قال عمر أعنان عضو فريق الفريق الاشتراكي بمجلس النواب-المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، إنه "لا ديمقراطية بدون صحافة حرة ولا حرية بدون استقلالية مؤسساتية ولا مؤسساتية بدون تمثيلية ديمقراطية وعدالة مهنية". وأضاف أعنان، خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال لمناقشة مشروع قانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، أن أي نص تشريعي يتعلق بتنظيم الصحافة لا يقاس فقط بجودته التقنية بل بمقدار وفائه لقيم الحرية والاستقلالية والمهنية والتعددية، مشيرا إلى أن مشروع القانون يثير عدة تحفظات وتساؤلات جوهرية.
ومضى البرلماني ذاته، متسائلا: هل نحن أمام تنظيم أم مراقبة؟، مبينا أن "المشروع ينطلق من منطق تنظيمي تأطيري لكنه لا يُخفي خلف سطوره رغبة في مراقبة الجسم الصحفي من الداخل".
وتابع المتحدث أن المشروع يمنح للمجلس الوطني للصحافة سلطات تأديبية واسعة ويرسخ آليات انتخابية وانتدابية، قد تعيد إنتاج هيمنة أقلية اقتصادية على الحقل الإعلامي، وهو ما يتناقض مع روح دستور 2011 الذي أقر بحرية الصحافة كحق دستوري لا يقبل التقييد إلا في حدود القانون وفي إطار احترام حقوق الغير.
وشدد أعنان، على المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، مع التنظيم الذاتي للمهنة لكن بشرط أن يكون تنظيما ديمقراطيا حرا ومستقلا لا امتدادا تقنيا لسياسات الضبط والاحتواء.
وبعد أن انتقد تنصيص المشروع على تعيين مندوب حكومي لدى المجلس بصفة استشارية، اعتبر أعنان أن هذا المندوب يمثل وصاية غير مبررة على مؤسسة من المفروض أن تكون مستقلة استقلالا كاملا عن الجهاز التنفيذي، مطالبا بحذف هذا المقتضى أو على الأقل التنصيص على أن وظيفته إدارية محضة ولا تمتد إلى التوجيه أو التدخل في قرارات المجلس أو لجانه.
وحذر أعنان، من أن تتحول آليات التأديب التي منحها المشروع للمجلس الوطني للصحافة إلى آليات ترهيب خصوصا في السياقات التي يُنتقد فيها الفساد أو تُكشف فيها خروقات السلطة.
وسجل القيادي الاتحادي تحفظه على "غياب ضمانات المحاكمة العادلة داخل المساطر التأديبية، غياب التوازن داخل تركيبة اللجنة التأديبية، وعدم التنصيص الصريح على إمكانية الطعن أمام القضاء الدستوري في كل العقوبات التي تمس الحق في الممارسة المهنية"، لافتا إلى "إمكانية التوظيف السياسي أو المهني للعقوبات".
ونبه إلى أن مشروع القانون المذكور، يثير إشكالات ديمقراطية ومهنية خاصة من خلال تبنيه نمط الاقتراع الفردي الإسمي لانتخاب ممثلي الصحافيين في تراجع واضح عن تجربة 2018 التي اعتمدت اللوائح النقابية وحققت توازنا تمثيليا.
وزاد أن "هذا التوجه يُقصي التنظيمات النقابية ويُضعف شرعية التمثيل خصوصا لفئات الصحافة الجهوية والسمعي البصري والمستقلة، كما يتعارض مع مقتضيات الدستور لاسيما الفصول 8، 11، و12 ومع التزامات المغرب الدولية في مجال الحريات النقابية والتمثيل المهني".
وأوضح أن المشروع يتحدث عن التوازن بين ممثلي الصحفيين والناشرين لكنه يمنح الأفضلية ضمنيا للناشرين من خلال ربط التمثيلية بمعايير رقم المعاملات وعدد المستخدمين وهو ما يفتح الباب أمام هيمنة المؤسسات الإعلامية الكبرى ويقصي الصحافة الجهوية والصحافيين المستقلين.
وقال أعنان، "نحن مع تمثيلية منصفة عادلة ومتوازنة ونطالب بإشراك النقابات الأكثر تمثيلية في تركيبة المجلس تخصيص مقاعد للصحافة الجهوية والمحلية، ضمان تمثيلية النساء بما يتجاوز الحد الأدنى العددي نحو مشاركة فعلية في كل مستويات القرار داخل المجلس".
ويرى البرلماني ذاته، أنه لا يمكن اليوم الحديث عن تنظيم الصحافة دون التطرق للإعلام الرقمي الذي أصبح الساحة الأساسية لتداول المعلومة، مستدركا: لكن المشروع يعامله كملحق بالصحافة الورقية دون أن يُقر بخصوصيته وتحدياته وضرورة ميثاق خاص به.
واقترح أعنان، إحداث لجنة دائمة خاصة بالإعلام الرقمي، تكوين الصحافيين في تقنيات الصحافة الرقمية والتحقق من الأخبار ، تشجيع الابتكار الصحافي وتشريع آليات جديدة للحماية الرقمية.
وخلص أعنان، إلى "ضرورة ألا يختزل دور المجلس الوطني للصحافة في الزجر والعقاب بل يجب أن يكون فضاء لتطوير المهنة من خلال التكوين المستمر ومواكبة التطورات التكنولوجية، والدفاع عن الوضعية الاجتماعية للصحافيين، وإطلاق مبادرات وطنية لتشجيع القراءة الإعلامية لدى الشباب".