في جلسة عمومية خصصها مجلس النواب للدراسة والتصويت على مشروع قانون رقم 03.23 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، أعلن فريق التقدم والاشتراكية رفضه للمشروع، معتبراً أن النص في صيغته الحالية لا يرقى إلى مستوى التحديات الحقوقية والتشريعية المطروحة، ولا يحقق التوازن الضروري بين حماية المجتمع وضمان الحقوق الفردية. وأكد الفريق النيابي في مداخلته التي ألقتها النائبة لبنة الصغيري، خلال الجلسة، المنعقدة صباح اليوم، أن مشروع القانون، رغم الجهد الكبير المبذول في إعداده من طرف وزارة العدل ومختلف الهيئات الوطنية، لا يستجيب بالشكل الكافي لمتطلبات العدالة الجنائية الحديثة، ولا يعكس التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان. واعتبر الفريق أن النص المطروح للتصويت يحمل "مقتضيات تراجعية وتقييدية"، وأشار إلى أن تعديل المادتين 3 و7 يثير قلقاً كبيراً بشأن دور المجتمع المدني، ويُضيق على الجمعيات في التبليغ عن جرائم الفساد وتدبير المال العام، بما يتنافى مع مبادئ الشفافية والمحاسبة واستقلالية القضاء. وفي هذا السياق، شدد فريق التقدم والاشتراكية على أن الرد على بعض التجاوزات المعزولة لبعض الجمعيات لا يمكن أن يتم عبر "العقاب الجماعي" للمجتمع المدني، بل من خلال اجتهادات تشريعية متوازنة تحمي حرية العمل الجمعوي وتحفظ في نفس الوقت نزاهته. وأبرز الفريق أنه قدم حوالي 170 مقترح تعديل، همت تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، وقرينة البراءة، وتقوية حقوق الدفاع والتقاضي، والحد من اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، وتقييد مبدأ التقادم في جرائم الفساد، وضمان مبدأ تكافؤ الطرفين داخل المحاكمة. إلا أن الحكومة لم تتفاعل مع هذه التعديلات بالشكل المطلوب، حسب تعبيره. وفي الوقت ذاته، لم يخلُ موقف الفريق من إشادة ببعض المقتضيات الإيجابية التي تضمنها النص، من قبيل إقرار التسجيل السمعي البصري أثناء التحقيقات، وتقليص مدد الاعتقال الاحتياطي، واعتماد المراقبة الإلكترونية، وتوسيع الجرائم القابلة للصلح، فضلاً عن تحسين بعض جوانب المسطرة الجنائية وتبسيطها رقمياً. وختم الفريق مداخلته بتوجيه الشكر للوزير والأطر المشرفة على إعداد المشروع، وكذا للمؤسسات الوطنية التي قدمت آراءً وملاحظات بخصوصه، كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهيئة الوقاية من الرشوة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. ورغم التقدير للمجهودات المبذولة، عبّر فريق التقدم والاشتراكية عن أسفه لضياع "فرصة تشريعية هائلة" لإحداث مراجعة عميقة للمسطرة الجنائية، تكرس توازنًا حقيقيًا بين مصلحة المجتمع وحقوق المتقاضين، وتنتصر لقيم العدالة والكرامة الإنسانية.