اعتبرت الصحف الجزائرية ، الصادرة يوم الاثنين، أن إقالة الفريق أحمد لمين مدين المعروف باسم (توفيق) من على رأس جهاز الاستعلامات والأمن، مؤشر على "تخبط داخل النظام" السياسي في الجزائر. وذكرت صحيفة (ليبرتي) أن هذه الإقالة هي في حد ذاتها "انهيار أسطورة، من دون الكثير من الضوضاء" كما يبدو ذلك من أول وهلة، موضحة أن الفريق توفيق عمر 25 سنة فوق هرم أعلى جهاز أمني في الدولة.? وبحسب افتتاحية الصحيفة، فإن هذه الإقالة "إذا كانت تترجم الرغبة في فتح صفحة جديدة، فإنها لا تعني أن الجزائر دشنت مرحلة سياسية جديدة لإقرار الديمقراطية والشفافية، ولكنها أشرت على تخبط داخل النظام". من جهتها، رأت صحيفة (الخبر) أن إحالة الفريق محمد مدين على التقاعد "لم تؤكد كما لم تنف صراع الرئاسة والمخابرات"، ملاحظة أن دورة الحياة "لا يمكنها إسقاط الجنرال توفيق من علو 25 سنة على رأس الجهاز بهذه السهولة، وهو من ينسب له صفة صانع الرؤساء". وكتبت تحت عنوان "الرئيس يطيح ب?صانع الرؤساء"، أن تسلسل الأحداث في علاقة الرئيس بوتفليقة بجهاز الاستعلامات منذ تواجده في باريس للعلاج، بدءا من يوم 27 أبريل 2013، "يؤشر على مسعى للرئاسة لوضع حد لفصول هيمنة المخابرات على الدولة، ورثت عن نظام ما بعد الاستقلال"، مذكرة بأن عمار سعداني الأمين العالم لجبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) انتفض في خرجات سابقة على الجنرال توفيق، وحمله مسؤولية "مصائب" في البلد، و"الفشل" في حماية الرئيس بوضياف الذي اغتيل بعنابة عام 1992، والفشل في حماية شخصيات ومواقع حساسة في الجزائر. وتوقعت صحيفة (الشروق) أن تؤدي إقالة الفريق توفيق إلى حدوث "تغيير جذري في البلاد"، ناقلة عن رجالات السياسة في الجزائر إجماعهم على ضبابية هذا القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية. وبحسب آراء هؤلاء السياسيين، تضيف الصحيفة، فإن هذا القرار بالرغم من أنه يأتي، وفق الظاهر على الأقل، كنتيجة طبيعية لسلسلة من التغييرات التي مست المؤسسة العسكرية، فإن تفسير إحالة هذا "الرجل الشبح" على التقاعد، يلفه الكثير من الغموض من حيث خلفياتها العميقة، حيث "تذهب بعض القراءات إلى ترجيح فرضية الصراع بين الأجنحة، لكن البعض الآخر يبدو متفائلا بإحداث تغيير جذري في البلاد مستقبلا، على أساس أن كل ما يجري من تطورات هو نتاج تفاهمات توافقية في هرم الحكم، للدخول في مرحلة جديدة من تاريخ السلطة". وسجلت صحيفة (المحور اليومي)، بدورها، على أن هذه الإقالة تأتي في ظرف حساس تميز بالحديث عن إصلاحات حاصلة في المؤسسة العسكرية التي ظلت، بحسب العديد من المتتبعين، طرفا فاعلا في السلطة وتعيين الرؤساء إلى وقت معين. وأشارت إلى أن هذه الإقالة تزامنت واللغط الإعلامي حول الصراع المحتمل بين المخابرات والرئاسة، وهذا ما رهن القرار السياسي في الجزائر وجعله بين أخذ ورد، وفي ظل الحديث عن "مرحلة ما بعد توفيق وأين تتجه الجزائر في ظل هذا التغيير الهام والذي لم يكن متوقعا، في فترة تحديات خطيرة أمنية واقتصادية كبيرة". وعبرت مديرة نشر صحيفة (الفجر) عن عدم فهمها هذا النوع من الصراعات، متسائلة إن كان "إبعاد" الفريق توفيق "عقوبة أم نتيجة حتمية لنهاية مرحلة، بدأت بجملة من الإصلاحات في قاعدة المؤسسة بإعادة المديريات التي ألحقت بمؤسسة المخابرات إبان الأزمة الأمنية إلى المؤسسة الأم، وانتهت بإبعاد الفريق مدين الذي، وحسب مقربين منه، بقي طوال هذه المدة برغبة من الرئيس نفسه، الذي رفض له أن يستقيل". وتابعت "مهما يكن من أمر هذه التنحية، سواء بناء على استقالة، أو إقالة والتي لم تفاجئ أحدا، إلا أنها تؤسس لمرحلة جديدة، بل هي فك للغز عملية لي الذراع في أقطاب الحكم، وهي نهاية مرحلة، مرحلة تسيير الأزمة الأمنية، وما تبعها من فساد وتلاعب بمصير البلاد والمؤسسات"، خالصة إلى أنه "لا يمكن أن نتحدث عن مرحلة جديدة، إلا بإبعاد باقي 'الشيوخ' الذين عمروا على رأس المؤسسات".