"أنا متخوف جدا لأننا سنمنح لخصوم المغرب فرصة مواتية لاستهدافنا"، بهذه العبارة التي قالها بلسانه الفرنكفوني وبنبرة حانقة؛ اختار المدير العام السابق للاتصال السمعي البصري بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (HACA) جمال الدين الناجي، مشاركة تصوره لما يستبطنه مشروع القانون المثير للجدل رقم 26.25، المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، من أبعاد خطيرة تتجاوز ما هو مهني صرف، لتصل إلى خدش صورة المغرب على المستوى الإقليمي والدولي.
جمال الدين الناجي، وهو يعدد من موقعه كخبير مغربي في الصحافة والإعلام ورئيس شرفي لشبكة كراسي "اليونسكو" للاتصال، منزلقات ونواقص هذا النص التشريعي الذي بادر محمد المهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل في حكومة عزيز أخنوش، إلى طرحه دون إشراك الهيئات المهنية الأكثر تمثيلية؛ توقف عند تداعيات بنوده التي وصفها ب"المخجلة والكارثية" على سمعة المملكة المغربية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، خاصة في ارتباطها بمحيطها المغاربي.
وقال الناجي في كلمة له خلال المائدة المستديرة التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية، الأربعاء 16 يوليوز 2025 بالرباط، لمناقشة هذا الموضوع، إن خصوم المغرب في المنطقة، خاصا بالذكر النظامين الجزائري والتونسي سيتصيدون فرصة إعمال هذا "القانون الغبي" الذي كتب "بالغباء الاصطناعي" لمحاولة النيل من المغرب وكسب نقاط لصالحهم على حسابه.
وشدد المنسق العام للحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع الذي أطلقه البرلمان عام 2010، على أنه ليس مقبولا من بلاد من حجم المغرب، أطلقت تجربة الإنصاف والمصالحة لطي "سنوات الرصاص" في الماضي، وباتت اليوم تتبنى الذكاء الاصطناعي، أن تُخرج للوجود قانونا مماثلا، لا تكمن خطورته في مخالفته للدستور خاصة الفصل 28 منه فقط، بل لكونه يناقض فلسفة التنظيم الذاتي في حد ذاتها.
وعاد الناجي بذاكرته إلى الوراء، لينسج مقارنة بين حقبتين زمنيتين، الأولى تعود إلى السبعينيات وبالضبط إبان عهد إدريس البصري الذي كان يمسك وزارة الداخلية المغربية بيد من حديد أيام الملك الراحل الحسن الثاني، ومع ذلك لم تصل فيها أوضاع "صاحبة الجلالة" إلى ما تشهده في يوم الناس هذا، ثم الثانية عندما تمت إعادة كتابة الدستور على يد لجنة الحوار الوطني التي تبنت الفصل 28، "لنأتي اليوم بعد كل هذه المحطات ونتراجع على هذه المكتسبات" يضيف الخبير الإعلامي والأستاذ الجامعي المغربي الذي درس وكوّن المئات من الكوادر الإعلامية.
وفي مقارنة مع تجارب بعض دول القارة السمراء، ذكر جمال الدين الناجي أن غينيا التي تعتبر أفقر دولة في إفريقيا وسبق له أن زارها، حذفت كل ما له طابع زجري في قانون الصحافة الخاص بها، مضيفا بحسرة عبّر عنها هذه المرة بأكثر لغة يجيد بها التعبير: "C'est trop pour moi". (الأمر بالنسبة لي لا يطاق!).