في قمة واحدة، يحضر المغرب وجبهة "البوليساريو" جنبا إلى جنب، "أهو فشل دبلوماسي في طرد "الجمهووية الوهمية" أم هو تفعيل لخيار استراتيجي لا محيد عنه يتعلق بشغل الكرسي الفارغ"؟، الذي تبناه المغرب إبان عودته القوية إلى أحضان الاتحاد الإفريقي سنة 2016 في أعقاب انسحابه من منظمة الوحدة الافريقية سنة 1984 ردا على قبول عضوية الانفصاليين. بروكسل تجمع عواصم القارتين الأوروبية والافريقية، ذلك على هامش أشغال القمة التي انطلقت، أمس الخميس، وتمتد إلى غاية اليوم الجمعة، وخلالها الرباط ممثلة بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، فيما جبهة "البوليساريو" المدعومة من النظام الجزائري ممثلة بزعيمها ابراهيم غالي.
تقليص التمثيلية الدبلوماسية
تسيل مشاركة "البوليساريو" في أشغال القمة الأوروبية الافريقية، مداد الجدل الكبير، وعن دعوة المنظمة الانفصالية إلى القمة يؤكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، بيتر ستانو، أن الجانب الأوروبي لم يوجه أي دعوة الى الجبهة، موضحا أن الاتحاد الأفريقي هو الذي تولى مسؤولية الدعوة.
وفي هذا الصدد، يؤكد مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، لن يحضر أعمال القمة الافريقية الأروربية، بينما يمثل المغرب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة والوفد المرافق له.
ووفق المسؤول الحكومي فالمغرب يسعى الى التأكيد من خلال حضوره في القمة، "التزامه السياسي على أعلى مستوى، تجاه القارة الأفريقية، واليتطلع لتحسين وتجديد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي".
سياسة النفس الطويل
وكان ناصر بوريطة، قد أكد في وقت سابق إبان عودة المغرب إلى حضنه الافريقي أن سياسة الكرسي الفارغ لاتعطي دائما نتائج إيجابية، مشيرا الى أن طلب المغرب العودة الى حظيرة الاتحاد الافريقي مرده الى البعد الافريقي القوي الذي أصبح يكتسيه ملف الصحراء.
من جانبها فمعركة الاعتراف بالقضية منذ نشوع النزاع ظلت في القارة الافريقية، والاتحاد الافريقي ظل بعد كل المراحل التي قطعها هذا الملف، "العمود الفقري" لخصوم الوحدة الترابية، لأنه عبر الاتحاد تمر المواقف الأكثر تطرفا في هذا الملف، وبالتالي، كان يقول بوريطة إنه كان من الطبيعي أن يتوجه المغرب الى الاتحاد حيث تدار معركة ملف الصحراء.
ووفق متابعين فإن السياسية الافريقية للمغرب وصلت اليوم الى مرحلة النضج، فالقمة الأوروبية الافريقية أعضائها والمشاركون في أشغالها يتم وفق اللوائح المؤطرة للاتحاديين، مؤكدين أن السياسية المغربية عليها التحلي بالنفس الطويل فطرد الجمهورية المزعومة يتعين قطف ثمارها في الوقت المناسب، ليس قبل وليس بعد.
ويدرك المغرب أنه بإمكانه الدفاع عن مواقفه من داخل المؤسسات وعلى رأسها الاتحاد الافريقي مادامت 34 دولة لاتعترف بجبهة البوليساريو، وهو أمر لم يكن ممكنا من ذي قبل.