بعد أن تبين للكيان الانفصالي أن الكونغرس الأمريكي يسير بخطى ثابتة نحو تصنيفه منظمة إرهابية، فقد أعصابه وبدأ في تنفيذ استعراضات عبثية، عبر إطلاق مفرقعات من قبل عناصر مرتزقة يطلقونها ثم يفرون هاربين. غير أن إحدى المسيرات سرعان ما تقتنصهم، لتثبت بذلك بالدليل القاطع تورط هذا الكيان في ممارسات إرهابية تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي. وبعد صدور التصنيف الرسمي المنتظر، يطرح السؤال حول كيفية تعامل الجزائر، التي تحتضن هذا الكيان وتوفر له الدعم السياسي واللوجستي، مع هذا المعطى الجديد. فاحتضان كيان مصنف إرهابيا من طرف مؤسسة تشريعية أمريكية مرموقة، قد يضع الجزائر في موقف محرج أمام المجتمع الدولي، ويجر عليها تبعات دبلوماسية وأمنية يصعب تجاهلها. واعتبر الحسين كنون، رئيس المرصد الدولي للدراسات في تصريح لرسالة 24، أن العمل على تصنيف الجبهة الانفصالية منظمة إرهابية تمثل تحولا استراتيجيا في تعاطي القوى الكبرى مع التهديدات المتنامية في منطقة الساحل والصحراء. وشدد كنون على أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، باعتبارها القوة العالمية الأولى سياسيا واقتصاديا وعسكريا، تملك الكلمة الفصل في توجيه القرارات الدولية، مبرزا أن تصنيف "البوليساريو" من قبل الكونغرس يحمل دلالة قوية ويعكس حجم القلق المتزايد من خطورة أنشطة هذا الكيان. وأوضح المتحدث أن جبهة "البوليساريو" لم تعد مجرد حركة انفصالية، بل تحولت إلى شبكة إجرامية تمارس الاتجار بالبشر والسلاح، ولها ارتباطات مؤكدة مع جماعات إرهابية تنشط في الساحل والصحراء، مثل "القاعدة"، و"بوكو حرام"، وميليشيات مدعومة من "حزب الله"، وبدعم مباشر من إيرانوالجزائر. وأشار كنون إلى أن هذه الجبهة ترتكب انتهاكات خطيرة، من ضمنها القتل خارج القانون، واحتجاز المدنيين، والتورط في شبكات الجريمة المنظمة، مما يجعلها مصدر تهديد حقيقي للأمن الإقليمي والدولي، ويبرر بشكل موضوعي تصنيفها ضمن التنظيمات الإرهابية. وأضاف أن مؤتمر مراكش الدولي لمكافحة الإرهاب، الذي ترأسه المغرب والولاياتالمتحدة، أكد في إحدى توصياته أن "الحركات الانفصالية تشكل جزءا من التهديد الإرهابي"، وهو ما يعزز توجه المجتمع الدولي نحو ربط الانفصال بالإرهاب. ولم يتردد رئيس المرصد الدولي للدراسات في التأكيد على أن الجزائر، بوصفها الداعم الأساسي ل"البوليساريو"، أصبحت في وضع دقيق، إذ تواجه اتهامات مباشرة باحتضان وتمويل جماعة على وشك التصنيف كتنظيم إرهابي. واعتبر أن هذا الواقع سيزيد من عزلة النظام الجزائري، خاصة بعد أن فشلت محاولاته في شراء الذمم وتقديم الرشاوى لبعض الدول والمنظمات، على حد تعبيره. ويرى كنون أن الجزائر، بانخراطها في دعم كيان يهدد الاستقرار والتنمية، تضع نفسها في مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي، مشددا على ضرورة أن يتعامل العالم معها وفق حجمها الحقيقي، باعتبارها جزءا من المشكلة وليس من الحل. وختم تصريحه بالتنبيه إلى أن تحالفات مكافحة الإرهاب لم تعد تقبل بالازدواجية أو التبريرات السياسية، داعيا المنتظم الدولي إلى تحميل الجزائر كامل المسؤولية عن دعمها المتواصل لجبهة "البوليساريو" التي وصفها ب"الخطر الداهم" على الأمن المغاربي والإفريقي.