صدر بيان مشترك عقب مباحثات رفيعة بين وزيري خارجية المغرب والبرتغال، حمل في طيّاته دعماً كاملاً من لشبونة لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل واقعي وذي مصداقية لقضية الصحراء. هذا الموقف البرتغالي يأتي في سياق إقليمي ودولي يشهد تحولات متسارعة، ويؤكد انخراط البرتغال الفعّال في دعم جهود الاستقرار والتنمية بشمال إفريقيا. ولم يكن الجانب السياسي وحده محور هذا التقارب، إذ تضمن البيان أيضًا احتفاءً بالذكرى 250 لتوقيع معاهدة الصداقة بين الرباطولشبونة، وهي إحدى أقدم المعاهدات الثنائية في المنطقة، تم توقيعها سنة 1774 بعد قرون من التوترات والصراعات البحرية التي ميزت العلاقات بين الإمبراطوريتين في العصور الوسطى. المعاهدة شكّلت آنذاك نقطة تحوّل فارقة، إذ أرست أسس تعاون قائم على احترام السيادة وتبادل المصالح، وتطورت لاحقًا إلى شراكة متينة شملت مجالات الأمن، الاقتصاد، الثقافة، والتنسيق في المحافل الدولية. ويأتي هذا التذكير بالتاريخ المشترك ليعزز من رمزية الحاضر، في ظل تطابق وجهات النظر بين البلدين بشأن قضايا إقليمية ودولية متعددة، وعلى رأسها دعم الحل السياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء، وفق مرجعيات الأممالمتحدة وروح المبادرة المغربية التي تحظى بدعم واسع النطاق دوليًا. التقارب المغربي البرتغالي اليوم لا يُختزل في مجرد علاقات ثنائية، بل يعكس نموذجًا ناجحًا في بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد تقوم على الثقة المتبادلة والرؤية المشتركة لمستقبل مستقر ومتعاون في ضفتي البحر الأبيض المتوسط.