قالت الحكومة الإسبانية إن الشرطة ألقت القبض على عشرة أشخاص بعد اشتباكات استمرت ثلاث ليال بين جماعات يمينية متطرفة ومهاجرين من شمال أفريقيا في بلدة بجنوب شرق البلاد. وقال صحافيون إنه في واحدة من أسوأ الاشتباكات التي شهدتها إسبانيا في الآونة الأخيرة، ألقى عشرات الشبان من جماعات يمينية متطرفة، بعضهم ملثمون، زجاجات وغيرها من المقذوفات على شرطة مكافحة الشغب في توري باتشيكو مساء أمس الأحد والتي ردّت بإطلاق الرصاص المطاطي لقمع الاضطرابات.
وتعود جذور هذه الأحداث إلى هجوم شنّه مجهولون الأسبوع الماضي على رجل مسن، ما أدى إلى إصابته لكنه يتعافى حاليا في منزله.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية في وقت متأخر من اليوم إن المشتبه به الرئيسي في هجوم الأسبوع الماضي أُلقي القبض عليه في شمال إقليم الباسك. وكانت السلطات ذكرت في وقت سابق أنها اعتقلت أجنبيين يُشتبه في تورطهما في الهجوم.
وأخبر المسن تلفزيون لاسيكستا الأسبوع الماضي بأنه كان يتجوّل في حديقة مقبرة عندما ركض نحوه رجلان يتحدثان بلغة لا يفهمها وأن أحدهما في حالة هياج.
وأضاف الرجل، الذي ذكر تلفزيون لاسيكستا ووسائل إعلام أخرى أنه يُدعى دومينجو توامس، "لقد طرحني أرضا وضربني. حدث كل شيء بسرعة كبيرة. أعتقد أنهما ضرباني ثم غادرا".
وقالت وزارة الداخلية إنها اعتقلت سبعة آخرين، هم ستة إسبان وواحد من أصول شمال إفريقيا، بتهم الاعتداء أو الإخلال بالنظام العام أو جرائم الكراهية أو الإضرار بالممتلكات.
ويشكّل المهاجرون، وكثير منهم من الجيل الثاني، نحو ثلث سكان توري باتشيكو البالغ عددهم 40 ألف نسمة تقريبا.
كما تستضيف المنطقة المحيطة بالمدينة أعدادا كبيرة من المهاجرين الذين يعملون كعمّال بالأجر اليومي في الزراعة، وهي إحدى ركائز اقتصاد منطقة مورسيا.
وقال بيدرو أنخيل روكا رئيس بلدية توري باتشيكو لتلفزيون (تي.في.إيه) الإسباني "أطلب من الجالية المهاجرة عدم مغادرة منازلهم وعدم مواجهة مثيري الشغب، لأن المواجهة لا تجدي نفعا لكنها ربما تثير فينا جميعا الخوف".
وفي حديثه لإذاعة كادينا سير، عزا وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا أعمال العنف إلى الخطاب المناهض للهجرة الصادر عن جماعات اليمين المتطرف وأحزاب سياسية مثل فوكس الذي قال عنه إنه يربط الهجرة بالجريمة ربطا غير مبرر.
وأضاف الوزير أن أعمال العنف في توري باتشيكو نُظمت وأثيرت بدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وظلت إسبانيا منفتحة على الهجرة وفوائدها الاقتصادية، حتى في الوقت الذي شددت فيه حكومات أوروبية أخرى القيود على الحدود، لكن الجدل تجدد، بقيادة حزب فوكس، مع تأكيد خطط نقل مهاجرين قصّر غير مصحوبين بذويهم من جزر الكناري إلى بقية أنحاء إسبانيا في الأسابيع القليلة الماضية.
وقالت وزيرة الهجرة إلما سايز لصحيفة (إل باييس) "إسبانيا ليست دولة تطارد المهاجرين، وإذا اضطررنا للنزول إلى الشوارع، فذلك للدفاع عن حقوق آلاف الأشخاص المحاصرين والمتضررين تماما من هذه المطاردة التي تستهدف المهاجرين".
وقال مهاجر من شمال إفريقيا يعيش في توري باتشيكو أمس الأحد إنه يخشى ركوب دراجته النارية بسبب مثيري الشغب الذين يرشقونها بالزجاجات، مردفا: "نريد السلام. هذا ما نريده، لا نريد أي شيء آخر".