طلبت منها وزيرة الثقافة الهولندية إلافوخلار أن تصمم لها زيا خاصا يترجم التثاقف المعني والخلاق بين الحضارات، و يعكس انسجام الوجود العربي الإسلامي في هولندا مع انتمائه الوطني للدولة الوطنية الحاضنة. ارتداء وزيرة الثقافة لهذا الزي، من تصميم مبدعة من أصول مغربية أقام الدنيا ولم يقعدها في صفوف اليمين المتطرف في هولندا. بل نهض زعيم هذا التيار، خيرت فيلدرز النائب في البرلمان الهولندي ,المعروف بعدائه المعلن للاسلام، ومطالبته بترحيل المهاجرين المسلمين خارج هولندا، بالهجوم على الوزيرة، ونعتها بالتحالف مع الإسلام الذي يهدد سلامة هولندا. لكن هذا الهجوم فتح باب الشهرة واسعا أمام المصممة المغربية الشابة. لفت خطاب فيلدرز الأنظار إلى ما تقوم به هدى، وأخذت مختلف وسائل الإعلام في هولندا تدعوها للنقاش حول مشروعها من جهة وحول ما ذهب اليه خطاب النائب. لاحظ الجمهور الهولندي الواسع حجم المسافة بين التطرف الحاقد، وبين الرغبة الخلاقة في التقارب والسلام بين الحضارات والشعوب عبر الرسالة الرئيسية التي تحملها هدى، التي اختارت أن ترد على الهجوم المجحف الذي شنه ضدها هذا النائب . ولدت هدى الفشكة الديوان بهولندا، من أبوين مهاجرين, لكن والدتها فضلت أن تعود بها للمغرب من أجل أن تتعلم اللغة العربية وأصول الدين في فضاء الثقافة الأم,ولم تعد لهولندا إلا في سن السابعة عشر، لكي تتمم دراستها الجامعية,حيث درست الهندسة الإلكترونية، واشتغلت بعد تخرجها من الجامعة كمهندسة اتصالات في أكبر شركة للإتصالات في هولندا.إلا أنها فضلت بعد ولادة طفلها الأول (هي الآن ام لثلاثة أولاد) أن تتفرغ لتربيتهم وفق إيمان عميق بدورها كأم،» لكن بالمقابل كان تقييدا حقيقيا لذلك الزخم الجارف من العطاء ومن الطاقة والطموح مما كان يشتعل في اعماقي ,تقول هدى» لذلك التفتت لتوظيف ذلك في مجال عزيز ورثته من والدتها وهو مجال الخياطة, حيث كانت أمها على قدرة خلاقة في هذا المجال, وعلى يديها تعلمت فنون وأسرار التطريز المغربي، وحياكة القفطان المغربي وفكرت معها في فتح دار للأزياء تمنحها هدى قدراتها في مجال الاتصالات، وتمنحها والدتها قدراتها في مجال تصميم وتطريز وحياكة الأزياء, هكذا ولدت «دار زهراء للأزياء» على اسم والدتها ,التي صارت اليوم علامة معروفة على المستوى العالمي. كانت تلك البداية، وبعدها اختلط دور الأم بدور البنت التي أصبحت مصممة مشهورة، وتفرغت كليا لهذا المجال. الذي «اخترت من خلاله ,تقول هدى,أن ألعب دوري في التعريف بثقافتي والسعي لنقل منتوجنا المغربي في هذا المجال إلى مصاف العالمية.» هدى حريصة للذهاب دوريا للمغرب والغوص في فضاء الهوية، والمشاركة في مختلف التظاهرات والعروض التي تقام هنا من جهة، وأيضا إشراك المبدعين والمبدعات المغاربة فيما تنظمه في هولندا من تظاهرات, بحيث كانت وراء دعوة العشرات منهم سنويا للمشاركة في أهم العروض التي يحضرها رموز المهنة ورموز السياسة في البلد. ومن تم جاءت فكرتها لإنشاء تظاهرة «قفطان بلادي» في فضاء امستردام. الموعد الفني لعرض الأزياء المغربية التقليدية في هولندا تعزز بمشروع هدى الإعلامي مجلة بلادي مود «أي الموضة الشرقية القادمة من بلادي الأم»، والتي تعني بنشر والترويج لهذا المشروع الحضاري الذي يدعو لتلاقح الحضارات والثقافات عبر لغة الأبداع في مجال الموضة والأزياء. وخلال عروض الأزياء السنوية التي تحتضنها هذه التظاهرة ,تقول هدى «نقوم بدعوة ثلاثين عارضا من أهم مصممي الأزياء المغاربة للخوض في التجربة العالمية. ونحن ندعو كل مرة شخصية هولندية مهمة كضيف شرف لرعاية الحدث.اسعى مع عدد من زملاء المهنة لتطوير آليات عمل عالمية جديدة تسمح لنا بأن نشتغل من أجل خلق قوة عربية فاعلة في هذا المجال. لأن المفردة الثقافية العربية قد دخلت بقوة لعالم الأزياء، لقد أثمرت هذه الجهود في لفت النظر الى أهمية وقيمة الموروث الحضاري العربي في هذا المجال,حيث أن آخر عرض لفالنتينو على سبيل المثال استند الى التطريز المغربي وزاوج بين ابداعاته المعروفة وما استوحاه من التقليد المغربيف...بقدر ما يسعدنا هذا الاعتراف العالمي، ويلفت النظر الى القيمة المضافة لهذا المنتوج، بقدر ما يجعلنا نفكر بعمق في ضرورة توحيد جهودنا لخلق قوة منظمة وفاعلة». لأجل بلورة حلم العالمية للقفطان المغربي, اتصلت هدى بمديرة مهرجان العرس الشرقي في باريس زبيدة شرقي, لكي تتوحد جهودهما على تطوير موعد عالمي يحتفل بثقافة الأزياء الشرقية، ويجمع بين عروض العرب وعروض المسلمين في مختلف اصقاع الأرض للإحتفال بالموضة الإسلامية ,حيث أثمر العمل تنظيم»إسلامك فشن أوارد» الذي يحتضنه مهرجان العرس الشرقي في باريس. في فضاء هولندا، البلد التي اشتهر بارتفاع أصوات المتطرفين المعادين للإسلام، الذين ما فتئوا يشنون الهجوم ضد الحضور العربي الإسلامي ورموزه في المنطقة، كان لنجم هذه المبدعة المغربية الأصل أن يلمع شاهقا في عالم الأزياء والموضة الهولندي/ والعالمي بهوية مغربية, اختارت هدى الفشكة الديوان أن تحفر باتجاه الهوية العربية والإسلامية في تصميماتها، وأن تروج لثقافة «القفطان المغربي» باعتباره جوهرة إبداعية من شأنها أن تتربع على عرش الموضة العالمي، وتنافس أكثر الازياء عالمية. «لقد انتصرنا على التطرف في هولندا» تقول هدى, لقد اشتهرت التصاميم الشرقية وصارت مطلبا للشارع الهولندي، حتى أننا صرنا الآن نفكر في إنتاج القفطان المغربي على مستوى تجاري واسع يصل بالسعر المناسب لكل بيت.»