في خضم تصاعد التوترات بين الغرب وروسيا، وجد قائد القوات المسلحة الفرنسية، فابيان ماندون، نفسه في قلب عاصفة سياسية، بعد تصريحاته المثيرة للجدل التي دعا فيها الفرنسيين إلى الاستعداد لاحتمال اندلاع حرب مستقبلية مع موسكو، بما قد يرافقها من تضحيات بشرية واقتصادية.
وخلال كلمته أمام مؤتمر رؤساء البلديات في باريس، الثلاثاء الماضي، حذّر ماندون من الركون إلى وهم السلام الدائم، قائلاً إن على الفرنسيين مواجهة الحقيقة "المؤلمة" وإدراك أن "خسارة الأبناء" والتأثيرات الاقتصادية الكبيرة قد تصبح ثمنًا محتملًا في حال اندلاع نزاع واسع. وأضاف قائلاً: "إذا تعثرت بلادنا لأنها ليست مستعدة لأن تقبل خسارة أبنائها، وأن تعاني اقتصاديًا لأن الإنتاج الدفاعي سيأخذ الأولوية، فإننا نكون في خطر.
وأوضح رئيس أركان الجيش أن المعطيات الاستخباراتية تشير إلى أن روسيا تعمل على تعزيز استعداداتها لمواجهة محتملة مع الغرب في أفق عام 2030، مؤكدًا: "إنها تنظّم لذلك، وتستعد لذلك، وهي مقتنعة بأن عدوها الوجودي هو الناتو وبلداننا."
وقد فجّرت هذه التصريحات موجة من الانتقادات داخل الطبقة السياسية الفرنسية، إذ اعتبرها البعض مبالغًا فيها، بل ومقلقة للرأي العام، فيما رأى آخرون أنها تعكس واقعًا استراتيجيًا جديدًا تفرضه بيئة دولية متوترة.
وتزامنت هذه الضجة مع إصدار الحكومة الفرنسية، الخميس، لدليل محدث للسلامة العامة، يتضمن لأول مرة إشارة صريحة إلى احتمال نشر قوات فرنسية كبيرة خارج البلاد، إضافة إلى التحذير من مخاطر "الهجمات الهجينة" وحملات زعزعة الاستقرار التي قد ترافق أي مواجهة واسعة النطاق.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تأتي ضمن سياق أوروبي عام يتسم بتزايد القلق من التحركات الروسية، ومحاولة رفع مستوى جاهزية المواطن والمؤسسات على حد سواء، في ظل مشهد جيوسياسي تتزايد فيه احتمالات التصعيد.