مؤتمر الضحايا الأفارقة للإرهاب: اعتماد «إعلان الرباط» التزام إفريقي من أجل تعزيز آليات دعم ومواكبة الضحايا        الجامعة الوطنية للصحة تصعّد... احتجاجات جديدة واتّهامات مباشرة للوزارة بتأزيم الوضع    العراق يفتتح مشواره في كأس العرب بفوز مهم على البحرين    دول الخليج تجدد الدعم لمغربية الصحراء    تعزيز التعاون السياحي محور مباحثات بين عمّور والسفيرة الصينية بالمغرب    أوجار: الوزراء يواجهون بيروقراطية الدولة العميقة الموروثة عن البصري والمنتخبون تحت رحمة الداخلية    كأس العرب .. أسود الأطلس يستعرضون قوتهم بثلاثية في شباك جزر القمر    ميداوي: الجميع يتطلع إلى "حلب الدولة".. والترقية ترتبط بالبحث العلمي    محكمة الجديدة تدين المتورطين في اغتصاب طفل بموسم مولاي عبد الله    ذوو الإعاقة يطالبون بحقوق دستورية    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    "الكونفدرالية" تنتقد غياب الإرادة السياسية الحقيقية للدولة للبناء الديمقراطي ومباشرة الإصلاحات الكبرى    كأس العالم 2026… أبرز تفاصيل نظام القرعة        سجن العرجات: محمد زيان يشتري مواد غذائية بانتظام ولا يعاني أي تدهور صحي    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة    خلال ظهوره على RMC.. بنعطية يؤكد: صراع طبيعي بين مصالح النادي والمنتخب    ميناء الحسيمة يوقف أنشطته بسبب العواصف وارتفاع أمواج البحر    مراكش : العرض العالمي الأول لفيلم الست لمروان حامد    إصدار معجم الفنانين التشكيليين المحترفين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    انحراف قطار بضائع بين طنجة والدالية يتسبب في اضطراب مؤقت لحركة السير السككي    قراءة سياسية وإستشرافية للزيارة الملكية لدولتي الإمارات ومصر و هندسة جيوسياسية عربية جديدة    الدمناتي تدعو من منتدى دولي بمصر لتنسيق أعمق بين المؤسسات التشريعية لتقوية مسارات التعاون المتوسطي    شرطة مراكش تفك خيوط سرقة استهدفت سائحة أجنبية وتطيح بأحد المتورطين متلبساً    غزة تنعى 5 قتلى في ظرف 48 ساعة    الادعاء العام الأوروبي يوجه تهم الاحتيال والفساد لمسؤولة السياسة الخارجية السابقة    "تبّان كقناع".. ظهور غريب لعمر لطفي في مراكش يثير جدلا واسعا    المدينة الحمراء : من جامع الفنا إلى قصر المؤتمرات .. ألف عام من الفرجة!    شكري في ذكرىَ رحيله.. وعزلة بُول بَاولز في طنجة وآخرين    التعب أثناء السياقة يضاهي تأثير تناول الكحول    أسعار اللحوم الحمراء تواصل الارتفاع ومهنيون يوضحون..    إسرائيل تعلن أن معبر رفح سيفتح "في الأيام المقبلة" لخروج سكان غزة إلى مصر            استمرار ارتفاع أسعار المحروقات رغم التراجع الدولي يُعرض الحكومة للمساءلة البرلمانية    مولودية وجدة يكتفي بالتعادل مع رجاء بني ملال وجاره الاتحاد يحقق فوزه الثاني تواليا على حساب "الراك"    يسرا : فخري الأكبر هو الرصيد الفني الذي ستتناقله الأجيال القادمة    ألونسو: "مستوى ريال مدريد مقلق.. ونسعى لكسر سلسلة النتائج السلبية خارج الديار"    أمريكا تعلّق جميع طلبات الهجرة لرعايا 19 دولة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    مسؤولون يدعون إلى تعزيز الاستثمار وتسريع وتيرة تجديد الوحدات السياحية في سوس ماسة    مهرجان مراكش يكرم راوية ويمنحها "النجمة الذهبية" اعترافا بمسار حافل        الاتحاد الأوروبي يطوق الغاز الروسي    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    إسرائيل تتوصل برفات غير مطابق    سامسونغ تُفاجئ العالم بهاتف ثلاثي الطي .. والسعر يصدم الجميع!    بيليغريني: أمرابط لم يعد إلى التداريب    الحصبة تتراجع عالميا بفضل التطعيم    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدبلوماسية البرلمانية (2/1
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 21 - 12 - 2009

يعود أصل لفظة الدبلوماسية إلى اللغة اليونانية، فهي مشتقة من كلمة «دبلوما» ومعناها الوثيقة أو الشهادة التي تطوى على نفسها والتي كان يصدرها حاكم البلاد وتخول لحاملها امتيازات خاصة.
وباختصار يمكن تعريف الدبلوماسية كما تمارس حاليا على صعيد العلاقات الدولية بأنها علم وفن تمثيل الدول والتفاوض وإدارة العلاقات الدولية بالوسائل السلمية.
وإذا كانت الدبلوماسية بالمعنى السابق حديث العهد نسبيا، فإنها كفن التحاور والتواصل الإنساني قديمة قدم المجتمع البشري، وقد مورست في البداية بشكل بدائي يتلاءم مع مستوى تطور الحضارة الإنسانية في مختلف مراحل تطورها، كما أنها ظلت متلازمة مع شكل آخر من أشكال الاحتكاك البشري وهو الحرب.
وقد شهدت الدبلوماسية تطورات وتحولات كثيرة بتطور الحضارات وحاجتها للتعارف والسلم وحل الخلافات وتجنب الحروب، فظهر نظام السفراء والأشكال المتنوعة للمعاهدات وطرق إبرامها وآليات العمل الدبلوماسي.
وبفعل التطورالذي عرفته وسائل الاتصال والمواصلات وتصاعد دور الرأي العام شرعت الدول في وضع قواعد العمل الدبلوماسي وسياستها الخارجية عبر الاتفاقيات الدولية، كان أهمها مؤتمر فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1815 الذي أرسى الضوابط الأولى للدبلوماسية الحديثة ببعدها المهني. وتعد اتفاقية فيينا الثانية للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 المرجع الأساسي لهذا الحقل من التفاعل الإنساني، وقد تمخض عنها ما يعرف بالقانون الدبلوماسي الذي نص على مجموعة من وظائف الدبلوماسية التقليدية المتمثلة في التفاوض والتمثيل وجمع المعلومات وإعداد التقارير وحماية المصالح والرعايا.
في الدبلوماسية الموازية
لقد دخلت الدبلوماسية العالمية القرن الحادي والعشرين وهي متعددة الأشكال، مختلفة الأداء، متنوعة الأغراض، بسبب اتساع وتنوع مجالات العلاقات الدولية. وبذلك انضافت إلى وزارة الخارجية وبعثاتها الدبلوماسية أجهزة دبلوماسية أخرى، منها ما هو رسمي يعمل في العلن، ومنها ما يعمل في الخفاء. وعلى هذا النوع من الدبلوماسيات يطلق اسم الدبلوماسية الموازية.
أما الرسمي العلني منها، فهو ما أصبح معلوما من ممارسة الدبلوماسية الخارجية من لدن رؤساء الدول مباشرة بدلا من وزراء الخارجية الذين استفرد رؤساء الدول باختصاصاتهم. مما أصبحت معه دبلوماسيتهم حقلا محتفظا به للرؤساء كما يقال((domaine réservé . وتقوَّى هذا الاستفراد بإحداث نظام القمة التي يتخذ فيها الرؤساء القرارات بشأن القضايا السياسية الكبرى، حيث لم تعد من اختصاصات وزراء الخارجية كما كانت عليه في عهد الدبلوماسية التقليدية. كما يدخل في نطاق الدبلوماسية الموازية دبلوماسية المنظمات العالمية والجهوية التي تضع لها سياستها وتباشر تنفيذها، ولا يبقى لوزراء الخارجية إلا تطبيق توجهاتها. كما أصبح سائر الوزراء يمارسون الدبلوماسية داخل اجتماعات هذه المنظمات وخارجها، في غيبة وزراء الخارجية الذين كانوا يحتكرون إلى وقت قريب حق التوقيع على الاتفاقيات الدولية، فأصبح الوزراء المتخصصون يمارسون هذه الدبلوماسية ويوقعون على أوفاقها مع الوزراء في مكاتب المنظمات الدولية، أو في مكاتب بلادهم، بدون إشراف وزارة الخارجية، بينما كان التمثيل الدبلوماسي محصورا في وزارة الخارجية، لا تمارسه إلا أطرها فقط.
أما الدبلوماسية الموازية السرية، فقد عُهد بها إلى أجهزة المخابرات التي أصبحت من أهم الوسائل التي يعتمد عليها رؤساء الدول في تصريفهم للشؤون الخارجية، بحيث لا توجد اليوم دولة إلا ولها جهاز رسمي على الأقل للحفاظ على الأمن الخارجي، هذا إذا لم يُضَف إليه مكتب أمن قومي يعمل في العلن ويكون بجانب رئيس الدولة، كمكتب الأمن القومي الأمريكي المستقر بجانب الرئيس الأمريكي الذي يعمل في العلن بالبيت الأبيض، مع وجود المخابرات الأمريكية المنعوتة بالسرية.
ولأن هذه الأجهزة الموازية ترتبط بأعلى سلطة في البلد، فإنها تشكل منافسا قويا للجهاز الدبلوماسي التقليدي، أي وزارة الخارجية، بل إنها تراقبه عن بُعد، وتُقيِّم عمله، وتصحح معلوماته، وتعطي عن أدائه تقارير سرية لرئيس الدولة مباشرة. وقد يعطيها رئيس الدولة سلطة أوسع، فيُشْركها في اتخاذ قراراته السياسية، وحتى في اختيار السفراء والمبعوثين الدبلوماسيين التابعين إداريا لوزارة الخارجية.
وتعتبر البعثات البرلمانية من القنوات التي أصبحت تباشر الدبلوماسية الموازية، حيث أصبحت تلعب دورا كبيرا وفعالا في الدبلوماسية الحديثة سواء عبر الملتقيات والمؤتمرات البرلمانية الدولية والجهوية أو عبر الزيارات المتبادلة بين مختلف البرلمانات في العالم، وبعرف هذا الشكل من الدبلوماسية أيضا بالدبلوماسية البرلمانية.
الدبلوماسية البرلمانية
شهدت مساهمة البرلمانات الوطنية في مختلف الأنظمة السياسية - لاسيما الديموقراطية - في تدبير الشأن الدولي تطورا ملحوظا خلال العقود الأخيرة، بحيث أصبحنا أمام نوع جديد للدبلوماسية يعرف بالدبلوماسية البرلمانية Diplomacy Parliamentary، وذلك نتيجة لزيادة الاعتماد المتبادل بين الأمم والشعوب في مختلف المجالات الإنسانية، وتضاعف التحديات التي باتت تواجهها البشرية في هذا العصر.
وتتخذ الدبلوماسية البرلمانية شكلين أساسيين، يتمثل الأول في دبلوماسية برلمانية ثنائية وتتجسد في تبادل الزيارات والبعثات الثنائية بين مختلف برلمانات العالم التي لا تقتصر مهمتها على لقاء البرلمانيين بل تلتقي أيضا مع المسؤولين الحكوميين وأحيانا مع الفاعلين المدنيين. أما النوع الثاني فيأخذ طابع دبلوماسية برلمانية جماعية تمارس على صعيد المنظمات والاتحادات البرلمانية الدولية والجهوية التي تشكل أهم قنوات تفعيل الدبلوماسية البرلمانية. ويعتبر الاتحاد البرلماني الدولي أهم هذه الهيئات إلى جانب البرلمانات الجهوية كالاتحاد البرلماني العربي واتحاد البرلمانات الإفريقية...، غير أن البرلمان الأوروبي يقدم نموذجا فريدا في هذا الجانب لما يتمتع به من سلطات سياسية واسعة ولطبيعة انتخاب أعضائه، الذي يتم بالاقتراع العام المباشر في جميع دول الاتحاد، الأمر الذي ينبأ بدور رائد لهذا البرلمان الأوروبي في الدبلوماسية العالمية.
وتتمثل أهم وظائف الدبلوماسية البرلمانية في ربط التعاون بين البرلمانات الوطنية لحل بعض القضايا الدولية، المساهمة في حل النزاعات الدولية عبر تشكيل لجان للوساطة وتقريب وجهات نظر الأطراف المتصارعة، ودفاع البرلمانات الوطنية على قضايا بلدانها وشرح مواقف حكوماتها من القضايا المطروحة...
ورغم هذه الأهمية التي صارت تكتسيها الدبلوماسية البرلمانية في تنمية التعاون الدولي، إلا أن عقلنة العمل البرلماني في مختلف الأنظمة السياسية قيد إلى حد كبير من المساهمة الفاعلة للدبلوماسية البرلمانية في إدارة العلاقات الدولية المعاصرة. فباستثناء الولايات المتحدة الأمريكية حيث يمارس "الكونغرس" لاسيما مجلس الشيوخ سلطات واسعة واختصاصات هامة في مجال الشؤون الخارجية، فإن أغلب البرلمانات في العالم يعتريها ضعف كبير إزاء الصلاحيات الواسعة التي تحظى بها السلطة التنفيذية، خاصة فيما يخص التشريع في المجال الدبلوماسي ومراقبة النشاط الدولي للحكومة، ونادرا ما تكون قضايا السياسة الخارجية سببا لمساءلة الحكومة قصد سحب الثقة منها، وحتى إن كانت هناك رقابة برلمانية أحيانا في هذا المجال فإنها تكون لاحقة تنصب على الفعل بعد اتخاذه.
(*) ( باحث في العلاقات الدولية - الناظور)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.