أخنوش: الحكومة ستواصل خلال السنة الأخيرة من ولايتها تنزيل الأوراش الاجتماعية كما يريدها جلالة الملك    محكمة فرنسية تفرج عن مهاجرة مغربية رفضت الترحيل رغم وضعها غير القانوني    منسقة أممية تتفقد المينورسو بتندوف    900 مليون يورو من الفواكه والخضر المغربية تصدر نحو أسواق إسبانيا    سلا: مصرع جانح بالرصاص بعد اعتدائه على شرطي        وزراء يؤكدون أن مشروع "AYA" خطوة للمغرب نحو تفعيل استراتيجيته الصناعية وتعزيز سيادته الغذائية    أخنوش يستعرض حصيلة الحكومة خلال السنوات الأربع الأخيرة    استغلال سيارات أجرة بطنجة لوثيقة تسعيرة مزورة تجرهم للمساءلة القانونية    تفاصيل اغتيال كيرك المؤيد لترامب ونتنياهو بالرصاص    مهرجان بلجيكي يلغي عرضا لأوركسترا ألمانية بسبب قائدها الإسرائيلي    لامين يامال: "أحلم بالفوز بعدة كرات ذهبية"    رونالدو يثير الجدل بمتابعته مؤثر مسلم يقدم محتوى تعريفي عن الإسلام    لقجع يصدم خصوم الحاج أبرون ويحفظ مصداقيته أمام حملة تشكيك في طريق عودته لرئاسة المغرب التطواني    دي ميستورا يعري عورة الجزائر و ينسف مزاعم الحياد التي يجترها وزير خارجيتها عطاف        كيوسك الخميس | 40 دولة من مجلس حقوق الإنسان تجدد دعمها لمغربية الصحراء    أخنوش: حسابات سياسية عطلت تحلية المياه لعشر سنوات    "حيازة الكوكايين" يوقع مروجا للمخدرات في قبضة درك إساكن        الدوري المغربي ينطلق بطموحات جديدة    طيارون يقرون بميلهم المتزايد إلى أخذ قيلولة أثناء الرحلات الجوية    الصين تفرض عقوبات على "ريد نوت" بسبب محتويات "تافهة" و"سلبية"    مقتل طفل وإصابة آخرين جراء اقتحام سيارة حضانة قرب تورونتو بكندا    ارتفاع طفيف للذهب وسط توقعات بخفض الفائدة الأمريكية    المغرب يقود النقاش الإقليمي حول مستقبل الفضاء الأورو–متوسطي            مليلية .. اعتقال بارون مخدرات مطلوب من المغرب باربع مذكرات بحث دولية        الصين تكشف عن مخطط لتسريع تكامل الذكاء الاصطناعي مع قطاع الطاقة    معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات (CIFTIS) هذا العام.. القطاع السياحي والثقافي في قلب اهتماماته    بطولة انجلترا: الاصابة تبعد الدولي المصري مرموش عن ديربي مانشستر    هشام العلوي: الأجهزة الأمنية في المغرب تجاوزت صلاحياتها.. ودور الملكية في أي انتقال ديمقراطي يجب أن يكون أخلاقيا    أخنوش: حصيلة إعادة الإعمار بعد الزلزال مشرفة... ولم يعد إلا عدد قليل في الخيام    أخنوش: أنا "فرحان" لأنني لن أشرف على الانتخابات المقبلة    نحن جيل الذاكرة الحية    الفيلم المغربي "وشم الريح" يتوج بجائزة في مهرجان قازان الدولي    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري        حسام أمير يعيد إحياء "حكّام الرجال" بأسلوب معاصر    المغربي وليد الحجام يوقع لعامين مع جيروندان بوردو الممارس في الدرجة الرابعة لكرة القدم بفرنسا            بعد جدل طلاقها .. سكينة بنجلون تطلق نداء عاجلا لحسن الفذ    188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    صيف استثنائي بفضل الجالية.. 4,6 ملايين سائح بالمغرب خلال يوليوز وغشت    المنتخب الإماراتي لكرة القدم يتأهل إلى نهائيات كأس آسيا لأقل من 23 سنة    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرطي.. والكاتب الفاشل
نشر في الدار يوم 03 - 12 - 2019

"من لا يجدف هو الوحيد الذي بإمكانه أرجحة القارب" جون بول سارتر.
شاءت الأقدار أن تكون مهنة الشرطي في خط التماس الأمامي مع حقوق وحريات المواطن، وأن تكون المادة الخام التي يشتغل عليها هي إنفاذ القوانين بتدابيرها الاحترازية وإجراءاتها المقيدة للحقوق والسالبة لها، وهو ما يجعله في كثير من الأحيان في الجهة المقابلة لمن هم في خلاف مع القانون، أو في المكان الآخر حيث يصطف الضحايا في مواجهة المشتبه فيهم، بما يقتضيه ذلك طبعا من تجرد وحيادية وموضوعية مأمولة قدر المستطاع.
وهذا هو قدر الشرطي وأفراد عائلته على حد سواء، وهو أن يكون تحت مجهر المراقبة الإدارية والقضائية والشعبية أيضا، وأن يقارع أخطار الجريمة وأتون الانحراف، وأكثر من ذلك أن يقتطع حيزا كبيرا من وقت أسرته لخدمة قضايا الأمن في مفهومه الواسع. لكن من الشطط والتعسف أن نحمل الشرطي أوزار الآخرين، وأن نجعله مشجبا لخطايا الكتاب الفاشلين، ممن لا يحركون مجداف المجتمع، فيكونون وحدهم القادرين على إغراق القارب لا أرجحته.
منشأ هذا الحديث، يعود بالصدفة لمطالعة مقال منسوب لكاتب مغمور ينعت نفسه مَجازاً بالفاشل، بيد أنه في الحقيقة لم يزغ كثيرا عن ترصيد الفشل. فكيف لشخص ينشد النهوض بالحقل الثقافي، ويتطلع لنهضة الإعلام المسؤول، ويزايد على موظفي الشرطة في ترقياتهم، وهو يقبل عل نفسه بأن يقوم مُصحح لغوي في الجريدة الورقية الناشرة للمقال بأن يصحح له الهمزة في عبارة "أن نتحمل أخطاءكم" بدل" أخطاؤكم" وفق سياقها في الإعراب، وكيف لكاتب فاشل يزعم أنه يدبج الخواطر الشعرية ويناجي قريحة الرواية أن يتقبّل بأن يقوم الموقع العربي الذي نشر مقاله بأن يتصرف فيه لغويا، عندما صحّح له مثنى الفاعل أكثر من مرة، ففي الصيغة المنشورة ورقيا كتب الفاشل " وتكون الضحيتين"، قبل أن يستدركها الموقع الناشر ويقول "وتكون الضحيتان".
ألم يقل رائد الفلسفة الوجودية جول بول سارتر" أفضل شيء للإنسان، أن يعتني بتقييم نفسه وليس تقييم الآخرين"؟ أو لم يكن حريا بالكاتب الفاشل، الذي يعيش بطالة مقنعة في بناية إدارية بقلعة السراغنة، في وضعية شبيهة بميكروفيزياء السلطة، بأن يراهن على تجويد معجمه اللغوي، حتى لا يسخر منه المصححون، وأن يتطلع لتحسين مردوديته بما يخدم مصالح المرتفقين من عموم المواطنين، بدل أن يتفرغ لنشر استيهاماته الانطباعية التي تزعم تدفق نزيف الدماء على الإسفلت.
فالكاتب الفاشل، الذي يتنمّر على الشرطي، وينعت أجرته بالسمينة، يتناسى أن هذا الأخير يواصل الليل بالنهار في كثير من الأحيان، بينما هو يسدل على نفسه جلبابا صوفيا أبيض اللون ويواصل الليل بالنهار في المقاهي الشعبية خائضا في نميمة أو سابحا في "مونولوغ" عدمي. والكاتب الفاشل، الذي لا يميز بين مواضع الهمزة في سطرها وتحته، لا يمكنه أن يتحدث عن معجزات خارقة للأمن، وإن كانت الجريدة الناشرة قد حولت "المعجزة" إلى " عجز" في ظروف تحتمل أكثر من قراءة نقدية حسب حسن النوايا من عدمها إزاء الشرطيين.
وللتصويب المفاهيمي وليس اللغوي، يلفت الشرطي، الذي ينشد الترقية حقا وليس منحة، انتباه الكاتب الفاشل إلى أن الدماء لم تلطخ رداء الشرطيين في مدينة العرائش، بل إن حدس الشرطي هو من اهتدى لاستجلاء حقيقة الجريمة وراح يبحث عن أشلاء الضحية المغدور في ثلاجة الأب وزوجة الأب. أكثر من ذلك، لم يتطلب حدس الشرطي أكثر من ساعة فقط من تاريخ اكتشاف أجزاء من رفات الهالك في أديم أتربة مطرح النفايات، رغم سيناريو المتاهة الذي حبكه القاتل وزوجته المشاركة في الجريمة.
ولعلم الكاتب الفاشل، أن الشرطي فاعل في المجتمع، لا شريد في وسائط التواصل الاجتماعي، وهو مندور للصواب مثلما هو معرض للنقص، وهو حريص على مواصلة الإصلاح العميق والشامل لذاته ولمؤسسته، بيد أن من ينتقل من الفشل إلى الفشل الذريع، وهو يحسب نفسه كاتبا فاشلا بالاستعارة، بيد أنه في الحقيقة أفشل من الفشل، فإن أصدق ما ينطبق عليه هو اللامبالاة التي قال عنها أنطونيو غرامشي " اللامبالاة هي فن فقدان الإرادة، هي الكسل والتطفل والجبن. إنها كل هذه العناصر المضادة للحياة الحقيقية". ولسوء الحظ، فإن كل هذه العناصر تجسمت مجتمعة في كاتبنا الفاشل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.