يوم بيوم نور الدين مفتاح يكتب: صحافة في خضم انتقال ديموقراطي صعب نور الدين مفتاح نشر في 24 يوليو 2025 الساعة 20 و 30 دقيقة أتذكر أننا كنا في بيت السيد إدريس جطو مع الزملاء نرافع بقوة لتحسين المشروع الذي كان مطروحا علينا من طرف نبيل بنعبد الله. كانت مسودة القانون تتضمن مجلسا وطنيا للصحافة، ولم تبق بيننا إلا ثلاث نقاط خلاف جوهرية، ورغم ذلك، لم تبادر الحكومة إلى تمرير المشروع رغم أغلبيتها ورغم أن دستور ذلك الوقت لم يكن ينص على المقاربة التشاركية. نور الدين مفتاح [email protected]
النقاش الكبير الذي أثاره مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة أعمق من مجرد قضية قطاعية تهم الإعلام، إنه واحد من مؤشرات انتقال ديموقراطي صعب تعيشه المملكة منذ عقود.
لقد كانت الصحافة دائما في صلب المعركة الديموقراطية، وقد أدى الرواد الثمن باهظا، ومنعت الجرائد، ونصبت المحاكمات، واعتقل المدراء، بل هناك من اقتيد للمعتقلات السرية بسبب جريدة ممنوعة أو مقال مزعج. وعلى الرغم من كل شراسة القمع في زمن ما عرف بسنوات الرصاص، لم يستطع هذا العنف أن يُسكت الأصوات الحرة ولا أن يكسر الأقلام الجسورة.
ولعل كل خطوة في الإصلاح السياسي التي كتبت بالدماء والدموع، كانت فيها مواكبة من الكلمة الصادقة والموقف الثابت الذي لا يدور مع اتجاه الرياح. يضاف إلى هذا أن الصحافة المغربية ارتبطت دائما بالبعد الفكري والعمق الثقافي، فكان من روادها عبد الرحمان اليوسفي رئيسا لتحرير جريدة «التحرير» وعابد الجابري ومحمد العربي المساري ومحمد باهي وعبد الكريم غلاب وغيرهم كثيرون. بل إن النقابة الوطنية للصحافة المغربية أسسها أرباب الصحف وظلوا يديرونها من أجل مطالب لم تكن فيها أبدا انشغالات اليوم المتعلقة بالجوانب الاقتصادية، ولكن كانت المعارك تخاض من أجل حرية التعبير وركيزتها الأساسية حرية الصحافة.
والذي لا يُستحضر اليوم هو أن المغرب في فجر استقلاله كان له قانون صحافة جد متقدم منذ 1958، بحيث لم يكن يشترط إلا تصريحا لدى النيابة العامة لإصدار صحيفة. وبالطبع، مع اشتداد الصراع السياسي من أجل الديموقراطية، عمد النظام إلى إدخال 13 تعديلا تراجعيا على هذا القانون خلال عقدين. وآنذاك كان هناك من يدافع عن هذه التراجعات، ويثمن قوانين «كل ما من شأنه»، وينعت الصحف الوطنية بأقدح النعوت، ويخون الصحافيين، وهذه سُنة الانتقال الذي لا يكون له أبداً خط تطور مستقيم. إنه شد وجذب وموازين قوى. ولهذا، وابتداء من نهاية الثمانينيات، انطلق قطار جديد نحو توافق وطني صعب، ولكن لم يكن بالنسبة للملك الراحل الحسن الثاني ومعارضيه مستحيلا.
في 1989 قدم عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله وامحمد بوستة مذكرة الإصلاحات السياسية، وواصل العمل السي عبد الرحمان اليوسفي بعد رحيل بوعبيد، وجرت انتخابات سنة 1993 بعد تأسيس الكتلة الديموقراطية ولكن تم تزويرها أيضا، وقد تطلب الأمر عشر سنوات كاملة ليتحقق التناوب التوافقي.
في الشق الإعلامي كانت الدولة تعي أن إطلاق الانتقال الديموقراطي لا يمكن أن يتم إلا بتغيير بيئة الصحافة، وتأسست القناة الثانية في 1989 بإرادة ملكية، وفتحت المجال لأول مرة في تاريخ المغرب للمعارضة والأصوات الحرة. وأتذكر أنني شاركت في العديد من برامجها الجريئة في بدايتها، وتم تقرير دعم ملكي للصحافة كان محصورا في الصحافة الحزبية، وعرفت الصحف نوعا من الاستقرار، بانحسار التوقيفات الإدارية والمحاكمات، وكان لابد من تهييء بلد كامل سياسيا ومجتمعيا للتحول من الصراع إلى التعايش.
كنت قد طردت من وزارة الإعلام بسبب مقال في جريدة «الاتحاد الاشتراكي» وأنا أقضي الخدمة المدنية سنة 1988 وكان وزير الإعلام هو وزير الداخلية إدريس البصري، فالتحقت بهذه الجريدة وأنا غير متحزب وخريج المعهد العالي للصحافة حيث كنت رئيسا للطلبة الصحافيين. لقد يسر لي القدر أن أكون شاهداً من الداخل على تحولات مفصلية سياسية وإعلامية ستؤثر على مستقبل المملكة. وكان آنئذ المجال التنظيمي للصحافة قد تحول ذاتيا دون تدخل حكومي، بل إن التماهي آنذاك مع الحكومة كان بمثابة خيانة لشرف المهنة. وغادر أرباب الصحف قيادة النقابة لتعطى للصحافيين، وتحول الناشرون إلى غرفة داخل هذه النقابة، وظل العمود الفقري لاهتمامات الجسم الصحافي هو «حرية الصحافة».
في التسعينيات وعلى هامش هذه التحولات بدأت تظهر بوادر صحافة خاصة، لتنضاف لما كان موجودا آنذاك على قلّته، وأسس المستثمر عبد الهادي العلمي جريدة «ماغريب ماغازين» و«مغرب اليوم» سنة 1996، وقد ضمت زملاء من مثل محمد أوجار وحسن عبد الخالق ونعيم كمال وحكيم بديع وعلي مبارك وغيرهم وكان مديرها العام هو أحمد الشرعي، وقد رأست تحرير الأسبوعية بالعربية قبل أن تغلق في 1998 لنؤسس «الصحيفة» داخل مجموعة «لوجورنال» ونعيش مخاض التناوب التوافقي ثم انتقال العرش وما يمكن أن أسميه «انفجار تعبير» لم يخلُ من حوادث سير وتغيير شامل في المشهد الصحافي تصدرته الصحف الخاصة، فيما توارت الصحف الحزبية دون أن تختفي لحد الآن.
في هذا الخضم، أسسنا «الأيام» سنة 2001 وتأسست جريدة «الأحداث المغربية» في نفس السنة، وكان لي شرف الإشراف على دورة تدريبية بمعية الأستاذ عبد الوهاب الرامي لأول هيئة تحرير لها انتقاها مؤسسها السي محمد البريني عن طريق مباراة مفتوحة. وهذه الإشارة ليست نرجسية، حاشا، ولكنها تدل على التصور الذي كان عند هؤلاء الرواد مثل الأستاذ البريني بأن التكوين الإعلامي هو الأساس بغض النظر عن كون الشخص جاء من الصحافة الحزبية أو الخاصة.
وبالطبع تعززت الساحة الإعلامية بالعديد من العناوين التي تعتبر اليوم جزءا من تاريخ هذه الصحافة المغربية ومنها «تيل كيل» و «نيشان» و «الصباح» و «المساء» و«أخبار اليوم» و «الأخبار» وغيرها. وفي الطريق انبثقت الصحافة الإلكترونية لتكون بامتياز التحول الأكبر في الصحافة في المغرب منذ نهاية الألفين.
كان الدعم العمومي مقتصرا على الصحافة الحزبية، ولكن لم نفهم كيف أن مجموعة «لوماتان» كانت تحصل عليه. وقد راسلنا في «الأيام» السيد محمد الأشعري كوزير للإعلام آنذاك في الموضوع، فأجابتنا مصالحه بأن الدعم حصري لصحف الأحزاب، لنكتب بعدها أننا سنتوجه إلى القضاء الإداري، فكان الجواب سياسيا، وتأسست الفيدرالية المغربية لناشري الصحف في 2002، وترأسها السيد عبد المنعم دلمي لمدة سبع سنوات وبعده الراحل خليل الهاشمي، قبل أن أتسلم المشعل وأترك المهمة عندما اكتملت ولايتي القانونية بالضبط.
لقد كان الانتقال الديموقراطي صعبا جدا، ومن سماته ضبابية الأوضاع، وهشاشة المكتسبات، وتآكل الثقة، وهذه الأخيرة هي المعدن النفيس في التحولات المصيرية. وإليكم مثالا واحداً على التمزق الذي يشعر به من عاش وسط هذا الورش الخرافي، حيث إننا منعنا كصحيفة ولوجورنال على عهد حكومة السيد عبد الرحمان اليوسفي الذي لا يشك أحد في نزعته الديموقراطية – وحكومة اليوسفي نفسها سقطت بفعل الخروج عن المنهجية الديموقراطية. وحكومة التكنوقراطي إدريس جطو التي جاءت بعد هذه الكبوة هي التي واصلت معنا ورش إصلاح قطاع الإعلام. وتمت خطوة جبارة على عهد الوزير نبيل بنعبد الله وهي تحرير القطاع السمعي وخلق الإذاعات الخاصة، كما تمت مناظرة الصخيرات سنة 2005 التي ترأسها المرحوم العربي المساري، ونتج عنها توقيع أول وآخر اتفاقية جماعية لحد الآن بين فيدرالية الناشرين ونقابة الصحافيين، وتعميم الدعم العمومي وإطلاق ورش إعادة كتابة قوانين الصحافة لتتلاءم على الأقل مع طموح المملكة في تسريع الدمقرطة والتحديث.
أتذكر أننا كنا في بيت السيد إدريس جطو مع الزملاء نرافع بقوة لتحسين المشروع الذي كان مطروحا علينا من طرف نبيل بنعبد الله. كانت مسودة القانون تتضمن مجلسا وطنيا للصحافة، ولم تبق بيننا إلا ثلاث نقاط خلاف جوهرية، ورغم ذلك، لم تبادر الحكومة إلى تمرير المشروع رغم أغلبيتها ورغم أن دستور ذلك الوقت لم يكن ينص على المقاربة التشاركية.
عندما تتماهى الصحافة مع السلطة، تصاب الحرية بالتهاب رئوي، ولا يسود التعافي في مجتمع ديموقراطي إلا بما يمكن تسميته بالتوتر الإيجابي، سلطة تراقب سلطة أخرى لا يجب أن تدخل بينهما المحاباة، وإلا سيتضرر الجميع. وبما أن المغرب كان يتعثر في انتقاله، من جانب نخبه ومن جانب الدولة على حد سواء، فإن التوتر الإيجابي تحول في كثير من الأحيان إلى اصطدامات، وأغلقت صحف، وسجن صحافيون، وكان البحث عن حل يجري على قدم وساق، لذلك تم تكليف الأستاذ جمال الدين الناجي سنة 2010 ليقود مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، باسم البرلمان، حوارا بين الإعلام والمجتمع وصل إلى جل مكونات النسيج المجتمعي المغربي، وخرج التقرير متضمنا أكثر من 400 توصية لا يتناطح على وجاهتها عنزان.
لقد شكل ما أطلق عليه الربيع العربي صدمة في محيطنا، وتردده وصلنا في 20 فبراير، والجواب الملكي عليه مُجمع على حكمته، فكان دستور 2011 والبقية معروفة. لقد ترافعنا كفيدرالية أمام لجنة صياغة الدستور برئاسة عبد اللطيف المنوني، وهذا الترافع هو الذي أعطى الفصل 28 من الدستور الحالي. عدنا حينها لأوج سرعة الانتقال الديموقراطي، ونشطت الصحافة، وتحرك ورش إصلاحات القطاع، وعندما جاء الوزير مصطفى الخلفي، وجد بيئة غير مسبوقة سياسيا، ووجد تراكما معتبرا للأدبيات والتوصيات والطموحات وربما التعقيدات. ورغم كل هذا، كوّن هيئة تحمل اسم «اللجنة العلمية للحوار والتشاور حول قوانين الصحافة والنشر» ترأسها الراحل العربي المساري وضمت قامات إعلامية وقانونية منها ذ. المشيشي العلمي والراحل عبد العزيز النويضي، والراحل أحمد الزايدي، والأساتذة عبد الوهاب الرامي وعلي كريمي ومحمد عبد النباوي وغيرهم، وكانت مناقشاتها في مستوى عال مع تمثيلية معتبرة للمهنيين كان لي الشرف أن أكون ضمنهم.
توصيات هذه اللجنة مع التراكم هي التي أعطت مدونة الصحافة التي نعمل بها اليوم، ورغم كل إيجابياتها، فقد كنت شخصيا من أشرس معارضي بعض مضامينها الجوهرية، ومن ذلك ما كنا نسميه ببناء قنطرة بين قانون الصحافة والقانون الجنائي، ولكن هذا القانون هو الذي اعترف بالصحافة الإلكترونية وأدمجها في الدعم العمومي وأقر قانونيا هذا الدعم بعدما كان مجرد تعاقد سنوي، وسطر له معايير هي المقروئية والتعددية، وقام القانون بأكبر عملية تنقية للمجال الإلكتروني بحيث اشترط في تأسيس الجريدة أن يكون مدير النشر متوفرا على الإجازة وحاصلا مسبقا على بطاقة الصحافة، كما أعطى مهلة سنة لملاءمة وضعية الصحف الموجودة. وهذا جر على العبد الضعيف لله موجة تهجمات هادرة من طرف تنسيقية للصحافة الإلكترونية كانت متضررة من المقتضيات الجديدة، رغم أنني لم أكن صاحب سلطة تشريع! وبعض الزملاء سامحهم الله يعتقدون اليوم أن مشكل القانون الحالي هو ما يسمونه ب «الملاءمة» وهم لا يعلمون أن هذه الملاءمة انتهت في 2017 وأن من نتائجها أنها قلصت عدد الصحف الإلكترونية من 5000 إلى أقل من 600 ! كما أن هذه المدونة هي التي مأسست المجلس الوطني للصحافة، وقد صمد الوزير الخلفي أمام الضغوط التي كانت تدفعه لتبني التعيين بدل الانتخاب، وخرج القانون منسجما مع الفصل 28 من الدستور. وعموما كانت نسخة 2016 تقدما كبيرا بفضل ما تراكم خلال 40 سنة من نضالات المهنيين والحقوقيين، وبالطبع، ككل قانون فإنه كان مفتوحا على التطوير والتحسين.
لم يكن المغرب يعيش في جزيرة معزولة، والتحول الإقليمي المثير الذي ذهب بما سمي بالربيع العربي كان بالإمكان أن يدفع للانقلاب على الإسلاميين، إلا أن اختيار الدولة كان مختلفا، وحكم الإسلاميون تحت قبة من الزوابع خلال عشر سنوات، وكان جزء كبير من النخب متوجسا منهم، بل إن إسمنت الثقة معهم لم يجف أبدا وإلى الآن. وهذا أثر على الانتقال الذي دشناه في 1989 وركبنا في حافلته سنة 1998، وأثر على المشهد الصحافي بدوره قبل أن تضربه جائحة كورونا في مقتل، خصوصا بعد قرار وزارة الداخلية منع طبع الصحف الورقية لثلاثة أشهر كاملة، وبهذا تحول النموذج الاقتصادي للصحافة الخاصة من حياة بقراء وإعلانات إلى لا حياة بدون دعم عمومي.
وبموازاة هذا الانهيار الاقتصادي برزت ظواهر جديدة غذتها مواقع التواصل الاجتماعي، وظهرت صحافة التفاهة وصحافة التشهير وأصبح المشكل أعقد مما عشناه قبل عقود، فكان حل بعض الزملاء هو جواب خطأ على أزمة حقيقية، ووقع انشقاق في صفوف ناشري الصحف وتوارى الهم الديموقراطي، وعلا صوت الأرقام والمعاملات، وبدأنا تاريخا جديدا لا علاقة له بكل ما سبق أن عاشه المغرب منذ الستينات، وبدأت الحكومة تتصرف في الإعلام تماما كما تصرفت مع الأساتذة والمحامين والأطباء، مع اختلاف بسيط، وهو أنه في باقي المهن كانت وحدة الصف جدارا تصدى لهذا المسلسل التشريعي النكوصي وأرغم الحكومة على التراجع، وفي قطاعنا الذي له علاقة مباشرة مع حق المجتمع في إعلام حر ومتعدد واحترافي ومستقل، وجدت تشرذما واتجاها متناغما مع تحويل معركة الصحافة من المقروئية والحرية والمهنية والاستقلالية، إلى رقم المعاملات، والرأسمال، والإقصاء، والتماهي مع الجهاز التنفيذي، وتم رهن مؤسسة التنظيم الذاتي والتشريع للدعم العمومي والمجلس الوطني للصحافة بمعيار تجاري محض. بل إن بناء التنظيم الذاتي الذي رفعه الزملاء بعقود من الجهد، تم الاحتفاظ بجدرانه، وتم تعديل أبواب الدخول إليه فقط، بالتخلي عن الانتخاب وترسيم التعيين لفئة الناشرين بمعايير مالية، جزء كبير منها متأت من المال العام وليس من رقم معاملات حقيقي لمقاولات قطاع خاص في مجال الصحافة.
إن مجرد 8 مواد من قانون الصحافة وجدها وزير الاتصال الحالي محمد مهدي بنسعيد، الذي سيذكره التاريخ بما فعل، وجاءت بها الدولة لتعديلها لم تقدم لحد الآن للبرلمان، فيما يتم تمرير مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بين المجلس الحكومي والبرلمان كالبراق، مشددا العقوبات على الزملاء، وبدون مقاربة تشاركية، مع أنه منذ عشرات السنين كان هناك مكان حتى للأقل تمثيلية! هذه مقاربة تبخرت الآن، ليتم التشريع على مقاس هيأة واحدة فيما كل المنظمات النقابية وهيئات الناشرين ترفض مشروعا تحكميا استحواذيا مخالفا للدستور.
إننا في النهاية، بعد كل هذا الطريق الطويل والشاق، وصلنا وللأسف إلى أسوأ سيناريو كان يمكن لأكثر المتشائمين أن يتصوره.
هل هذه رغبة في عودة للمشهد؟ هل الأمر مجرد صراع على الكراسي؟ هل مجلس الصحافة هو قضية حياة أو موت؟ هل الأمر يتعلق بمبارزة بين تنظيمات مهنية يهم فيها من ينتصر ومن ينهزم؟ هل القضية هي من سيقود المهنة ومن سينقاد فيها؟ أبداً، ليست هذه هي القضية أيها السادة. القضية هي أنه إذا لم تعد الصحافة لدورها المجتمعي، ويكون القارئ والمتصفح هو سبب وجودها ومصدر عيشها، فإن كل هذا البناء سيصبح خاويا على عروشه. ستصبح الصحافة غدا عالة على من يمولها، تابعة له، بلا أنفة ولا رسالة، وسيعيد التاريخ نفسه – كما قال كارل ماركس – مرة أولى كمأساة، ومرة ثانية كمهزلة.