31 دولة عربية وإسلامية تندد بتصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى"    القصر الكبير: التنسيقية الجمعوية المحلية تدق ناقوس الخطر حول الوضع البيئي المقلق بالمدينة    "أسود الأطلس" يطمحون لحسم التأهل أمام الكونغو الديمقراطية    كرة القدم.. برشلونة الإسباني يمدد عقد مدافعه كوندي حتى 2030    قمة تاريخية بين ترامب وبوتين في ألاسكا    فنان ال"راب" مسلم يجدد اللقاء بآلاف المغاربة بمهرجان الشواطئ لاتصالات المغرب            الحسيمة.. حادثة سير خطيرة على الطريق الساحلي بجماعة اجدير (صور)    القنيطرة: توقيف شخص تورط في السياقة الاستعراضية بالشارع العام وعرض مستعملي الطريق للخطر    قتيل في إطلاق نار قرب مسجد بالسويد    "الشان"..تعادل النيجر وجنوب إفريقيا    الذهب يتجه إلى خسارة أسبوعية    موجة حر شديد تدفع إسبانيا للرفع من حالة التأهب    موجة حر مع "الشركي" وزخات رعدية من الجمعة إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة        "الجمعية" تندد باعتقال ابتسام لشكر وتعتبره تعسفياً    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    في ظل الصمت الرسمي.. مطالب مستمرة بالكشف عن ملابسات ما تعرض له سيون أسيدون    "ربيع الكرامة" يدعو إلى رقابة المحكمة الدستورية على المسطرة الجنائية لإسقاط فصول مكرسة للتمييز ضد النساء    عشرات الاحتحاجات بالمدن المغربية نصرة لغزة واستنكارا لاستهداف الصحافيين العاملين بها    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا        حكومة لبنان تدين "تهديد" حزب الله    اعتراض سفينة محملة بثلاثة أطنان من الكوكايين غرب جزر الكناري بتعاون مع المغرب                مشاريع المياه المهيكلة بسوس.. رؤية ملكية استراتيجية لمواجهة الجفاف لا ورقة للركمجة والمزايدات السياسية        الملك محمد السادس يهنئ رئيسة جمهورية الهند بمناسبة عيد استقلال بلادها    هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة: ارتفاع صافي الأصول تحت التدبير بنسبة 9,12 في المائة متم شهر يوليوز (جمعية)    الحكومة تراهن على "التوازن" بين رعاية الحيوانات الضالة والأمن العام    الحسيمة.. المضاربة ترفع أسعار الدجاج والسردين إلى مستويات قياسية    الشرطة الإسبانيا تطالب باتفاق مع المغرب لإعادة المهاجرين    طقس حار في توقعات اليوم الجمعة بالمغرب    بطولة إنجلترا.. الأنظار نحو شيشكو ويوكيريس في قمة يونايتد وأرسنال    كرنفال وعروض موسيقية وفروسية في افتتاح مهرجان وادي زم    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط تندد باعتقال ابتسام لشكر وتعتبره تعسفياً    منظمة حقوقية تشكل لجنة لتقصي أسباب حرائق شفشاون    سبيس إكس تطلق 28 قمرا صناعيا إضافيا إلى الفضاء    العين يفتقد رحيمي في افتتاح الدوري    اختتام المؤتمر العالمي الخامس للتصوف بفاس بإعلان تأسيس "التحالف العالمي لأهل التصوف"        إحتارن يقترب من محطة جديدة في الدوري الهولندي    "كارثة طبية" أدت لوفاة العشرات في الأرجنتين    طاقم الإسعاف بتعاونية الجرف SST... جندي الخفاء بموسم مولاي عبد الله    المستثمر المغربي بمدريد.. محمد النقاش عريس سهرة الجالية بمسرح محمد الخامس    ألفيس بيريز: البطل الذي فتح... صخرة    عادل شهير يطرح كليب أغنيته الجديدة سيري باي باي -فيديو-    دراسة: ألم "فصال الركبة" يخف بتدريب المشي    الدورة الثانية لمهرجان "سيني بلاج" من 15 إلى 30 غشت الجاري بعدد من مدن المملكة    سلطان يلهب الجمهور ب"الركادة"    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة الطفلة جوليا التي التقطتها عيون الكاميرا بين حشد من المحتجزين الغزيين عند نقطة تفتيش إسرائيلية
نشر في الأيام 24 يوم 03 - 11 - 2024

يصعب رؤيتها وسط هذا الحشد من الرجال؛ إنها تلك الطفلة الصغيرة في خلفية الصورة.
كان الجنود الإسرائيليون قد أصدروا أوامرهم للرجال الذين احتجزوهم بخلع ملابسهم باستثناء الملابس الداخلية. الأوامر لم تستثن حتى كبار السن.
عيون المحتجَزين كانت تتطلع إلى مَن يقوم بتصويرهم، ولابد أنه كان جنديا إسرائيليا.
ظهرت هذه الصورة لأول مرة على حساب عبر منصة تليغرام لصحفيّ لديه مصادر موثوقة داخل الجيش الإسرائيلي.
المحتجَزون في الصورة يبدو عليهم البؤس والخوف والإنهاك. أما البنت الصغيرة، التي شوهدت في صورة لمنتج صحفي في بي بي سي، فكانت تنظر إلى شيء بعيد استحوذ على اهتمامها. ربما كان شيئا لم تلتقطه عين الكاميرا التي التقطتْ صورة هؤلاء الرجال المحتجزين.
أو ربما هي البنت لم تكن ترغب في النظر إلى وجوه الجنود المسلحين.
* بي بي سي تلتقي الطفلة الفلسطينية "قمر" وعائلتها في غزة
* غزة: من يدعم الأطفال نفسيا لمواجهة "اضطرابات ما بعد الصدمة"؟
كان الجيش الإسرائيلي قد أصدر أوامره لهؤلاء الغزيّين بالتوقف في هذا المكان. ومن ورائهم وعلى مدّ النظر ليس سوى خرائب وأطلال مبان قصفتها آلة الحرب الإسرائيلية.
كان الجنود الإسرائيليون يفتشون الرجال بحثاً عن سلاح أو أوراق هوية أو أي شيء قد يشير إلى علاقة مع حركة حماس.
لا تخطئ العين ما خلّفتْه هذه الحرب من معاناة حتى في أدقّ تفاصيل حياة الإنسان الغزاوي... وفي تعابير نظرات هذه البنت التي ترسلها إلى بعيد، هناك تفاصيل تثير العديد من الأسئلة في نفس مَن يرى الصورة.
ربما أول تلك الأسئلة هو، "مَن هي هذه البنت؟ وماذا حدث لها؟"، وكان قد مرّ أسبوع على التقاط الصورة.
هذا الأسبوع، قَتل فيه الجنود الإسرائيليون مئات الغزيين وأصابوا مئات آخرين، وشرّدوا الآلاف من ديارهم.
في هذا الأسبوع، دُفن أطفال غزيون تحت أنقاض بيوتهم التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية. أو ربما قُتل هؤلاء الأطفال لأنه لم يكن هناك دواء أو أطباء يعالجونهم من إصابات الحرب.
وبالتعاون مع برنامج غزة اليوم في القسم العربي لبي بي سي، بدأنا نبحث عن هذه البنت.
ولا تسمح إسرائيل سواء لبي بي سي أو غيرها من المحطات الإعلامية بالدخول إلى غزة لعمل تقارير إعلامية مستقلة، ولذلك تعتمد بي بي سي على شبكة موثوقة من الصحفيين المستقلين.
وبالفعل، تواصل زملاؤنا في برنامج غزة اليوم مع وكالات إغاثية في شمال قطاع غزة، واعتمدوا على الصورة للاستدلال على مكان التقاطها ومن ثم الاستدلال على المحتجزين.
وفي غضون 48 ساعة، تم التقاط الخيط الأول، عبر رسالة على الهاتف تقول: "لقد وجدنا البنت!".
جوليا أبو وردة، تبلغ من العمر ثلاث سنوات، ولا تزال على قيد الحياة.
وعندما وصل صحفي البي بي سي إلى مكان العائلة في مدينة غزة -حيث نزح إليها كثيرون من جباليا- رأى جوليا مع أبيها، وجدّها وأمها.
كانت جوليا تشاهد فيلم كارتون لدجاجات تغنّي. وكان السماعُ صعباً بسبب أزيز الطائرات المسيرة الإسرائيلية التي تحوّم فوق الرؤوس.
اندهشت جوليا عندما اكتشفت أنها أصابت اهتمام شخص غريب.
"مَن أنتِ؟" سألها أبوها مداعباً.
"جوليااااا"، هكذا أجابت البنت أباها، بمدّ الألِف على سبيل التأكيد.
BBCعثرت بي بي سي على جوليا رفقة أبيها محمد، في مدينة غزة
جسم جوليا لم يكن مصابا. كانت تلبس كِنزة ورديّة وبنطالاً من الجينز، أما شعرها الكستنائي فكان ملفوفا بعناية على شكل كعكتين على ناحيتَي رأسها الصغير، وكانت كل كعكة من الشعر معصوبة بشريط أزرق.
لكن تعابير عينيها بات يسكُنها الحذر.
ثم بدأ محمد، والد جوليا، يسرد قصة الصورة، قائلا: "لقد نزحنا خمس مرّات في غضون 21 يوما. في كل مرّة كنا نهرول هرباً من الموت بنيران الغارات والمدافع الإسرائيلية.
وفي يوم التقاط الصورة، سمعنا صوتاً مصدره طائرة مسيّرة إسرائيلية يحذّرنا بضرورة إخلاء أماكننا.
كنّا حينها في حيّ الخليفة، حيث كان الجيش الإسرائيلي يواجه عناصر تابعة لحماس".
"كان هناك قصف عشوائي. اتجهنا إلى قلب مخيم جباليا للاجئين، على طريق مؤديّة إلى نقطة تفتيش".
"كنّا نحمل معنا ملابسنا، وبعض المُعلّبات الغذائية، وما تيسّر من مقتنياتنا الشخصية.
وفي البداية كان أفراد عائلتنا يتحركون معا جنبا إلى جنب، أنا ووالدة جوليا آمال، وابننا حمزة الذي لم يتجاوز عمره 15 شهرا، ووالدي واثنان من أعمامي، فضلاً عن أحد أبناء عمومتي.
لكن فوضى الحدث، فرّقتْ شملنا، فأصبحتُ وحدي مع ابنتي جوليا بعيدين عن بقية أفراد العائلة".
"كانت رائحة الموت تفوح من كل شيء في الشوارع ... الدمار والجُثث ملقاة في على الأرض".
"لم يكن هناك مجال للحيلولة دون أن ترى جوليا بعضاً من هذه المناظر".
وبعد مرور أكثر من سنة كاملة على الحرب في غزة، أصبح الأطفال معتادين على رؤية الجثث.
وها قد وصلت عائلة جوليا إلى نقطة تفتيش إسرائيلية.
يتابع والد جوليا قائلا: "كان هناك جنود يركبون المدرّعات، وجنود آخرون يسيرون على الأرض، وقد اقترب هؤلاء الجنود الإسرائيليون من الناس وبدأوا في إطلاق النار فوق الرؤوس. وتحت القصف، كان هؤلاء الناس يتدافعون فيما بينهم بحثا عن ملاذ من الموت".
وصدرت أوامر الجنود الإسرائيليين للرجال بخلع ملابسهم باستثناء الملابس الداخلية. وهذا إجراء روتيني ينتهجه الجيش الإسرائيلي بحثاً عن أسلحة أو أحزمة انتحارية.
يقول والد جوليا إنهم احتُجزوا في نقطة التفتيش هذه ما يقرب من سبع ساعات.
لحظة التقاط الصورة، كانت جوليا تبدو هادئة. لكن هذا الهدوء لم يستمر بعدها بعد ذلك، كما يقول والدها.
"بدأتْ في الصراخ تريد والدتها".
ثم التأم شمل العائلة مجددا، وتمّ حشد هؤلاء النازحين في مكان ضيق. وفي ظل أواصر العائلة القوية، سرعان ما انتشر الخبر في مدينة غزة أنّ أقارب من جباليا قد وصلوا. ووجدت جوليا أناساً يحبونها ... وكانت هناك الحلوى ورقائق البطاطس، وغيرها مما كان مُخبّأً في مكان حصين.
ثم بدأ الوالد يقصّ على صحفي البي بي سي، معاناة ابنته جوليا من آثار صدمة عميقة، تعرضّت لها الطفلة قبل النزوح من جباليا إلى مدينة غزة.
"لقد كان لجوليا ابنُ عمّ أثيرٍ لديها. كان اسمه يحيى، وكان في السابعة من عمره. وكانت جوليا ويحيى يلعبان معا في الشارع. وقبل نحو أسبوعين، كان يحيى في الشارع عندما شنّ الجيش الإسرائيلي هجوما بطائرات مسيّرة أردى يحيى قتيلا".
يضيف والد جوليا: "منذ ذلك اليوم، كلّما سمعتْ جوليا دويّ قصف، تشيرُ بيديها الصغيرتين وتقول: ''طائرة!''، وعندما كنا محاصَرين وفي لحظة التقاط الصورة كانت عينَا جوليا مُثبّتين على طائرة مسيّرة تحوم في المكان".
BBCكان لجوليا ابن عمّ أثيرٍ لديها، كان اسمه يحيى، وقد قتله الجيش الإسرائيلي عبر هجوم بمسيّرة
تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسيف، إن نحو 14 ألف طفل غزاويّ قد قُتل في هذه الحرب.
جوناثان كريكس، المتحدث باسم المنظمة، يقول: "الأطفال في كل يوم يدفعون ثمن حرب لم يشعلوا نيرانها".
ويضيف كريكس: "معظم الأطفال الذين قابلتهم قد فقدوا عزيزا لديهم في ظروف مرعبة".
وتقول الأمم المتحدة إن كل أطفال غزة تقريبا -حوالي مليون طفل- يحتاجون إلى دعم نفسي.
وختاما، من الصعب أن نصف طفلة مثل جوليا بأنها محظوظة، بالنظر إلى ما عانته وما فقدتْه وما تعايشه من حصار.
وفي ظل هذه الظروف، تُرى "ما الذي تراه الطفلة جوليا في أحلامها؟ وعندما تصحو وتكبر -إذا قُدّر لها النجاة من القتل- ما هي الذكريات التي ستعتادُها بين الحين والحين؟ مَن ذا الذي يستطيع الإجابة على هذه الأسئلة؟!".
لكن ما تعرفه جوليا الآن هو أن الحياة يمكن أن تُنهى على نحو مفاجئ ومرعب.
وتبقى عائلة جوليا حصنها الوحيد، وستفعل العائلة كل ما بوسعها لحماية جوليا الصغيرة في مواجهة قصف الطائرات ودانات المدافع ومن الجوع والمرض.
* رحلة أطفال غزة المستحيلة للحصول على غذاء
* حرب غزة: كيف تؤثر الحرب الدائرة في مستقبل جيل من الأطفال؟
* جروح وجوع ووحدة، هذا ما يعانيه أطفال غزة الذين تيتموا بسبب الحرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.