يصطدم المستهلكون في مدينة طنجة مع انطلاق موسم التخفيضات بنفاد سريع للمنتجات المعروضة، ليس بسبب الإقبال الشعبي الاعتيادي فحسب، بل نتيجة "هجمة" منظمة يقودها تجار صغار ووسطاء يعمدون إلى اقتناء كميات ضخمة من السلع المخفضة، بهدف إعادة بيعها لاحقاً في أسواق موازية بأسعار مرتفعة. وترصد مشاهدات ميدانية في المتاجر الكبرى، ولا سيما تلك الخاصة بالعلامات التجارية المعروفة في قطاع الملابس الرياضية والأحذية، تحركات مكثفة لوسطاء يعملون على تجميع تشكيلات واسعة من القطع المخفضة منذ الساعات الأولى لفتح الأبواب. وتؤدي هذه الممارسات إلى نفاد المقاسات الأكثر طلبا في وقت قياسي، مما يحرم المستهلك الفردي من فرص الشراء ويفرغ العرض الترويجي من محتواه الاجتماعي. ويشير مهنيون في القطاع إلى أن المتاجر تجد نفسها عاجزة عن منع هذه الظاهرة، حيث لا تتوفر على أدوات قانونية تتيح لها تقييد عدد القطع المسموح بشرائها لكل زبون. ويستغل هؤلاء "المضاربون الصغار" هذا الفراغ لتكديس السلع وإعادة ضخها في قنوات بيع صغيرة لا تتحمل أعباء التسويق والتشغيل، محققين بذلك هوامش ربح تعتمد كليا على فارق السعر بين التخفيض والقيمة الأصلية. ومن الناحية القانونية، تظل هذه الممارسات عالقة في منطقة رمادية؛ إذ لا يتضمن القانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك نصوصا صريحة تمنع إعادة بيع المنتجات المخفضة، طالما خلت العملية من الغش في الجودة أو التضليل في المصدر. غير أن متابعين للشأن الاقتصادي يرون أن غياب الردع القانوني يضرب مبدأ تكافؤ الفرص في الوصول إلى العرض، ويشوه بنية السوق عبر خلق قنوات توزيع طفيلية. وفي الوقت الذي تعتمد فيه أسواق أوروبية مماثلة نظما صارمة تشمل تحديد سقف للمشتريات وفرض تتبع إلكتروني لمسار السلع لمنع إعادة دمجها في الدوائر التجارية غير المرخصة، يفتقر الإطار التنظيمي المغربي لأدوات مماثلة. ويبقى غياب آليات الرقابة البعدية على مآل البضائع عاملا أساسيا في استمرار هذه المضاربات التي تحول التخفيضات من فرصة للمستهلك إلى أداة للربح السريع لفئة من الوسطاء.