أخنوش: الطاقة الاستيعابية لكليات الطب والصيدلة ارتفعت ب88 في المائة            فتح باب الترشيح لانتقاء الفيلم الطويل الذي سيمثل المغرب في جوائز الأوسكار 2026    رحيل محمد بنجلون الأندلسي.. حزب الاستقلال يودّع أحد أبرز قيادييه الوطنيين والنقابيين    انطلاق أشغال بناء المحطة الجوية الجديدة بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء    منصة يوتيوب تضيف ميزة مشاهدة المقاطع القصيرة بوضع أفقي    الكاف تضاعف دعم الأندية وتستعد لعقد شراكات بمليار دولار لتطوير الكرة الإفريقية    الدوري الفرنسي يرشح أشرف حكيمي للكرة الذهبية بعد موسم استثنائي    برمجة دورات تكوينية بعد توقيع محضر الخروج يغضب الأطر التربوية    عرض الخطوط العريضة للبرنامج الاستعجالي للسلامة الطرقية لصيف 2025    نفق المغرب-إسبانيا يعود إلى الواجهة.. حلم الربط القاري يقترب من التحقق بعد 40 سنة من التعثر    موجة حر قاتلة في البرتغال.. وفاة 284 شخصاً منذ 28 يونيو    تجريدة من القوات المسلحة الملكية تشارك في احتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال جمهوية القمر الاتحادية    "خريف العمر" و"ربيع" يمثلان المغرب في مهرجان السينما وحقوق الإنسان بنواكشوط    المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا بالرباط .. باحثون من أزيد من 100 بلد يناقشون «اللامساواة الاجتماعية والبيئية»    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    البروفيسور عيشان يحذر من مخاطر المكيفات الهوائية على مرضى الحساسية    بورصة البيضاء تحقق حصيلة إيجابية    بنسعيد يوقع مذكرة تفاهم مع مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية للحماية القانونية للتراث الثقافي المغربي    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    مصرع فتى غرقا إثر سقوطه في حوض مائي غير محروس بالنواصر    جهة سوس–ماسة تحتضن اللقاء الجهوي السابع حول الشباب والمشاركة المواطنة    الكرواتي إيفان راكيتيتش يعتزل بعمر السابعة والثلاثين    إقصائيات بطولة المغرب العسكرية للقفز على الحواجز 2025 (أسبوع الفرس).. النقيب بدر الدين حسي يفوز بجائزة القوات المسلحة الملكية    قرب الانتخابات يجدد نقاش جدوى المشاركة الأمازيغية في المشهد الحزبي    تكوين في التحري عن ادعاءات التعذيب    ترامب: خطة ماسك "حطام قطار"    رئيس إيران يتهم إسرائيل بمحاولة قتله    أسعار النفط تتراجع            رداً على ادعاءات مغلوطة.. إدارة سجن رأس الماء بفاس توضح حقيقة تعرض سجناء للابتزاز        منع الباحث أحمد ويحمان من دخول افتتاح المنتدى العالمي للسوسيولوجيا    القوات المسلحة الملكية ستحول "برج دار البارود بطنجة" إلى فضاء ثقافي مفتوح أمام العموم    اتفاقية لإدماج 110 من الأطفال والشباب في وضعية هشة بالدار البيضاء                    محمد بهضوض... الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم    أبرزهم أوناحي.. أولمبيك مارسيليا يُنزل 6 لاعبين إلى الفريق الرديف    طوفان الأقصى: عودة إلى نقطة الصفر    سلسلة بشرية في الدار البيضاء ترفع أعلام فلسطين وتندد ب"الإبادة" في غزة    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    افتتاح متحف للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في هونغ كونغ    بالأرقام.. المغرب في طليعة الذكاء الاصطناعي: نحو ريادة عالمية برؤية شاملة وأخلاقيات راسخة    فيضانات تكساس.. ارتفاع حصيلة القتلى إلى 82    تراجع الذهب نتيجة التقدم في تمديد مهلة الرسوم الجمركية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    رئيس وزراء ماليزيا: "البريكس" أمل الجنوب العالمي لنظام دولي أكثر عدلاً    غويركات يرثي محمد بهضوض.. "الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم"    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطاردة الساحرات: ما حكاية العبارة التي يرددها ترامب دائما؟
نشر في الأيام 24 يوم 20 - 12 - 2019

Getty Imagesمحاكمات سالم تعتبر من أكثر الأحداث بطشا في التاريخ الأمريكي، ويحيي الناس ذكرى ضحاياها حتى الآن
يكرر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وصف إجراءات مساءلته وعزله بأنها تشبه “مطاردة الساحرات”. وكان أحدث هذه التصريحات في خطاب أرسله أمس إلى رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، قال فيه إن “المتهمين بالسحر في بلدة سالم تلقوا عملية محاكمة أكثر عدلا”.
وردت عمدة بلدة سالم، كيم دريسكول، بأن الرئيس الأمريكي عليه “تعلم بعض دروس التاريخ” قبل استخدام هذا التشبيه.
ونشرح هنا هذا الفصل من التاريخ الأمريكي الذي يكرر الرئيس الأمريكي الإشارة إليه.
شهد عام 1692 إعدام 19 شخصا وكلبين في مستعمرة خليج ماساتشوسيتس، في بلدة سالم المطلة على الساحل الشرقي الأمريكي.
وتبلورت الاتهامات في يناير/كانون الثاني، وجرت الإعدامات بين شهري يونيو/حزيران وسبتمبر أيلول. وكان المعدومون 14 امرأة وخمسة رجال.
وكانت هذه الإعدامات نقطة في بحر التحقيقات التي شملت اتهام 144 شخصا على الأقل، وتذكر بعض المصادر التاريخية أن العدد قد يصل 185 متهما بممارسة السحر.
وتراوحت أعمار المتهمين ما بين خمس سنوات، وثمانين سنة، في حالة وصفت بالهلع الجماعي والشحن والخوف من السحر.
وبلغ الهلع والذعر مداه حتى أصبح الأزواج يتهمون زوجاتهم، والإخوة يتهمون بعضهم البعض، وتتهم البنات أمهاتهن.
واعتمدت محاكمات ساحرات سالم على ثلاثة أنواع من “الأدلة” في إدانتها للمتهمين، الأول كان الاعتراف (الذي غالبا ما كان تحت التعذيب)، والثاني هو اثنين من شهود العيان الذي “رأوا المتهمين يمارسون أعمال السحر”، والثالث كان يُسمى “الأدلة الطيفية” في إشارة إلى الأحلام التي يراها الأفراد والظواهر التي تُعتبر “خارقة للطبيعة”.
وانتهت كل هذه “الأدلة” إلى إدانة المتهمين والحكم بإعدامهم بعدة طرق، كالإغراق والشنق والسحق تحت الصخور.
السحر “أشد“ من القتل
في عام 1641، أُقر أول قانون في ماساتشوسيتس ورُصدت فيه “الجرائم” التي تستدعي عقوبة الإعدام من الأشد إلى الأخف، وكانت الوثنية على رأسها، ثم السحر في المرتبة الثانية. ونص القانون على أنه “حال ثبوت تورط رجل أو امرأة في أعمال السحر، أو التواصل مع ساحر/ة، أو الاستعانة بخدماتهم، يُحكم عليه بالإعدام”.
وشملت نفس القائمة “جرائم” أخرى اعتُبرت أخف وطأة من السحر، وهي الإلحاد، ثم القتل، ثم التسميم، وأخيرا مواقعة الحيوانات.
وحصدت مثل هذه القوانين الكثير من الأرواح، لا سيما السكان الأصليين الذين كانوا عُرضة للإدانة تحت العديد من بنود هذه القوانين. لكن “محاكمات سالم” كانت من بين أكبر الوقائع من حيث عدد المدانين وقسوة الأحكام، وحالة الذعر الشعبي التي ارتبطت بها.
Getty Imagesواحدة من طرق التحقق من الساحرات كانت إغراقهن في المياه، فإن عاشت ثبت أنها ساحرة. وإن غرقت تثبت براءتها
وكانت المحاكمة نتاج سلسلة من الأحداث والمحاكمات المماثلة التي تراكمت على مدار عدة سنوات. فمثلا في عام 1688، أُعدمت امرأة اتُهمت بممارسة السحر في نوفمبر/تشرين الثاني بعد خضوعها للملاحظة طوال الصيف في بيت أحد رجال الدين.
وقال رجل الدين، ويُدعى ماثر، إن المرأة كانت في حالة عصبية طوال الوقت، وكانت تضربه بالكتب فوق رأسه، ولم تكن قادرة على تلاوة الصلوات. واعتبر جميع هذه الشواهد دليلا دامغا على أنها ساحرة.
وكانت أطروحات وملاحظات ماثر مرجعا للكثير من التحقيقات المتعلقة بالسحر، بما في ذلك محاكمات سالم.
كذلك من بين أشهر القصص، قضية “أطفال بوسطن”، وهم أربعة أطفال لأسرة واحدة، أصيبوا بحالة من الاضطراب غير المفهومة.
وكثرت الشائعات الروايات حول الأطفال الأربعة، فقال البعض إنهم “ينبحون كالكلاب تارة، ويزمجرون كالقطط تارة أخرى.” وقال شائعات أخرى إنهم “كانوا أحيانا يطيرون كالإوز، وتبرز عروقهم ومفاصلهم”، إلى غير ذلك من أشكال الاضطراب التي اعتبرها العامة علامات على “التعرض للسحر”.
وخضع الأطفال الأربعة إلى العلاج وجلسات طرد الأرواح الشريرة على يد ماثر، الذي كتب قال إنه “لا شيء يمكن أن يعالج هؤلاء الأطفال سوى الشعائر الدينية.”
صفات الساحرة
للساحرات صفات مختلفة في التراث الشعبي في مختلف دول العالم. لكن بالنسبة لسكان سالم، يرجع تبلور وجود الساحرات إلى القرن الثالث عشر الميلادي، مع ظهور أفكار الهرطقة والشعوذة.
ومع الوقت تحول السحر إلى حالة من الهوس الشعبي. والصورة النمطية كانت أن ممارسي السحر غالبا ما يكن من النساء، ويجب أن يكن بالضرورة أشرار، ويعقدن “رباط بالدم” مع الشيطان، وتكون ميولهن شيطانية.
وذكر أحد النصوص الذي انتشر في القرن الخامس عشر أن “المرأة التي تفكر بشكل مستقل، تكون أفكارها بالضرورة شريرة.”
واتسع نطاق المشتبه فيهن ليشمل أي امرأة تخالف الصورة النمطية للمرأة الضعيفة المنكسرة التي لا رأي لها. ووفقا لهذه المعايير، تكون أي امرأة ذات رأي أو شخصية مستقلة بالضرورة ساحرة.
واعتقد أهل سالم أن الساحرات اللاتي اكتُشفن في بلدتهم وفدوا إليها من العالم القديم، وتحديدا من انجلترا.
وانتشرت حالة الذعر في السنوات التي تلت واقعة أطفال بوسطن، وزادت أعداد من يقولون إنهم تعرضوا لمس سحري أو إنهم رأوا أشباحا أو ممارسات تتعلق بالسحر.
وبحلول مايو/أيار 1962، قالت 8 فتيات إنهم تعرضن لمس سحري من أشخاص لم يقابلوهم أبدا. وقالت الفتيات إنهم أصبحن قادرات على التعرف على السحرة، وكن سببا في اعتقال حوالي 60 امرأة قبل نهاية الشهر بتهمة ممارسة السحر.
Getty Imagesخلال أقل من شهر على انعقاد محكمة سالم، اعتُقلت حوالي ستين امرأة بتهمة ممارسة السحر
الأدلة الطيفية
وكوّن عمدة بلدة سالم، سير ويليام فيبس، محكمة للنظر في قضايا السحر، وعُقدت أولى جلساتها في 27 مايو/أيار 1962، وجمع فيها ستة من الوجهاء والشخصيات الذين يمكن الاعتماد على رأيهم في تبيّن حقيقة الساحرات.
وفي العاشر من يونيو/حزيران، نُفذ أول حكم بالإعدام. وتوالت جلسات المحاكمات اعتمادا على شهادات المسحورين، أو “الأدلة الطيفية”.
لكن صوت ماثير الابن تعالى بأن الأدلة الطيفية وحدها لا تكفي، وإنه يجب الأخذ بشواهد أخرى “لأن الشيطان قد يتمثل أحيانا في صورة شخص بريء”.
واتسع نطاق الاستجوابات والاعتقالات، في حملة مسعورة أخذت بأدلة مثل تمثل الشيطان في صورة طائر يحوم حول المتهم. وتعاون رجال الدين في التعرف على السحرة، وتقديمهم للمحاكمة.
وبعد مئات المحاكمات والاتهامات، تصاعدت أصوات تدعو للأخذ بأدلة أكثر ثبوتا من الأدلة الطيفية. وقال البعض إنه طلا يمكن الأخذ بشهادة شخص مشوش أو مضطرب في اتهامات بالسرقة أو القتل، فلم يجب الأخذ بها في اتهامات السحر؟”
لكن ماثر الابن كان مهتما بالتصدي “للسحرة” ربما أكثر من اهتمامه بإنقاذ شخص يُحتمل أنه بريء. وفي مواجهة الانتقادات، دعا إلى الأخذ بالأدلة الطيفية كدليل تكميلي، بجانب أنواع الأدلة الأخرى.
وبنهاية أكتوبر/تشرين الأول، حلّ فيبس محكمة الساحرات. ورحل ماثر إلى بليموث، لكنه استمر في شعائره لعلاج المصابين بالمس.
ويُشار إلى محاكمات سالم بأنها أحد أكثر الوقائع ظلما ودموية في التاريخ الأمريكي الحديث. ويحللها علماء الاجتماع في سياق نظريات الهلع العقائدي والحشد وغسيل الدماغ الجماعي.
لذا، اعتبرت عمدة سالم الحالية، كيم دريسكول، أن محاكمة سالم “التي انتهت إلى إعدام أبرياء ضعفاء في غياب الأدلة” لا يمكن أن تُقارن بمساءلة ترامب الذي يعتبر من الأفراد الأشد قوة في العام “والذي تضم قضيته أدلة دامغة واعتراف بالخطأ”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.