تجري خلال هذا الأسبوع محاولات بائسة ويائسة من قبل العصابة الحاكمة في الجزائر لإفساد القمة اليابانية الإفريقية المعروفة باسم "تيكاد"، والتي ستنعقد ما بين 20 و22 غشت الجاري، بالتوجه مرة أخرى إلى إقحام كيانها الوهمي المعروف اختصارا باسم بوليساريو في القمة، ضاربة بعرض الحائط كل التنبيهات والتحذيرات اليابانية في قمم سابقة وفي بحر هذا الأسبوع أيضا، بالكف عن تسريب عناصر هذا الكيان المزعوم إلى قاعات الاجتماعات التي خصصت مقاعدها للدول المعترف بها أمميا، العضو في الأممالمتحدة. وإذا كانت منظمة الاتحاد الإفريقي تجر وراءها مخلفات إقحام هذا الكيان في عضويته ذات فوضى وغفلة، في انتظار طرده بصفة رسمية وواعية، والتخلص منه نهائيا وإلى غير رجعة، فإنه على الأقل ينبغي احترام قرار الدولة اليابانية الراعية لهذه القمة بعدم توجيه دعوة لكيان لا تعترف به، وغير ممثل كدولة في المنتظم الأممي، ولا تتوجه إليه بأي خطاب أو تعاون أو مساعدة، فضلا عن ما يشكله حضوره من نسف لاجتماعات القمة وخروج عن أهدافها، وتهديد لمصير هذا التجمع التنموي والاقتصادي، الذي لا شأن له بتصفية حسابات سياسية ولا علاقة له بالتقرير في مصير بوليساريو، الذي تحاول الجزائر مرة تلو أخرى جعله في واجهة المنتديات واللقاءات القارية والدولية، حتى لو تعلق الأمر بلقاء للتداول بشأن مخاطر النزعات الانفصالية على العلاقات والشراكات الدولية. ورغم أن دولة اليابان الطرف الرئيس الراعي للقمة، بل ومستضيفها فوق ترابها، قد كررت لأكثر من مرة عدم اعترافها بالكيان الوهمي، بل جددت تحذير العصابة الحاكمة في الجزائر من تكرار الممارسات غير الأخلاقية وغير الديبلوماسية التي هربت بها سابقا ممثلين عن بوليساريو إلى قاعات الاجتماعات، ضبطوا متسللين ومتلبسين بدس يافطات ولافتات داخلها تحمل اسم دولتهم الطفيلية الوهمية، وكأنهم مدعوون أو أعضاء أو ضيوف في القمة، فإن الرضى بالمهانة والمذلة من العصابة مع كل التقريع الذي تلقته، والطرد المتواصل لدميتها وجرها الدائم لذيول الخيبة، يجعلها تعيد الكرة تلو الكرة لالتقاط ولو صورة يتيمة ومختطفة من ممر أو قاعة أو حتى من كنيف، تسوقها في سوقها الكاسدة، أمام شعبها، وأمام ساكنة المخيمات على أنها حضور وازن للكيان الوهمي في التجمعات الدولية والقارية الكبرى، وقد تضع على لسان ممثل طفيلي متسلل إلى القمة بجواز ديبلوماسي جزائري، عبارات الشكر والتقدير للقمة على دعمها للكيان الوهمي، وعلى توقيع معاهدات واتفاقيات تصب في صالح تقرير المصير والاستفتاء والتحرير، وما إلى ذلك من موضوعات وملفات لا علاقة للقمة الاقتصادية والتنموية بها. ما لا تريد العصابة أن تلتزم به وتفهمه من الرفض القاطع لليابان إقحام بوليساريو في اجتماعاتها وشراكاتها مع الدول الإفريقية، كما رفضته روسيا والصين قبلها، في قمم إفريقية روسية وصينية، هو أن هذه الدول الوازنة والمحترمة والمسؤولة أمام المجتمع الدولي والمتمسكة بمبادئ العلاقات الدولية الفضلى، ما عادت تقبل بجعل منابرها واستثماراتها في الاستقرار والسلام والتعاون والشراكات المربحة والمنتجة، مجالا للعبث وتصريف الأحقاد وتصفية الحسابات واستفزاز الوحدة الترابية للدول وتهديدها، وكان حريا بالعصابة الحاكمة في الجزائر أن تختار أحلافها الخاصة لتنظيم قمم تلقى من منابرها القنابل والأكاذيب والاتهامات، وينادى من منصاتها بالعدوان والحرب والانفصال، وترسم في اجتماعاتها مخططات الابتزاز ودعم الانفصال والإرهاب. والحال أن لا مكان في القمة اليابانية الإفريقية أو القمم الروسية والصينية الإفريقية أو حتى قمم الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، لكيانات انفصالية غير معترف بها لا كشعب ولا كدولة، بل إن هذه القمم ليس من شأنها أصلا لا النظر ولا الفصل في تقرير مصير هذا الكيان، ما دامت الجزائر نفسها تدعو إلى تقرير مصيره، فكيف قررت سلفا مصيره بمفردها مع حليف أو حليفين شاردين ويشبهانها في المروق والانزلاق والفوضى، معتبرة إياه دولة قائمة تستحق أن تقتحم على الدول مجالسها وعلاقاتها واتفاقياتها، وبدون حياء أو استحياء من محاكاة أعمال الطفيليين والمتسللين إلى الأفراح والأعراس والمناسبات العائلية بدون دعوة ولا استضافة. فلو كان هذا الكيان بالفعل دولة، ما قبل على نفسه أن يُطرد ذليلا لأكثر من مرة في مثل هذه الاجتماعات، وأن تتم شكواه، واستفساره عن من دعاه وحشره بين الجموع، ومن يكون ولأي شيء حضر، ثم يعيد بغباء تكرار السيناريو الطفيلي نفسه، بتشجيع من عرابه ومحرضه، لعله يفرض على المجتمعين التقاط صورة بينهم يبيعها للمحتجزين في تندوف كعلامة على النصر، وشهادة على الوزن والقيمة والمكانة المفتقدة. إن الدول المعترف بها والتي تحترم بالفعل نفسها وشعبها لا تنزل إلى هذا المستوى المنحط من البلطجة والتسلل والتوسل والحيلة لدخول النوادي والمنتديات، خصوصا إذا كانت هذه المنتديات تتبرأ منها، وتعلن جهارا أنها لم توجه إليها تحديدا أية دعوة لمشاركتها اجتماعاتها، أما لو كانت هذه الاجتماعات تحمل أهدافا سامية، في تنمية التعاون وترقية السلم ودعم الاستقرار وتوسيع التبادل التجاري وتقريب وجهات النظر، مناقضة لأهداف هذا الكيان في إذكاء الحروب وتمزيق الدول ونشر الفتن والفرقة والخصام وتوسيع الكراهية، فإن مجرد استحضار هذا الكيان في هذه الاجتماعات منذر بالشؤم وفض الجمع، والانزلاق به نحو الفشل الذريع في تحقيق أهدافه وغاياته التنموية الكبرى، وهو بالفعل ما جنته القمم السابقة والتجمعات الفارطة التي أقحم فيها غُراب البِين ونذير الشؤم ضدا على إرادة المجتمعين ورغبتهم. ما كان لهذا العبث الجزائري الذي تصان عنه المجالس واللقاءات المسؤولة أن يتواصل ويستمر على نفس التحدي والعناد، والوتيرة البئيسة من الذل والعار، لو تمسكت الدول الوازنة والمسؤولة التي لا تدور في فلك الدعاية الانفصالية للعصابة الجزائرية، بالقانون وبالشرعية التي تسمح لها بمحاسبة كل من سولت له أجندته العدوانية باتخاذ هذه التجمعات النبيلة، والتظاهرات الدولية، واللقاءات على أعلى وأرقى مستوى، منصة لإطلاق أعمال عدائية ضد الوحدة الترابية لدولة عضو كامل العضوية في المجتمع الدولي والقاري، وركيزة أساسية في تنزيل وتحقيق اتفاقيات الشراكة والتعاون الدولي الإفريقي المقررة في قمم مسؤولة عن تكريس السلام والأمن والاستقرار والاتحاد والتعاون، لا عن نصب الشراك والفخاخ للشركاء لتسريب مخططات الانفصال والإرهاب إلى تجمعاتهم، والتشويش على لقاءاتهم. وسواء نجحت العصابة الجزائرية أو لم تنجح هذه المرة، في فرض مهازلها، محاولة تسريب دميتها المتحركة بأمرها إلى قمة "تيكاد"، بالطرق الملتوية التي تجربها في كل مناسبة سنوية لانعقاد هذه القمة، فإن ذلك لن يزيد هذه القمة اليابانية الإفريقية، وقمما دولية إفريقية أخرى، إلا تأكدا من معطى واحد ووحيد هو أن أهداف هذه القمم لا تتوافق بتاتا مع أجندات الانفصال والإرهاب والعداء والحيل والدسائس والقطائع، وأن الطريق المعبدة إلى الشراكات الحقيقية والصداقات العميقة مع إفريقيا، تمر بالضرورة على طريق الاعتراف بالوحدة الترابية للمغرب التي تعتبر فيها صحراؤه يده الممدودة إلى العالم، ونظارته إلى صدق الصداقات ونجاعة الشراكات.