا أن وكيل الملك بابتدائية سطات قد قرر زوال الخميس 25 دجنبر الجاري تمتيع جميع الطلبة المتابعين بتهم مختلفة بالسراح المؤقت وتأجيل النظر في هذه القضية الى يوم :29 يناير المقبل . فهل ستتدخل الوزارة المعنية بالقطاع من أجل فتح حوار جاد ومسؤول لرد الاعتبار للطلبة والجامعة وإنقاذ الوضع المتأزم الذي أضحى هاجسا يقض مضجع الجميع ؟ أم أن المقاربة الأمنية ستبقى هي الحل الوحيد لتدبير الخلافات لدى القائمين على الشأن الطلابي بالجامعة وتبقى معه معاناة ومشاكل الطلبة عالقة والوزارة المعنية في ركن المتغيبين الى إشعار آخر ؟.