تتهيأ العلاقات الفرنسية–الجزائرية لمرحلة جديدة من التهدئة، مع استعداد باريس لإعادة فتح قنوات التواصل مع الجزائر عبر زيارة مرتقبة لوزير الداخلية الفرنسي لوران نونييز إلى العاصمة الجزائرية، أواخر نونبر أو مطلع دجنبر المقبلين، بدعوة رسمية من نظيره الجزائري السعيد سعيود، وفق ما أفادت به مجلة جون أفريك.
وتأتي هذه الزيارة في سياق محاولات متكررة لترميم العلاقات المتوترة بين البلدين، بعد أشهر من الجمود الدبلوماسي. زيارة هي الثانية من نوعها على هذا المستوى الحكومي، عقب زيارة وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جون نويل بارو في أبريل الماضي، التي أخفقت في كسر الجليد بسبب تفجر قضية المعارض الجزائري المعروف باسم "أمير ديزاد".
في حوار مع صحيفة لوباريزيان نُشر في الأول من نونبر، أكد نونييز تلقيه الدعوة الجزائرية، مشيراً إلى أن باريس "تسعى إلى طي صفحة الخلافات وإعادة بناء الثقة" وأضاف "من يعتقد أن المواجهة والنهج الصلب سبيل إلى الحل، يضع فرنسا في مأزق... لقد أثبتت التجربة أن سياسة الذراع الحديدية لم تنجح".
وأوضح الوزير أن نهج التصعيد أدى إلى تجميد التعاون الأمني وتراجع كبير في عمليات الترحيل، التي لم تتجاوز 500 حالة منذ مطلع 2025، مقابل 1400 حالة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، مشيراً إلى أن 40% من المقيمين في مراكز الاحتجاز الإداري بفرنسا يحملون الجنسية الجزائرية.
ونقلت جون أفريك عن مصدر رسمي فرنسي قوله إن الزيارة لا تزال قيد الإعداد، وأن الجدول الزمني لم يُحسم بعد "نظراً لحساسية الملف والمرحلة الدقيقة من التهدئة الجارية".
وتزامنت تصريحات نونييز مع إشارات دبلوماسية أخرى من باريس باتجاه الجزائر، أبرزها رسالة تهنئة وجهها الرئيس إيمانويل ماكرون إلى نظيره عبد المجيد تبون في الأول من نونبر بمناسبة ذكرى الثورة الجزائرية، في خطوة اعتُبرت بادرة مصالحة بعد الجدل الذي أثاره تصويت الجمعية الوطنية الفرنسية لصالح مقترح من حزب "التجمع الوطني" يدعو إلى إلغاء اتفاق 1968 المنظم لإقامة الجزائريين في فرنسا.
ورغم هذه التحركات، لا تزال العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تراوح مكانها؛ فالجزائر لم تعين سفيراً جديداً في باريس منذ يوليوز 2024، فيما لم يعد السفير الفرنسي إلى الجزائر منذ منتصف أبريل الماضي، ما يجعل الزيارة المرتقبة اختباراً حقيقياً لمدى جدية الجانبين في فتح صفحة جديدة من الثقة والتعاون.