لم يكن حجز المنتخب المغربي لبطاقة العبور إلى نهائيات كأس العالم 2026 المقررة إقامتها في أميركا وكندا والمكسيك، بعد الفوز على النيجر بخماسية نظيفة، ضربة حظ، بل جاء نتيجة تضافر جهود جميع مكونات منتخب أسود الأطلس، بالإضافة إلى ثلاثة عوامل رئيسة. وتتمثل العوامل الثلاثة التي ساهمت في بلوغه المونديال للمرة السابعة في تاريخ الكرة المغربية والثالثة تواليا، ما يعكس قوته ضمن أقوى المنتخبات الإفريقية والعالمية، في ما يلي:
الاستقرار الفني لعب الاستقرار الفني دورا مهما في الحفاظ على التوازن داخل المنتخب المغربي منذ مشاركته التاريخية في بطولة كأس العالم قطر 2022، حين بلغ الدور نصف النهائي في إنجاز غير مسبوق للكرة الأفريقية والعربية. ورغم إخفاق منتخب أسود الأطلس في بطولة كأس أمم إفريقيا بساحل العاج، قبل عامين، بعد خروجه من الدور ثمن النهائي، فإن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بادرت إلى تزكية المدرب وليد الركراكي في منصبه ودعمه معنويا، وأيضا منحه كامل الصلاحيات لاتخاذ ما يراه مناسبا لتدعيم جهازه الفني.
وتبعا لهذا القرار، واصل االركراكي عمله بثقة وإصرار على تجاوز إخفاق "كان ساحل العاج"، بصرف النظر عن بعض الانتقادات، كما رفع من مستوى الانضباط التكتيكي داخل المجموعة، وتنويع خياراته الفنية بين الفينة والأخرى.
قوة المجموعة وتعدد الخيارات ينفرد المنتخب المغربي عن غيره بامتلاكه قاعدة مميزة من اللاعبين القادرين على ارتداء قميصه، ويتجاوز عددهم 100 لاعب، وفق إفادة المدرب وليد الركراكي في المؤتمر الصحافي عقب مباراة النيجر.
وساهم تنوع الخيارات وعمق البدائل في حفاظ منتخب أسود الأطلس على النسق العالي والتوازن بين لاعبين مخضرمين وآخرين واعدين، ما منحه القدرة على التكيف مع اللحظات الصعبة، خصوصا عند وقوع إصابات متفاوتة الخطورة في كتيبة القائد أشرف حكيمي.
ونجح الركراكي في الاستقرار على خطة تكتيكية محكمة تجمع بين الصلابة الدفاعية والفاعلية الهجومية، وتجلى ذلك في الحصص العريضة التي ينتصر فيها منتخب المغرب على منافسيه، مع توزيع الأدوار بدقة بين اللاعبين داخل أرضية الملعب.
دعم الجماهير لم يقتصر الدعم الجماهيري على ملء مدرجات الملاعب من أجل تشجيع منتخب أسود الأطلس في جميع مبارياته الودية والرسمية فقط، بل تعداه إلى ممارسة الضغط الإيجابي على الركراكي من خلال الانتقادات البناءة الموجهة إليه في الفترة الأخيرة، والمتعلقة ببعض خياراته الفنية، وهو الضغط الذي دفع الجهاز الفني لمنتخب المغرب إلى مراجعة بعض قراراته.
كما منح هذا الضغط، اللاعبين حافزا إضافيا لتقديم مستويات أفضل، فضلا أن الحضور الجماهيري الكثيف بالمدرجات انعكس على أدائهم داخل الملعب، وكان من نتائج ذلك حصد انتصارات متتالية في التصفيات المؤهلة لبطولة كأس العالم 2026، مكنت "أسود الأطلس" من حجز بطاقة التأهل بالعلامة الكاملة، وتحقيق رقم قياسي جديد في عدد المباريات من دون خسارة (13 مباراة).