في خطوة تُعدّ تحولًا جذريًا في تاريخ الصراع المُزمن مع الدولة التركية، يستعدّ حزب العمال الكردستاني (PKK) اليوم للإعلان رسميًا عن تخليه عن السلاح، بعد عقود من التمرد المسلح الذي بدأ في سبعينيات القرن الماضي. هذا القرار، الذي كان يُنظر إليه قبل سنوات فقط على أنه أقرب إلى الخيال، يعكس تحولات عميقة في المشهد الإقليمي والدولي، وكذلك داخل أروقة التنظيم ذاته. قرار الحزب، الذي شكّل صداعًا أمنيا لتركيا طوال أكثر من أربعة عقود، ليس فقط تتويجًا لمسارات طويلة من المفاوضات والضغوط، بل يعكس أيضًا إدراكًا متأخرًا بعدم جدوى استمرار الكفاح المسلح في ظل تغير طبيعة الصراعات في المنطقة، وتنامي الحاجة إلى حلول سياسية أكثر واقعية. وفيما تسجّل تركيا اليوم نقطة تحول مفصلية في هذا النزاع، لا يزال البعض في مناطق أخرى من العالم، ممن وُلدت مشاريعهم الانفصالية في الفترة ذاتها، متمسكين بخيارات عفى عنها الزمن. هؤلاء يواصلون رفض مسارات الحل، ويصرّون على تصدير خطاب الضحية، رغم المتغيرات الإقليمية والدولية التي تُحتّم التكيف مع الواقع الجديد بدل الاصطدام به. المفارقة لافتة: طرف يعيد النظر في خياراته بعد سنوات من العنف، وآخر يصرّ على الدوران في نفس الحلقة المفرغة. والدرس واضح: من يريد البقاء في التاريخ عليه أن يتعلم من تجاربه، لا أن يكرر أخطاءه.