وصل زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، أمس الأحد 23 نونبر الجاي، إلى العاصمة الأنغولية لواندا للمشاركة في القمة السابعة المشتركة بين الاتحادين الإفريقي والأوروبي، التي عقدت اليوم الاثنين وتستمر الى يوم غد الثلاثاء.
وحطّ غالي في مطار كواترو دي فيبريرو الدولي على متن طائرة تابعة للخطوط الجزائرية، حيث استُقبل من طرف وزير الخارجية الأنغولي أنتونيو تيتي.
ولم تكن زيارة غالي الحالية إلى لواندا هي الأولى خلال شهر نونبر الجاري، إذ سبق أن شارك في الاحتفالات الرسمية بالذكرى الخمسين لاستقلال أنغولا يومي 11 و12 من الشهر ذاته بدعوة من الرئيس الأنغولي جواو لورينسو، غير أن هذا الحضور المتكرر لا يخفي، وفق مراقبين، تقلصا واضحا في شبكة الحلفاء التقليديين للجبهة، في وقت تواصل فيه المملكة المغربية تعزيز تموقعها الإفريقي ومراكمة الاعترافات بمبادرة الحكم الذاتي.
ورغم الطابع البروتوكولي للمشاركة، فإن حضور جبهة البوليساريو الانفصالية في هذا المحفل يكشف، وفق مراقبين، حجما أكبر من العزلة التي أصبحت تعيشها الجبهة، خاصة بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي بشكل صريح أنه لا يعترف بالكيان الانفصالي، محمّلا الاتحاد الإفريقي وحده مسؤولية توجيه الدعوة. هذا الموقف الأوروبي يرسخ مسارا دبلوماسيا واضحا اتخذته المؤسسات الأوروبية خلال السنوات الأخيرة، يقوم على المسافة التامة من الطرح الانفصالي وتأكيد التعامل الحصري مع المغرب كطرف شرعي.
وتأتي هذه المشاركة أيضا في سياق إقليمي متغير تُسجل فيه الجزائر الراعي الرئيسي للبوليساريو تراجعا في قدرتها على التأثير داخل المنظمات الإقليمية والقارية، وسط أزمات داخلية واقتصادية خانقة، وتراجع التموضع الخارجي مقارنة بفاعلين أفارقة آخرين. وهو ما انعكس، بحسب تحليلات، على تقلص هوامش حركة البوليساريو واعتمادها على منابر محدودة داخل الاتحاد الإفريقي، دون أي اختراق فعلي في المنتظم الدولي.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن هذا التراجع يتزامن مع تآكل الخطاب الانفصالي، خاصة بعد القرارات المتتالية لمجلس الأمن، التي كان آخرها القرار الذي اعتمد مخطط الحكم الذاتي كأساس لإنهاء النزاع، وهو تطور منح الرباط زخما سياسيا إضافيا، في مقابل ضعف متزايد في موقف معارضيها.
ومع توالي هذه التطورات الدبلوماسية، تبدو مشاركة جبهة البوليساريو الانفصالية في القمة الأفرو–أوروبية حدثا ذا رمزية محدودة، يعكس أكثر محاولات الإبقاء على حضور شكلي في الساحة الإفريقية، في مقابل واقع سياسي وقانوني دولي يسير بثبات نحو ترجيح الحل المغربي وإضعاف الطرح الانفصالي.