عصبة الأبطال الافريقية (دور المجموعات).. فريق الجيش الملكي ينهزم أمام مضيفه يانغ أفريكانز التنزاني (1-0)        وضع سيدة مولودها في "الترامواي"... وزارة الصحة تقول: أحيلت على مستشفى الرازي للأمراض العقلية    جلالة الملك يهنئ الجيش الملكي النسوي عقب تتويجه بدوري أبطال إفريقيا للسيدات    وكالة التنمية الرقمية تعقد مجلسها الإداري السابع وتصادق على خارطة طريقها الجديدة ل 2030    اليماني: مجلس المنافسة يتهرب من مواجهة الاحتكار في سوق المحروقات        الداخلة .. تنظيم لقاء علمي حول الذكاء الاصطناعي في أبعاده الاجتماعية والسيادية    بسبب عدم اختياره كأحسن حارس.. أحمد الشناوي يشن هجومًا لاذعًا ضد جوائز "الكاف"        موسيقى كناوة المغربية تلهب حماس الجمهور في مهرجان فني بالكويت    الغلوسي: مافيات الفساد تغولت على الدولة والمجتمع وأصبحت تدفع البلد نحو المجهول    نادي آسفي يستكمل التحضير في مالي        الأمن يكشف تفاصيل الفيديو المتداول بالقنيطرة ويؤكد توقيف المشتبه فيه    إجراء ناجح لعمليتين في القسطرة القلبية بمستشفى محمد السادس بأكادير    ملف موسّع لمجلة "تيّارات يهوديّة" يرصد حياة وإرث الناشط المغربي اليهودي سيون أسيدون    البرازيل.. إيداع الرئيس السابق جايير بولسونارو رهن الاعتقال الاحتياطي    انتفاضة آيت باعمران... محطة مفصلية في مسار الكفاح الوطني لاستكمال الوحدة الترابية    مجلس المستشارين يعقد الثلاثاء المقبل جلسة عمومية مخصصة للأسئلة الشفوية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة    الحسيمة .. قافلة نحتافلوا كاملين تحط الرحال بأجدير    لجنة الأفلام تُطلِق برنامج قطر لحوافز الإنتاج السينمائي والتلفزيوني (QSPI)    تنظيم مهرجان فاس السينمائي العربي الإفريقي    هل يصيب الذكاء الاصطناعي بعض الناس بالتوهم؟    قوات روسيا تعلن عن تحرير بلدتين    أكبر جمعية حقوقية بالمغرب تدين تواتر الأحكام القضائية القاسية في حق محتجي "جيل زيد"    جلالة الملك يهنئ الرئيس اللبناني بمناسبة العيد الوطني لبلاده    الإنتربول تشيد بالدور الإستراتيجي للمغرب في مكافحة الجريمة العابرة للحدود    الطالبي العلمي بمؤتمر الاتحاد البرلماني الإفريقي: التنمية الحقيقية رهينة بتعزيز سيادة الدول الإفريقية على مواردها الطبيعية    مطالب بفتح تحقيق في التدخل في القضاء في ملف تسريب مداولات لجنة تأديب الصحافة    لجنة الأفلام في قطر تحصل على حقوق قصة "قيصر"    أفراد طاقم فيلم "صوت هند رجب" وأبطال القصة الحقيقيين في مهرجان الدوحة السينمائي: صوت هند هو صوت غزة وكلّ الفلسطينيين    نبيل باها .. أداء اللاعبين في المنافسة كان استثنائيا    حادثة سير خطيرة تودي بحياة 4 أشخاص في بوجدور    ساركوزي يكتب عن السجن: كما هو الحال في الصحراء.. تتقوّى الحياة الداخلية في السجن    ارتفاع الدرهم بنسبة 0,4 في المائة مقابل الدولار    القاهرة تستعجل تشكيل "قوة غزة"    الأمم المتحدة: الإمدادات الغذائية لغزة تتحسن منذ وقف إطلاق النار    عقار : ارتفاع مؤشر الأسعار في الفصل الثالث من سنة 2025    أرسنال يفقد مدافعه غابرييل لأسابيع    طقس مستقر في توقعات اليوم السبت بالمغرب    وفاة ثلاثيني وإصابة شاب آخر في حادثَيْ دراجة نارية متتاليَيْن داخل نفق "مركز الحليب" بطنجة    بوعرعار "كبير المترجمين".. سفير لغوي متجول بارع ودبلوماسي "فوق العادة"    الداخلية تلزم الجماعات بتحديد تسعيرة الضريبة على الأراضي غير المبنية لتشمل الدواوير... تغازوت نموذجا (فيديو)    بن هنية: "صوت هند رجب" يتخلّد حين يصل نفس الشعور إلى كافة الناس    لوحة بورتريه لفريدا كاهلو تصبح أغلى عمل فني من إنجاز امرأة    "الأول يكشف تفاصيل استنطاق "بوز فلو".. الرابور أمام القضاء بسبب اتهامات مرتبطة بمضامين أغانيه    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس تونسية..

ارتفاع الحرارة في تونس المعروفة بقوة نظامها البوليسي، ثم التخلي العنيف عن نظام بنعلي، يطرح العديد من الأسئلة. وفي قلب تشعب مسببات هذا الزلزال السياسي، فإن شكل التدبير الإقتصادي لنظام تحكمي، أكثر من خيار القمع نفسه، هو الذي ينير أكثر البقاء والإنهيار غير المنتظر لنظام كان شركاؤه متسامحين معه، وكان مأخوذا إلى حد ما - بالطاعة التي ينتجها. إنه درس للتطورات، مفيد للكثير من البلدان النامية أن تتعلم منه.
بداية، تؤكد لنا أحداث تونس أن الفعالية الإقتصادية ليست ضامنة بالضرورة للإستقرار الإجتماعي. والنموذج الإقتصادي ل «قصة النجاح » المغاربية قد تلقى ضربة جدية. فأمام الضغط الإجتماعي، برز للوجود واضحا، أنه مثال غارق في الإرتهان المبالغ فيه إلى سوق وحيدة، من خلال التخصص في قطاعات (مثل النسيج والسياحة) تعتمد على يد عاملة غير مؤهلة. وهو نموذج لا يمنح إمكانية العمل للوافدين الجدد إلى سوق الشغل ممن هم ذوي كفاءة وتأهيل. نموذج حيث الإقتصاد والطلب الإجتماعي يمولان عبر ديون تغرق المؤسسات والأسر، من خلال القروض والمدينون المشبوهون. كان واضحا، أن الخطاب السياسي التونسي قد بالغ في ادعاء انتصارات على مستوى التنمية الإقتصادية والإجتماعية التي تجمل واقعا جد مأزوم.. واقع سوق الشغل، والطبقة المتوسطة والكفاءات الإقتصادية.
ثاني الأمور، يفضح الحال التونسي النتائج الكارثية للعلاقات المشبوهة غير النظيفة بين عالم الأعمال والسياسة. إن عائلة رئيس الدولة حين تتجاوز بيسر كل الخطوط الحمراء الفاصلة بين الحياة الخاصة والشؤون العمومية، تدفعنا على أكثر من صعيد إلى اليقين، أنها مطمئنة من عدم جدوى أية ملاحظات، بسبب أنها ضامنة لتسامح غريب من العدالة وتغاضيها. الأمر هنا يتعلق بحماية رئاسية لإنزلاقات الطحلب الوسخ. إنه فريق يتماهى مع مافيا تعتمد الترهيب والإبتزاز، من أجل وضع اليد على ثروات البلاد. نحن هنا أمام سلوك غير مشروع وغياب للأخلاق. وفي قلب هذا الجشع الهدام ليس هناك سوى فضائح الإغتناء غير المشروع. الأمر فيه مساس بشفافية محيط الأعمال وبعدم اطمئنان للمستثمرين - خاصة المحليين - في غياب العدل وبسبب فقدان الثقة في القضاء.
ثالث الأمور، تونس هي أيضا الفشل في تخليق المؤسسات الإقتصادية الإحترافية، التي تتم دعوتها بالمقابل للإنخراط في استراتيجية للمصالح المشتركة وفي شبكة للمصالح المتقاطعة أو في أشكال للتوافق المتفاوض حولها. لقد انتهى القطاع الخاص إلى فهم، أنه في هذه المسرحية المفتوحة عليه إدراك حجم الهامش المسموح له به وكذا النتائج المترتبة عنه. بل إنه حسب الحاجة والسياقات، فإن الورقة المالية والضريبية تستعمل لإبتزاز أو إضعاف المؤسسات القوية في ذلك القطاع الخاص. كل شئ مراقب ومعروف المسار في مجال الأعمال، سواء عبر تقنية الرعاية أو الدفع نحو التطويع. هذا النظام ينتهي بالتسبب في الأعطاب المهددة للإقتصاد (الزبونية، الرشوة)، وأيضا نوعا من عدم الإستقرار الإجتماعي.
رابعا، تونس هي أيضا فشل هيمنة الحزب - الدولة. فحين تقلد بنعلي الحكم، كان قد التزم بتعزيز دولة القانون من خلال تحديث المؤسسات السياسية. الأمر كان كلام ليل يمحوه النهار. فخلال ربع قرن من الحكم، نجح بنعلي في أن يجعل مؤسسة الرئاسة في موقع المهيمن فارضا رؤيته في اختيار الحكومات والرجال وتحديد التوجهات، ملزما الكل بشروطه على مستوى إنتاج وتدبير قواعد اللعبة السياسية. لقد أصبح «الحزب - الدولة » الزاوية التي فيها تنسج التداخلات المشتركة بين الفاعلين الإقتصاديين والعدالة، مرورا بالتنظيمات الإجتماعية والشرطة. والتقارب الحاصل بين الحزب والإدارة سمح للسلطة السياسية الحاكمة أن تستعمل مختلف آليات التمويل، والسياسة الإجتماعية، والخوصصة، لخلق تبعية تجعل من طلب رضى الدولة أمرا إلزاميا، من أجل الولوج إلى أي تطور إجتماعي أو تحقيق ثراء أو الفوز بالأمن والحماية، بغاية الإبتعاد عن خطر التهميش. لقد أصبح الحزب والشرطة أداتا السلطة للتطويع، التي تفتح أملا واحدا هو أن التماهي مع النظام يفتح الباب لكل الحلول والتسهيلات لمن يرغب في الإلتحاق، مثلما هو إنذار وتحذير وعقاب شديد لكل من تجرأ على النقد. فحين وضع النظام عراقيل أمام التنظيمات المعارضة، إنما غدى من نزيفه الداخلي بسبب من قطيعته مع العمق المجتمعي. إن اتباع سياسة احتواء الحريات الفردية والعامة قد منع البنى الإجتماعية من امتلاك آلية الدفاع بإزاء رقابة الدولة.
ختاما، لقد دمرت أحداث تونس ذلك الوهم الذي كان ينسج حول الإنضباط السياسي والإقتصادي التونسي، أي: الإستقرار، الحماية الإجتماعية، النجاح الإقتصادي،، إلخ. مثلما دمرت، أيضا، وهم العقد الإجتماعي الذي يربط الدولة التونسية بالمجتمع، من خلال العلاقة الجدلية بين الدعة الإقتصادية والإجتماعية والتحكم السياسي. إنها، أساسا، قد تفهت الإنغلاقية الإقتصادية التونسية، المغلفة بقواعد «التدبير الجيد»، لكن الغارقة في التحكمية أكثر من احترام الحريات واستقلالية قرار الشركاء. مثلما عرت، أخيرا، تسامح الشركاء الدوليين، وازدواجية خطابهم، واستقالتهم أمام القمع الذي ووجه به الشارع. نتمنى أن يقدم لنا الإنتقال التونسي نموذجا أكثر إغراء، تتعاضد فيه كرامة المواطن مع ضوابط العدل والحق.
ترجمة: لحسن العسبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.