خلدت أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير بجهة مراكشآسفي، اليوم الثلاثاء بالمدينة الحمراء، الذكرى الثانية والسبعين لانتفاضة المشور بمراكش (14 و15 غشت 1953)، والتي شكلت محطة بارزة في مسار النضال الوطني ضد الاستعمار. وأكد المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، في كلمة له، خلال مهرجان خطابي نظم بالمناسبة، أن "هذه الانتفاضة جاءت كرد فعل مباشر على مؤامرة نفي السلطان الشرعي جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، رمز السيادة الوطنية، إلى المنفى رفقة العائلة الملكية الشريفة، وتنصيب محمد بن عرفة كبديل له، في محاولة من المستعمر لإضعاف الروح الوطنية وكسر وحدة الشعب مع العرش". وأضاف الكثيري أنه في الأيام التي سبقت تنصيب "ابن عرفة"، عم الغضب الأوساط الوطنية في مدينة مراكش، فتمت تعبئة المناضلين في مختلف مناطق المدينة، وكذا القبائل المجاورة، كمسفيوة وتسلطانت، لجلب مزيد من الجماهير إلى المدينة للمشاركة في الوقفة الحاسمة للتصدي لتنصيب صنيعة الاستعمار. وأشار إلى أنه "رغم محاولة المستعمر فرض الأمر الواقع، اندلعت احتجاجات في عدد من المساجد، أبرزها مسجد الكتبية ومسجد المواسين، حيث تقاطرت الحشود إلى ساحة المشور، الذين تصدوا بشجاعة للقوات الاستعمارية، وكانت النساء في طليعة هذه المواجهات، في مشهد نضالي جسد تلاحم فئات المجتمع ضد الظلم والاستبداد". وقال إن "من أبرز مشاهد البطولة تلك التي جسدتها الشهيدة فاطمة الزهراء البلغيتي، التي اخترقت الحواجز الأمنية حاملة العلم الوطني، مرددة الهتافات المؤيدة للسلطان الشرعي، كما استشهد المناضل التهامي المسيوي، لتصبح انتفاضة المشور صفحة جديدة من صفحات التضحية التي عرفتها مدينة مراكش، على غرار انتفاضة شتنبر 1937". وأوضح أن "مظاهرة المشور شكلت ضربة موجعة للمستعمر، الذي واجه بعدها تصاعدا في العمليات النضالية بالمغرب، منها انتفاضتا وجدة وتافوغالت في الأيام الموالية، وصولا إلى استشهاد علال بن عبد الله يوم 11 شتنبر 1953 بالرباط، أثناء محاولته مواجهة موكب ابن عرفة". وخلص الكثيري إلى أن هذه المقاومة "أكدت للمستعمر آنذاك أن الشعب المغربي لن يقبل المساس برموزه وسيادته، وسيواصل كفاحه حتى تحققت العودة المظفرة لجلالة المغفور له الملك محمد الخامس، معلنا بداية عهد الاستقلال وبناء الوطن على أسس الحرية والوحدة". وعرف هذا اللقاء، الذي حضره على الخصوص والي جهة مراكشآسفي عامل عمالة مراكش بالنيابة رشيد بنشيخي، وممثلو السلطات المحلية والمصالح الأمنية، ومنتخبون عن جماعتي مراكش وتسلطانت ومقاطعة المشور القصبة، ورؤساء المصالح اللاممركزة، وقدماء المقاومة وذويهم، تكريم 13 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من مراكش وشيشاوة وإقليم الحوز، نظير ما أبانوا عنه من غيرة وطنية وروح المسؤولية والتضحية في سبيل نيل الحرية والاستقلال. كما تم بالمناسبة، تسليم إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم، عرفانا بما أسدوه من خدمات للدين والوطن والعرش وتعدادها 54 إعانة، بغلاف مالي إجمالي قدره 108 آلاف درهم. ومواصلة للاحتفاء بالذكريات الوطنية بالحاضرة المراكشية، سطرت النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمراكشآسفي برنامجا حافلا بالأنشطة يتضمن مداخلات حول هذه الذكرى، وتنظيم ندوات فكرية تتمحور حول أحداث المشور بمشاركة أساتذة جامعيين وباحثين، إلى جانب شهادات حية لشخصيات عاينت هذا الحدث التاريخي.