تعيش عمالة سيدي بنور على وقع انتشار واسع لعمليات حفر الآبار دون ترخيص، في ظاهرة اعتبرها سكان محليون غير مسبوقة، مؤكدين أنها تتم أحيانًا على مرأى من السلطات المحلية، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للفرشة المائية ويزيد من حدة أزمة الجفاف. وفي تصريح لموقع "الأيام 24″، أوضح أحد أبناء المنطقة أن تكلفة حفر البئر الواحد تتراوح بين 50 ألف و70 ألف درهم، حيث تُستعمل آلات الحفر المعروفة ب"السوندة"، مشيرًا إلى أن العملية تجري في بعض الحالات بحضور ممثلين عن السلطة المحلية وعناصر من الدرك الملكي، "الذين يتلقون مقابلا ماليا للتغاضي عن المخالفات"، بحسب قوله.
وأضاف المتحدث أن هذه الآبار لا تخضع لأي مساطير ترخيص من الجهات المختصة، مثل وكالة الحوض المائي، وأنها تُستغل لسقي أنشطة فلاحية ذات استهلاك مائي مرتفع، مثل زراعة الجزر، وهو ما يسرّع من وتيرة استنزاف المياه الجوفية. وأشار المتحدث عينه إلى أن المسافة بين بئر وآخر قد لا تتجاوز مائة متر، وأن بعض المضخات تعمل باستخدام قنينات الغاز، فيما يلجأ آخرون إلى الربط غير القانوني بالإنارة العمومية مقابل دفع رشاوى. وبحسب المصدر ذاته، فإن الوضع يزداد خطورة في ظل شح الأمطار، في وقت توجد فيه مناطق يمنع فيها الحفر بشكل صارم، مثل منطقة عبدة، بينما تعرف مناطق أخرى كأولاد عمران وسيدي بنور حالة من الفوضى.
وحمّل المتحدث المسؤولية للسلطات المحلية والإقليمية، مبرزًا أن تعليمات رسمية صدرت في وقت سابق لطمر الآبار غير المرخصة لما تشكله من مخاطر على الأطفال والساكنة، إلا أن ذلك لم يُنفذ بالشكل المطلوب، محذرا من استمرار هذه الظاهرة، في حال عدم تدخل الجهات المسؤولة بشكل عاجل، مما قد يؤدي إلى أزمة مائية وبيئية خانقة في المنطقة. ولفت سكان المنطقة إلى أن الخطر لا يقتصر على استنزاف الموارد المائية، بل يمتد ليهدد الأرواح، خاصة في صفوف الأطفال، فغياب أي شكل من أشكال المراقبة أو الإجراءات الوقائية، كالسياجات أو علامات التشوير، يجعل الآبار المفتوحة مصائد قاتلة محتملة، يمكن أن تتسبب في حوادث مأساوية في أي لحظة. ويؤكد الأهالي أن بعض هذه الآبار تقع بالقرب من مساكن أو مسالك يمر منها الأطفال والمارة يوميًا، في ظروف تنعدم فيها معايير السلامة كليًا، ما يضاعف القلق من وقوع كوارث إنسانية إلى جانب الأزمة البيئية المتفاقمة.