أعلن محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، عن إطلاق استراتيجية وطنية خماسية جديدة لمكافحة الفساد برسم الفترة 2025-2030، وذلك بالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد. وأكد بنعليلو أن هذه الاستراتيجية، لا تنطلق من وثيقة تقنية فقط، بل من إدراك جماعي بأن المغرب يدخل مرحلة مفصلية في مسار بناء دولة حديثة وعادلة ونزيهة، مبرزا أن الفساد، بصيغته الحالية، لم يعد مجرد ممارسات فردية معزولة، بل ظاهرة بنيوية تتقاطع مع السياسات العمومية وتهدد المصلحة العامة وتضعف ثقة المواطنين في الدولة. وشدد على أن الرؤية الجديدة تعتمد على انتقال استراتيجي من منطق رد الفعل إلى الوقاية الذكية والاستباقية، وعلى بناء منظومات تحليل وقياس قادرة على توقع المخاطر ومواجهة بؤر الفساد، انسجاما مع التوجيهات الملكية التي تعتبر مكافحة الفساد قضية مجتمع ودولة معا. ستة محاور رئيسية أولها تعزيز القيادة المعيارية والاستشرافية للهيئة، من خلال إعداد منظومة وطنية لقياس النزاهة وباروميتر خاص بها، إضافة إلى تقييم شامل للاستراتيجية السابقة (2015-2025). ثانيا، تمكين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، عبر آليات حديثة للوقاية واليقظة المبكرة، وأنظمة التبليغ الآمن، وإدارة تضارب المصالح، خاصة في القطاعات عالية المخاطر. ثالثا، إشاعة ثقافة النزاهة كسلوك مجتمعي من خلال المدرسة والجامعة والتكوين المهني، وبرامج موجهة للشباب، ودعم الصحافة الاستقصائية وإشراك فعاليات المجتمع المدني. رابعا، تعزيز الانخراط الدولي عبر شراكات متعددة الأطراف وتوطين التجارب الدولية الناجحة لحماية المصالح الوطنية. خامسا، اعتماد التحول الرقمي والذكاء المؤسساتي عبر رقمنة المساطر، وحكامة البيانات، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التحليل واتخاذ القرار. سادسا، تعزيز الجاهزية المؤسسية للهيئة من خلال حكامة داخلية متطورة، وتمثيليات جهوية، وتقوية قدرات البحث والتحري. كما تتضمن الاستراتيجية 99 مشروعا بإجراءات عملية محددة ومؤشرات لقياس الأثر، في إطار تعاقد مؤسساتي واضح بين الهيئة والدولة والمجتمع كما أن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد على انخراط فعلي للحكومة والبرلمان والسلطة القضائية وهيئات الرقابة والقطاع الخاص ووسائل الإعلام، إضافة إلى المواطن باعتباره شريكا محوريا في حماية المال العام.